صدرت للاديب العراقي خالد الوادي روايته التي تحمل عنوان (منفى الزرازير) عن دار لأرسل للنشر والتوزيع، في شارع المتنبي ببغداد ، وهي الرواية الثانية له بعد &رواية (كاشان) عام 2012 فيما صدرت له ثلاث مجاميع قصصية وهي (مذكرات طفل) عام 2004 وفاكهة مجففة عام 2009 وأنت أجمل امرأة في العالم عام 2011، ويركز المؤلف على مصطلحين رئيسيين هما (الثقة الناقصة والثقة المطلقة) ومدى تأثيرهما على الحياة العامة بالنسبة لمجتمع متوجس من ذاته .
& &تقع الرواية بـ 264 صفحة من القطع المتوسط ،صمم غلافها احمد هاني، موزعة على &39 فصلا &بالاضافة الى الفصل الاخير الذي سماه (النهاية) ،افتتحها كاتبها بقول لجان جاك روسو (يولد الانسان حرا وهو مقيد بالاغلال من كل مكان) ، ويهديها الى (روح امي التي علمتني معنى الحب) ، ويضع على الغلاف الاخير كلمات معبرة (العالم لا يهدأ ابدا، والحياة وجه محير،يقول احد الكتاب الذي اثار مشاعري كثيرا قرأت كتابه :(اننا ملزمون بالاستمرار،وملزمون ايضا بالخوف والجبن،اننا اضأل مما يعتقد العقل، ولكننا دائما ما تقاوم ،والمقاومة دافع غريزي لاجل البقاء) ، ويضيف: واسأل نفسي عن البقاء المرتبط بالخوف ومن الخديعة والسيئين وايضا ذلك التربص بنا .. بالحقيقة كان التربص شاملا لم يستثن مكانا ،ولا خيارات امام المرء في اللجوء الى منفى آمن،لا منافي هنا في ارض باتت ملكا للمتربصين ) .
& &تدور احداث الرواية في ثمانينيات القرن الماضي، ايام الحرب العراقية الايرانية لكنها لا تتناول الحرب الا في جوانب تأثيرتها على البعد ،تصاعدا الى ما بعد التغيير الكبير عام 2003 ، والتغييرات التي حصلت ومنها (ان مركز الشرطة تبدل طلاؤه من البني الفاتح الى الازرق والشرطيون ارتدوا الازرق بدلا من الزيتوني الذي كان شائعا في حقبة مضت ،اما المنظمة الحزبية فتحولت الى مسجد يؤمه الناس لاداء الصلاة) ، بطل الرواية شاب معاق ذو ساق واحدة ، من الولادة، وما كان يريدها من الحرب مثل الكثيرين الذين حاولوا الهروب من جبهات القتال ببتر اطرافهم ومن ثم تعرضوا للموت لان السلطات اكتشفت ذلك ، ذو ساق واحدة . يحب الحياة وينطلق في ارجائها مثلما ينطلق مهووسا بالتجوال بين دور السينما بحثا عن (سعاد حسني) فيها وحيث يتعرف على الممثل المسرحي الذي يلهمه،،مع معاناته الكبيرة والاضرار الذي تلحقه من الاخرين ،فيذهب مع والده الى الريف الجنوبي وهناك يتعرف على اصدقاء جدد ويعيش حياة اخرى مفعمة بالمغامرات ،يهتم خلالها بالجنيات واصوات الليل ومن ثم يعمل حارسا في شركة ،في مكان فيه اعداد هائلة من الزرازير ، تلك الطيور الصغيرة بعيونها الحمراء الارجوانية واجنحتها السوداء المخضرة،فيعقد صداقة مع تلك الكائنات التي يرى انها تستحق الحياة : (كان اقتراب الزرازير مني بمثابة عقد لشراكة تجمعنا كمخلوقات تعيش على كوكب واحد يضمنا جميعا) ، لكن الخوف يداهمه حين يجد ان (رجل امن) يسأل عنه واسباب قدومه الى هذا المكان البعيد عن العاصمة وعن ساقه الواحدة ،فضلا عن عدم قدرته على التأقلم معه حيث يحاصر باليأس وعدم الثقة الذي يسميه (الثقة الناقصة) اذ ان المؤلف يركز على مصطلحين رئيسيين ،جعل من بطله يبحث عنهما طوال الأحداث التي تتصاعد شيئا فشيئا، هما (الثقة الناقصة والثقة المطلقة) ويذهب الى شرح مدى تأثيرهما على البطل وهو يخوض غمار الحياة العامة في مجتمع ، هو في الاصل ،متوجس من ذاته، حيث قال لي الروائي الوادي عن روايته هذه : (انها رواية الانسان وإرهاصاته في زمن يكاد يكون الانسان لا قيمة له..، بل هي سرد لزمن معاق يزحف بالآخرين الى الهاوية) ، واضاف : تمكنتُ من ابتكار مصطلحين لا بد من الاهتمام بهما ،ضمنتهما روايتي هما الثقة الناقصة والثقة المطلقة .. تلك الثقة التي ظل البطل يبحث عنها طوال فصول الرواية، ذلك البطل ذو الساق الواحدة الذي ارتبط بعلاقة مع شركاء الحياة .. واكتشف ان الحياة تستحق العناء، وتستحق المغامرة ايضا ..) .
& & &الرواية مليئة بالكثير من الاشياء ابتداء من الخوف والشك والتوجس والظنون فضلا عن الحب اضافة الى المغامرات التي يعيشها البطل ،ذو الساق الواحدة، عبر سنوات عديدة ومن خلال احداث تمتلك الكثير من الافكار والقراءات الهادئة جدا وان تصاعدت الاحداث .
&