يسهم التعبير واللغة متى كانا ملائمين لمقتضيات التداول في تلقي وفهم الفكر والتفاعل مع مضامينه ومقاصده .ولذلك لا يكفي بناء النسق الاستدلالي أو تقوية الرصيد الوثائقي أو التعمق في صياغة النقود والإشكاليات ،بل لا بد كذلك من استيفاء شرائط الملاءمة والمطابقة والراهنية ، لغة وتعبيرا وأسلوبا .والحال أن ثمة تجارب فكرية عالية ،تعتمد استراتيجيات تعبيرية وتبليغية وأسلوبية غير ملائمة للسياق التداولي الراهن.
من البديهي أن يسعى كل مفكر إلى بلورة أسلوب تعبيري أو اتباع طرق خاصة في ترجمة أو تأصيل المفاهيم والمصطلحات أو في صياغة الاستدلال و بناء البراهين أو تركيب الجمل والفقرات ،إلا أن البحث عن الفرادة لا يجب أن يحول دون بناء نصوص متناسقة أو تقديم فكر قابل للنقل والفهم والتأويل.
وكما عانت النصوص الفلسفية القديمة من "قلق العبارة " حسب تعبير أبي يعقوب يوسف ،فإن كثيرا من النصوص الفكرية المعاصرة ،مسها "قلق العبارة" والمصطلح والتعبير والأسلوب ،وصارت رغم عمقها الفكري وريادتها أحيانا ،مستغلقة غير قابلة للتداول إلا في نطاقات ضيقة.
ولئن تمكن بعض المفكرين من الجمع بين العمق الفكري والإحكام التدليلي والاستدلالي من جهة واستقامة ووضوح وجمالية الأسلوب التعبيري من جهة أخرى ( عادل ضاهر مثلا)،فإن مفكرين آخرين افتقروا إلى الملاءمة والسلاسة والدفق التعبيري لاعتبارات تقنية ( اعتماد أساليب خاصة في ترجمة أو صياغة أو ابتداع المفاهيم والمصطلحات )،أو تكوينية ( الخلفيات أو المؤثرات الفلسفية والفكرية و الجمالية ) أو بنائية (تركيب الجمل والفقرات وتوظيف أو تبيئة المفاهيم ..)؛فأنتجوا نصوصا عصية على القراءة والتداول والاستثمار .
ولا يصطدم القارئ في كثير من الأحيان بثقل الأسلوب التعبيري فقط بل باستعصائه ومخالفته لكثير من الشرائط التواصلية والتداولية.
وقد لا حظ هشام جعيط ،مفارقة الأسلوب للمعرفة في كثير من التجارب الفكرية المعاصرة وصعوبة الجمع بين جمال الأسلوب وجودة الكتابة من جهة وعمق التفكير والمعرفة من جهة أخرى.
(و أنت إذا وجدت جمال الأسلوب ،فهو عادة مقرون بسقامة التفكير ،واذا وجدت عمق المعرفة-وهو أمر قليل –فهو مقرون بثقل الأسلوب.) 1-
وتختلف أسباب "قلق عبارة " المعاصرين، كما تتنوع مسوغاتهم ودفاعاتهم عن اختياراتهم اللغوية والأسلوبية، واستراتيجياتهم الخطابية ؛وتكشف هذه المسوغات ،في الواقع ،عن" قلق فكري" يتجاوز قلق العبارة أو استغلاق النص .وقد ركزنا على أربع حالات كاشفة عن استفحال " قلق العبارة " لدى بعض المفكرين والباحثين المعاصرين في المغرب والمشرق .

قلق التركيب والبناء

لقد دافع عزيز العظمة، عن اختياراته التعبيرية والأسلوبية وتميز كتاباته بعد اعتراض البعض على قلقها التركيبي والبنائي؛ فهو منحاز-كما يقول- إلى الدقة والإحكام والاستقصاء وتجنب الترهل والرخاوة اللغويين والتعبيريين.
