هل حان الوقت فعلًا لفصل الكتب عن النصوص من منطلق أن الكتب عبارة عن تحف ومنتجات ثقافية وأشياء فريدة من نوعها... تساؤلات يحاول كتاب "الكتب كتاريخ" الإجابة عنها.

إيلاف: بعد تجدد النقاش أخيرًا حول فكرة "المكتبات الخالية من الكتب" و"الكتب المادية في مواجهة الكتب الإلكترونية"، خاصة في ضوء ما تحظى به تلك الفكرة من أهمية في أوساط المؤرخين، أمناء المكتبات وهواة جمع الكتب، طرح ديفيد بيرسون، مدير قسم المكتبات والأرشيف ومعرض غيلدهول للفنون في مدينة لندن، بعض التساؤلات، مثل "ما الذي تقدمه إلينا الكتب، بخلاف الكلمات، وكيف تساهم نسخها المادية وأشكالها في ما تحظى به من تأثير عام؟، وأين يمكننا الفصل بين الكتاب كنص والكتاب كموضوع، ذلك الشيء الذي لا يمكن تكراره بالكامل عبر نقل المحتوى إلى وسيط آخر؟".

مؤشر اختلافات الطباعة
وبعد طرحه تلك الأسئلة، حاول ديفيد أن يستكشف مختلف الطرق التي تخاطب بها الكتب المادية هؤلاء الذين سينصتون - من خلال الطريقة التي تتم بها طباعتها، تزويدها بالصور والرسوم، تشريحها، تغييرها أو تشويهها.

بالفعل استطاع ديفيد أن يقنع الجميع في كتابه الجديد الذي أطلقه بعنوان "الكتب كتاريخ - Books as History" بأن الوقت قد حان بالفعل لفصل الكتب عن النصوص، من منطلق أن الكتب عبارة عن تحف، منتجات ثقافية وأشياء فريدة من نوعها.

تطرق ديفيد في كثير من فصول الكتاب إلى فكرة التنوع، حتى في الكتب ذات الإنتاج الضخم، وأكد على فكرة أن الاختلافات الصغيرة في الطباعة (بين الطبعات والمطبوعات) أو الربط غالبًا ما يمكنها أن تكشف لنا الكثير عن الثقافة التي أفرزتها.

تغير المعنى حسب التجارب
سيحظى فصل "التنوع من خلال الملكية" بأهمية خاصة بالنسبة إلى جامعي نسخ الكتب الخاصة بالمؤلفين، لأن ديفيد تتبع فيه الطريقة التي يضيف بها المصدر طبقة أخرى من المعنى إلى كتاب من خلال النقوش، التعليقات التوضيحية، الطوابع، الملصقات، الهوامش، الزينة، الأشكال الزخرفية وغيرها من المعلومات الخاصة بنسخة بعينها.

جاء هذا الفصل، مثله مثل كل الفصول، مُوضحًا بشكل جميل بوساطة صور ارتباطات كاملة الألوان، ملصقات زخرفية، صفحات طباعة، صفحات مخطوطات، سترات غبار، إعلانات وفن الكتب. 

في الفصل الثاني الذي جاء بعنوان "كتب بعيدًا عن النصوص"، تحدث ديفيد عن 3 نسخ من قصيدة لويليام شكسبير (واحد مطبوعة عام 1609، واحدة تعود إلى القرن الـ 20 وأخرى مكتوبة يدويًا) ثم طلب من القراء أن ينظروا كيف يمكن لمعنى النص أن يتغير في كل تجربة قراءة. 

تنقيح لمواكبة العصر
علق على ذلك بقوله "الطباعة، التخطيط، التنسيق المادي وكل ما يحيط بالكلمات نفسها هي عوامل تساهم في الإطار الذي يتكون داخله المعنى، وهو ما وددت أن أوضحه".

وقد تم تنقيح تلك النسخة من الكتاب، الذي نشر أول مرة في 2008، بغية إبراز وإظهار كم التغييرات الهائلة التي طرأت على صناعة الكتاب خلال السنوات القليلة الماضية. 

أعدت "إيلاف" التقرير نقلًا عن مجلة "فاين بوكس"، الرابط الأصلي أدناه:
https://www.finebooksmagazine.com/issue/201108/history-1.phtml