كتابة - إيمان البستاني

لا يمكن للمتلقي ان يدخل عالم ( علي آل تاجر ) ويخرج منه خالي الوفاض صفر اليدين، رسام البيئة العراقية الذي يعيدنا الى تلك العلاقة المجيدة مع المكان بكل منمنات تفاصيله، من بيئة حيث الطين الرافديني سيد الجميع، وسحر عالم الاهوار بقصبه و بهاء دجلته و افياء سعف نخيله زوايا تظلل الذاكرة، والنسوة سافرات أو متلفعات بعباءة بغدادية الوله والعشق بادي عليهن وحيدات بكامل زينتهن، شاخصات في فضاء تصويري من ستائر مزركشة وخزانة تحوي اسرار وتمائم، خلفية اللوحة مؤثثة بمحاكاة بصرية تنقلب الى حكاية سردية من صور معلقة على الجدران لا يخلو اصحابها من حكاية حياة، سماور الشاي الشاهد الوحيد على حميمية اللحظات، مهفات لقتل الحر، مكحلة وكردان ذهب، قيافة مسائية لاستقبال الحبيب وسلال زهور وكيف لا وهو سليل فن، الابن الاوسط لفنانة العراق التشكيلية (بهيجة الحكيم ) رسامة الزهور بأمتياز التي رحلت وتركت ازهارها معلقة في لوحات

لوحاته تتجسد المرأة بطولتها والرجل حاضر ليكمل الحكاية التي يرويانها من خلال العينين نوافذ الروح، نساء الجنوب القادمات من مناخات لونية مشرقة لهن سيادة اللوحة وكأنهن شخصيات حقيقية من مسرح الحياة حيث الشخوص لا زالت تسكنها ارواحها، حريص على توثيق التراث بتوظيف الماضي كأنه حديقة للمسّرات تضم كل ما يحب من خلال رموز وثيمات محلية ومخيّلة رحبة يمتلكها

الفنان التشكيلي (علي آل تاجر) مواليد كربلاء 1962 الحاصل على بكالوريوس وماجستير من كلية الفنون الجميلة ببغداد عام 1992م مباحثه الأكاديمية في طرق تصوير الأساطير القديمة، والموتيفات البشرية والحيوانية في الفن والمعمار الشعبي العراقي بعنوان لرسالة الماجستير ( الرؤية التشكيلية المعاصرة لملحمة الخلق البابلية ) وهو عضو بنقابة الفنانين العراقيين وعضو جمعية التشكيليين العراقيين، وقد عمل رساماً في مجلات عراقية كالمزمار وآفاق عربية بين عامي 1978م-1984م وفي عام 1982م أنجز فيلم رسوم متحركة في التلفزيون التربوي العراقي وله عدة بحوث.

كما أقام العديد من المعارض التشكيلية منذ عام 1989م منها معرض (طقوس) ببغداد عام 1989م ومعرض بقاعة أجيال ببيروت عام 2000م ومعرض (اناس من أرض السواد) بالمملكة الأردنية الهاشمية ومعرض بقاعة الرواق بمملكة البحرين ومعرض (عراق) بقاعة الأورفلي بالمملكة الأردنية الهاشمية بالإضافة إلى العديد من المعارض المشتركة داخل وخارج العراق
اما معرضه الأخير كان في عام 2017 بعنوان (بابل ) في كاليري الاندى في الاردن ولاقت اعماله نجاحاً واسعاً
اعماله ذات سردية بنسق حكائي قصصي يفصح عن ذاكرة قديمة لتفاصيل بيئة عراقية التقط تجربته من مجهودات ذاتية و تاريخية وبأمكان المتلقي الوقوف على جو اعمال آل تاجر من خلال هذه اللوحات التي تمتلك بصمة فنية تعكس اسلوبه المميز

إيمان البستاني - كاتبة عراقية مقيمة في كندا
[email protected]