(أنا ضد الرخاوة في القول ،ومع الاختيار المتأني للعبارة والمصطلح .وضد النثر الميت ،ومع الخطاب الناقد الفاحص المنعكس على ذاته المتقصي لإمكانياته حتى النهاية .بهذا المعنى هناك طابع شبه رياضي ،شبه علمي، لكتاباتي ،على صرامة في تقصي الأمور ومتابعتها خصوصا في كتاباتي فلسفية الطابع.. ) 2-
ويرجع عزيز العظمة صرامة كتابته ،إلى تأثره بالنصوص الفلسفية العربية –الإسلامية التراثية والتراث الأوروبي الماركسي وطرقها في التدليل والحجاج واستخدام المصطلح.
إن التفحص والتدقيق لا يمنعان-في الحقيقة -من تقديم نصوص فكرية ذات قابلية قرائية وتأويلية عالية. كما أن الاستقصاء والصرامة النظريين والمفهوميين ، لا يحولان دون إنشاء نصوص ،قابلة للقراءات والتفسيرات والتأويلات المختلفة وللاستثمار بعديا. ولا يتنافى الاستدلال والحجاج المحكمان، في الواقع، مع رشاقة الأسلوب ومرونة وجمالية التعبير. والحال أن بعض نصوص عزيز العظمة، قلقة تعبيرا وتركيبا ومفتقرة إلى مرونة الأداء والتبليغ.
لا تكمن صعوبة بعض نصوصه في صياغة المصطلحات والمفاهيم كما في كتابات طه عبد الرحمن أو علي زيعور مثلا ،بل في طرق تركيب الجمل و أداء المعاني. والواقع أن التنافر اللغوي والأسلوبي وافتقار الطرق الأدائية والتبليغية والتوصلية المعتمدة إلى المرونة ،كثيرا ما يقلصان من جاذبية بعض نصوصه وقدرتها على إيصال الأفكار والمعاني المركبة و تحريك حس التأويل لدى القارئ النبيه .

قلق المفاهيم
خصص علي زيعور دراسات ضافية ورائدة لتشخيص الشخصية واللاوعي العربي وتجذير التحليل النفسي والمعالجة الأنثروبولوجية .و تتميز دراساته ،بخاصياتها اللغوية والأسلوبية والتعبيرية المختلفة ،وبما تتضمنه من مقترحات خاصة بإغناء الحقل اللغوي والمفاهيمي في النفسانيات والإناسيات.و أيا كانت جدارة اجتهاداته في الاشتقاق والتوليد والنحت والتركيب والتعريب ،فإن قابليتها للتداول والتعميم والاستثمار والاستملاك الجماعي غير مسلمة. إذ يصطم قارئه بغرابة المفاهيم والتعابير المعتمدة، بالقياس إلى المتداول في السياق الثقافي-المعرفي الحالي.
إن من مقتضيات التواصل اللغوي –المعرفي الجيد، الارتكاز إلى قاعدة التيسير في نقل أو صياغة المفاهيم والمصطلحات ،وتلافي التعقيد ،صواتة وتركيبا ودلالة. والحال أن نصوص علي زيعور مترعة بصيغ ومفاهيم ومقترحات لغوية صعبة النقل والتداول .و هكذا فبدلا من أن ينكب القارئ رأسا ، على المعاني والمضامين ،فإنه سيصرف جهدا كبيرا في تقبل وفهم المعجم التقني واستساغته أو رفضه إن صدر عن تصورات أو اختيارات لسانية أو أسلوبية أو تقنية مختلفة.
لا يمكن التغافل عن البعد التداولي، في تعريب أو نحت أو تركيب أو صياغة واستحداث المفاهيم والمعجم التقني؛ فلا يمكن توطين أو تأصيل فكر قطاعي مثل التحليل النفسي أو التحليل الأنثروبولوجي (اللاوعي الثقافي ولغات الجسد وتعقل الكرامة الصوفية مثلا) ،دون معجم ولغة مفهومية قابلين للتداول ،ومحفزين على التفاعل الإيجابي. ومن هنا ،يصعب التجاوب مع معجم تقني ، لا يخلو من غرابة واستعصاء ،و وإدماجه في القطاعات والمعاجم التقنية الموازية له( النقد الأدبي وعلم الاجتماع والإعلام .. إلخ).
