ترجمة: عادل صالح الزبيدي

شاعر أميركي من أصول لاتينية ولد في بروكلين، نيويورك عام 1962 . تلقى تعليمه في جامعتي وسكونسن-ماديسن ونورث ايسترن . نشر أول مجموعة من القصائد السياسية تحت تأثير والده الناشط السياسي البورتوريكي عام 1982 تحت عنوان ((فتى الجليد المهاجر بوليرو)) ثم تلاها بمجموعة ((أبواق من جزر طردهم)) في 1987 و((الثورة دائرتا يدي عاشق)) في 1990. نال ايسبادا العديد من الجوائز والمناصب الفخرية. من عناوين مجموعاته الشعرية الأخرى ((تخيلوا ملائكة الخبز)) 1996؛ ((عالم فلك من المايا في مطبخ الجحيم)) 2000؛ ((جمهورية الشعر)) 2006؛ ((كرة المتاعب) 2011 و ((يحيا أولئك الذين فشلوا)) 2016.

الخيول الخمسة للدكتور رامون ايميتيريو بيتانثيس
ماياغويز، بورتوريكو، 1856

1- الحصان الأول
تسللت الكوليرا في الخفاء إلى الماء، متوارية في الآبار والينابيع،
تتلوى في النفايات والفضلات، ديدان متناهية الصغر تحفر في الأمعاء،
إلى أن يفرغ الجسد من الماء كله والملح، إلى أن يصبح الجسد دودة،
تذوي وتتلوى، يرقانة في الملح، إلى أن يلتهب الجلد مزرقا،
جلد الفلاح وجلد العبد ازرقا، الجلد في ثكنات العبيد ازرق،
جلد عشرة آلاف عبد ازرق. الموت الأزرق، وجه مخبوء في منديل ملون،
قبور محفورة وفيها الحفارون، سقطوا في حفر حفروها للموتى.
الأطباء كذلك ماتوا، وهم يرون العلامات في المرآة، الكف ترتجف ممسكة بالمبضع.

2- الحصان الثاني
قفز الدكتور بيتانثيس من القارب، عائدا من باريس، ورطوبة الوباء
تلمع في لحيته. شاهد زوجة الأب التي كانت تطعمه تغوص في كومة أقذار،
فرغ جسدها كأنه قشرة خرنوب في الجفاف. نشّف يديه.
في خيام الحجر الصحي كان ثمة مستحضر أفيوني جنب جرعة الدواء المر والليموناضة
والحساء؛ في عتمة مصابيح الكيروسين الكمادة باردة
فوق الجبين، وإكسير لحاء شجرة الكينا. من اجل الفلاحين والعبيد
الذين يئنون إلى آلهتهم، وصف الطبيب شمبانيا مثلجة لراحة البطن.
ومن أجل آمر الحامية الاسبانية، كان هناك صمت مر مرارة الملعقة.

3- الحصان الثالث
في كل ضيعة، في كل مزرعة، وبينما كانت الأجساد تتدحرج واحدا تلو الآخر
نحو الحفر الممتلئة عظام أفخاذ وأضلاع، منقوعة بالماء والملح، معراة من الأسماء،
طلب الدكتور بيتانثيس مصباحا كشافا من اجل المعسكرات حيث ستتشابك الأجساد مكدسة
وكأنها لم تغادر السفينة التي أبحرت من أفريقيا،
أبقتها متيقظة ديدان الوباء النهمة حول وليمتها. وإذ كان
الدكتور والعبيد يشاهدون اللهب الأزرق يحيل الخشب اسود، فقد رأوا وباء آخر
يشتعل، طاعون الأغلال يسلخ الجلد من على الأيدي التي تقطع الخيزران،
طاعون طوق العنق ذي الأشواك الأربعة معدا للهاربين الذين أعيدوا.

4- الحصان الرابع
طاعون الأسياد، الذي حركته الملاعق في قهوة العالم، انتشر بداية في السوق، في مزاد علني،
بتناقل العملات المعدنية من يد ليد.
لذا بدأ الدكتور بيتانثيس في الكنيسة بخمس وعشرين قطعة معدنية من فئة الثمانية بيزو،
عملات قراصنة وقعت بأيدي العبيد لتقع بأيدي السادة،
وهم يشترون أطفالهم الرضع عند جرن المعمودية. الجمعية السرية للمطالبين بإلغاء العبودية
انطلقوا في زوارق تجديف مليئة بالهاربين من أرصفة السفن في الساعة الأشد كآبة من الليلة الكئيبة،
نحو جزر بلا أسياد. حتى الدكتور كان سيختنق بمقصلة الجلاد الحديدية، ولحيته يعلوها البصاق،
إذا أفاق جنود الحراسة من أفيون الإمبراطورية.

5- الحصان الخامس
حوط الحاكم اسمه بدائرة باسم الإمبراطورية، فأبحر الدكتور بيتانثيس بعيدا نحو المنفى،
والجزيرة تغرق بمرمى نظره، لكن رؤيا لسعت عينيه كالملح في الريح:
في عالم ما بعد الوباء لن يكون هناك مزيد من طاعون الأصفاد؛
بعد الوباء، لن يكون هناك مزيد من طاعون السادة؛
بعد مقابر الكوليرا، لن يكون هناك مزيد من أطواق أعناق شوكية أو جلادون.
في عينه احترقت زرقة راية الثوار والانتفاضة في جزيرته.
الأسطورة تدعوه بالدكتور الذي استنزف خمسة خيول، دون نوم
وهو يطارد جيوشا خفية في الليل. أصغوا إلى الخيول.