ومما لا شك فيه أن القارئ غير المتخصص سيجد عنتا كبير في فهم وتمثل فحوى المفاهيم التالية :
-الفلسفة الحلمائية ،الحلميات والرمازة والخيليات والتأويلانية ،الشيماءات والشيمات،التغييرانية والتكييفانية،الميدان الرمزيائي ،الرمزيانية ،الخرافة والكليدمنة، الأحلام والأخيولات والرموز والشيماءات،والثناقيمة، إلخ)( كتاب الأحلام والرموز)
- الدخلنة،أعمومات ،الذهابيابية اللامتوقفة،الكرحيات،الركحيات، الحركيائية ،الكينزياء ،الدنوانية ،الإيادة ،الأريضية،الحداثانية...إلخ –( كتاب اللاوعي الثقافي ولغة الجسد والتواصل غير اللفظي في الذات العربية .)
يصطدم قارئ نصوص علي زيعور بطرافة وغرابة المفاهيم واختلاف صياغتها عن المعهود في الحقل الثقافي؛ على القارئ أن يرتب علاقته باللغة والتعبير، قبل أن ينبري لتدبر المضامين والمحتويات ويؤول الإشارات والإيحاءات، والوقوف على السند الوثائقي والبناء الاستدلالي. وبدلا من الانكباب على فتوحات الفكر في مجال بكر وهام، ثقافيا وفكريا مثل التحليل النفسي والمعالجة الأنثروبولوجية، ينصرف القارئ إما إلى استشكال الاختيارات اللغوية المعتمدة، ورفضها لاعتبارات لسانية- تقنية أو تداولية ثقافية عامة، أو تقنية قطاعية مرتبطة بتبيئة لغة التحليل النفسي وعلم النفس والأنثروبولوجيا إن كان متخصصا أو ذا معرفة لسانية أو فلسفية أو نفسانية عالية، و إما إلى الانصراف عن المقروء بدعوى الاصطدام "بجدار اللغة".
وحيث إن قارئ الدراسات الفكرية ،منشغل ،جوهريا، بالمعاني والدلالات لا بالمباني والصيغ الأدائية والتبليغية والتعبيرية خلافا لقارئ المنتجات الأدبية والسردية ،فإنه سيجد كثير من العنت في فك شفرات المفاهيم واللغة التقنية المعتمدة في كتبه ودراساته.
وأيا كانت براعة المفكر وقدرته التقنية على بناء وصياغة وخلق المفاهيم والإلمام بدقائق مجال اشتغاله، فإنه غير قادر على تجاهل السياقات التداولية وما تفرضه من أنماط مخصوصة في التلقي والتفاعل والنقد والتأويل هنا والآن.
وفي غياب التطويع والتقريب، يصير المقروء مستغلقا مستصعبا، لا يتمكن القارئ مهما كان راغبا في الاستكشاف وتوسيع مداركه في حقل معرفي هام مثل التحليل النفسي، من تملك اللغة التقنية، واجتياز عتبات الغرابة والاستطراف المفهوميين المهيمنين.
يصير التفرد اللغوي هنا عائقا جوهريا ،يحول دون تفعيل وتعميق تداولية الأفكار وإدارة حوار فكري مع دلائل النص وحججه وبنائه الاستدلالي و الاستفادة من خصوبته المنهجية والفكرية وإضافاته الممكنة بالقياس إلى المنجز النظري محليا وإقليميا (دراسات مصطفى صفوان ومصطفى حجازي وعدنان حب الله وأحمد أبوزيد ومحمد بوغالي...إلخ ) ودوليا .
تحجب اللغة هنا، الفكر، ويحول المعجم دون فهم المعاني، وتدبر الإفادات أو التفاعل النقدي مع ما يطرحه النص من تشخيص أو تفكيك أو فرضيات نظرية ومنهجية. ويكفي النظر، في أي موضع من نصوصه للاقتناع بصعوبة التفاعل، قراءة أو تفسيرا أو تأويلا، مع بنيته وتركيبته ومفاهيمه.
(وتحليل المخيلة الجماعية-كما المرمزة الجماعية-طريق إلى تحليل الذات وخطابها ،وجهاز للكشف على الانجراحات المستورة والكوامن ،وعلى القدرات ونسغ هذه القدرات أو جذورها. لكأن مخيالنا السياسي هو هو "عقلنا الشفهي" ،ومعانينا المطمورة الناقص منها والإيجابي ،وبعدنا الغوري الفياوي؛ ولذلك تنفعنا تعضيته وإعادة ضبطه وتثميره –داخل استراتيجية –انتهاضا من وعينة الرموز ،والعلامات، والشواهد ،والأخيولات ،وسائر ما هو ثاو ومكبوت ،أو مدفون متحكم ،ورافض للصمت والإقصاء.) 3-
ومن البين أن للمبادرات الفردية -مهما كانت جادة وحاذقة -حدودا كبيرة ؛ولذلك لا يمكن التعويل عليها كثيرا في صياغة أو بلورة أو تثمير أو تخصيب المعجم التقني في قطاعات معرفية لم تعرف التأصيل أو التوطين المجالي بعد .وهكذا تبقى المبادرات الذاتية ،مهما حالفها التوفيق في بعض الجزئيات ،قاصرة عن التجاوب العميق مع معطيات السياق التداولي وغير مستوفية لمقتضيات تعميم معرفة نفسانية وأنثروبولوجية كاشفة وعالمة وتداولية.

قلق الاستعارة
لا إشكال مبدئيا في استلهام لغة وأساليب وتعبيرات التراث الفلسفي أو الأدبي أو الفكري أو التاريخي أو اقتباس وتحيين المفاهيم التراثية ؛ إلا أن الاتصال المنتج بالتراث، يستوجب الامتلاك والتطويع والترهين ،وقراءة لغته في ضوء المواضعات و السياقات الفكرية التراثية الكبرى ،وفي ضوء متطلبات وتحديات الحداثة. و عليه ،فاقتباس لغة وأساليب وتعبيرات التراث دون تكييف أو إعادة صياغة ،يسم الفكر الصادر عن خلفيات ومضامين ومقاصد حداثية خاصة ،بمفارقة فادحة.
ثمة فرق كبير بين تقليد لغة وأساليب التراث الفكري والأدبي التماسا للتفرد والتميز أو حرصا على استلهام المعجم التقني التراثي والنأي عن المعجم التقني الفلسفي الغربي، وإعادة انتاجها أو إعادة صياغتها بما يخصب اللغة والتعبيرات، ويوسع الأجهزة المفاهيمية، ويمكن من اقتصاد الجهد وتجنب آفات الاشتقاق والنحت والتعريب والتوليد في سياق لم ينتظم بعد في تقعيد لغوي جديد.
فكيف تجتمع الحداثة الفكرية بالقدامة اللغوية والتعبيرية؟ ألا ترتبط اللغة، كما جاء في مناظرة أبي سعيد السيرافي ومتى بن يونس، عمقيا، بالفكر ؟ألا تحتاج اللغة والمعجم التقني التراثي إلى إعادة استصلاح ؟ أليس من اللازم فتح نقاشات ومداولات موسعة عن آليات ترهين المعجم الفلسفي –الفكري التراثي وتفكيك مضمراته؟
هل يمكن تجديد الفكر عمقيا و تعميق نطاقات التداول ،باقتباس الصيغ التعبيرية والمستنسخات والرواسم التراثية ؟ألا يعمق الاستطراف اللغوي ،والتغريب الممزوج بالسخرية (كما في بعض تعبيرات حسن قبيسي المستلهمة من التراث ) ،والتقعر المصطلحي والمفاهيمي ،حالة الاغتراب الفكري ؟
لا ييسر تقمص لغة وأساليب التراث التفاعل، ولا سيما إذا عانت النصوص المقروءة من مفارقة المباني للمعاني، والمضامين للأشكال التعبيرية،و تميزت باختلاف الإشكاليات المتماسة مع الفكر الفلسفي الغربي الحديث والمعاصر عن اللغة التراثية ذات الصلات العميقة بالأدب( بالمعنى القديم -الجاحظي -للأدب ) والمناظرات.
(هون عليك يا أخي .فما بدعية الرجل بمستغربة منه ،وما شكواك من انعدام نظيمة عمله بغير مألوفة منك أنت المشدود إلى النظام .ولئن هو حق أن الأستاذ عبد الكبير الخطيبي يرفض رفضا قاطعا أن يصوغ مجمل أعماله في "جاموع" أو "توليفة" أو "نظيمة"(...) –فإنه يحق القول كذلك إن الرجل يرى إمكان أن تنتظم بحوثه في ثلاث نظائم..)4-
ثمة فرق جوهري بين استنساخ المعجم الفلسفي القديم أو اللغة والتعبيرات والأطر التبليغية والتوصيلية والتداولية التراثية ، وإعادة إنتاجها ،وفق استراتيجيات ترهينية وتجديدية واضحة. إن إمكان إعادة انتاج اللغة والأطر التعبيرية ( المحاورات ومحاكاة التعابير والصيغ اللغوية )التراثية ،لا يعفي بأي حال من الأحوال من الكشف عن الخلفيات المعرفية ورؤى العالم الثاوية خلفها .ليس من البديهي ،استعمال آليات وأدوات حديثة في التدليل والاستدلال والاستشكال، ولغة وأطر تعبيرية تراثية مرتبطة، عمقيا، بفكر غير حداثي.

قلق التجريد :
من سمات كتابة وأسلوب عبد الله العروي ، التجريد العالي وخاصة في كتبه الأساسية مثل" العرب والفكر التاريخي "و " مفهوم العقل " و"مفهوم التاريخ " .
(أحاول دائما، في ما يخصني، أن أنطلق مما يحيط بي، وإن انتهيت إلى عبارات وتحليلات بالغة التجريد، لأن هذا أسلوبي في الكتابة.)5-
ويولد التجريد، عادة استعصاء الفهم وانسداد مسالك التأويل. كما ينتج تعليق الدلالة، وصعوبة التثبت من الإفادة المقدمة أو من القصد المرغوب أو من المعنى المقصود. لا تكمن الصعوبة هنا ، في اللغة أو في المعجم التقني ،بل في التجريد وفي قلة الاحتفال بالآليات البيانية أو التمثيلية أو الأدبية ،وإلى الإكثار من المضمرات والايحاء .ولا تخلو بعض خواطر"خواطر الصباح " رغم طابعها السردي ونأيها عن الاستدلالات المركبة ،من مضمرات واحتمالات ،تسهم في تعليق الدلالة بدءا والفهم والتأويل استتباعا.
من الضروري ،إذن، مراعاة البعد التداولي ،في أداء المعاني وبناء البراهين والاستدلالات ،وصياغة أو استحداث أو اقتباس المفاهيم والآليات الفكرية .ومن الضروري كذلك ،تحقيق نوع من التوازن والتوافق بين المباني والمعاني ،بين مقتضى النظيمة الفكرية الحداثية و المعجم التقني أو الآليات الأدائية التراثية في حالات التأصيل ،والاحتكام إلى العمل الجماعي في استحداث المفاهيم وبلورة المعاجم التقنية الخاصة بقطاعات معرفية غير موطنة بما يكفي في السياق التداولي الراهن. لا إشكال مبدئيا في استلهام اللغة والتعبيرات والآليات التراثية ،أو في استلهام المعاجم التقنية الغربية ،أو في تفريد الأسلوب والأداء التعبيري ،إلا أنه من اللازم مراعاة المقتضيات التداولية وتقديم نصوص مرنة لغة وأسلوبا وتعبيرا ،ومنسجمة وقمينة بتخصيب الفكر وإغناء المداولات والمطارحات الفكرية وإنعاش القيم التنويرية.

الهوامش :
1-(هشام جعيط، أزمة الثقافة الإسلامية ،دار الطليعة ،بيروت ،لبنان ،الطبعة الأولى 2000،ص.38)
2-(عزيز العظمة، دنيا الدين في حاضر العرب ،دار الطليعة ،بيروت ، لبنان ،الطبعة الأولى 1996،ص.199)
3-(علي زيعور ، الأحلام والرموز ،دار المناهل ،بيروت ،لبنان ،الطبعة الأولى 2002،ص.81.)
4-(محمد الشيخ ،مسألة الحداثة في الفكر المغربي المعاصر ، منشورات الزمن ،الكتاب 13،السنة ،2004،ص.87.)
5-(عبد الله العروي ،التحديث والديمقراطية ،ضمن :محاورة فكر عبد الله العروي ،المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء –بيروت ،الطبعة الأولى 2000،ص.20.)

أكادير -المغرب