نيويورك: يطمح بيورن أولفايوس، أحد الأعضاء المؤسسين لفرقة "آبا" السويدية الشهيرة، إلى "إعادة التوازن للاقتصاد في قطاع الأغنيات"... وهو يقف في سن الخامسة والسبعين في الصفوف الأمامية لمعركة إصلاح الاختلالات في نظام توزيع إيرادات خدمات الموسيقى بالبث التدفقي.

هذا المشارك في إنتاج وكتابة وتأليف أكثرية نجاحات الفرقة الأسطورية في سبعينات القرن العشرين، انتُخب العام الماضي رئيساً للاتحاد الدولي لجمعيات المؤلفين والملحنين التي تمثل ما يقرب من أربعة ملايين مؤلف وناشر فني في العالم.

وشارك في كتابة تقرير نُشر السبت يعدد اقتراحات عدة لإجراء تعديلات على طريقة توزيع إيرادات الأعمال الموسيقية.

ويقول المغني الذي تعرّف عليه العالم سنة 1974 إثر فوز فرقة "آبا" بمسابقة "يوروفيجن" إن أنظمة التوزيع الحالية تعطي "80% من الإيرادات إلى درايك وتايلور سويفت". أما "موسيقيو الجاز النخبويون فلا يجنون سوى الفتات إذا ما تقاضوا شيئا في الأصل".

ويضيف "لكن هناك ربما عشرة آلاف شخص يحبون" أعمال هؤلاء الفنانين الأقل شهرة على المستوى العالمي، "وبالتالي يمكن أن يعيشوا من هذا المال فيما لو حصلوا عليه".

ويقترح التقرير خصوصاً الانتقال إلى نموذج "مرتكز على السوق" بدل ذلك "المرتكز على المستخدمين"، أي عدم توزيع الإيرادات على أساس عدد الاستماعات الإجمالي من مجموع المستخدمين، بل على أساس المشتركين.

وبالتالي فإن اشتراك مستخدمين لا يستمعون أبداً إلى أعمال درايك أو تايلور سويفت لن يدر عليهما أي إيرادات، خلافاً لما هو حاصل اليوم، بل سيصب لتمويل موسيقيين يختار هؤلاء المستخدمون الاستماع إليهم.

وأظهرت دراسة أجرتها شركة "ديلويت" لحساب المركز الوطني للموسيقى في فرنسا ونُشرت نهاية يناير أن مثل هذا الإصلاح قد يخفض بطريقة ملموسة العائدات التي يتقاضاها الفنانون العشرة الأكثر ربحاً (تراجع 17,2 %)، كما يزيد بنسبة 5,2 % إيرادات الموسيقيين الذين يحتلون مرتبة متأخرة دون المركز الـ10 آلاف على قائمة الفنانين الأكثر استماعاً.

ويقترح التقرير الذي شارك في صياغته بيورن أولفايوس أيضا، التمييز خلال إعادة توزيع العائدات، بين عدد الاستماعات "السلبية" أي عبر قوائم التشغيل وتلك المرتبطة بعمليات بحث يجريها المستخدمون.

ويقول "ثمة فرق بين الأمرين" لذا يجب "التمييز بينهما عند احتساب قيمة العائدات".

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، كشفت "آبل" أنها تدفع سنتاً واحدا من الدولار عن كل استماع على منصتها للموسيقى بالبث التدفقي "آبل ميوزيك"، أي ما يقرب من ضعفي ما تدفعه "سبوتيفاي" التي قدّمت معلومات عن نموذجها للدفع منتصف الشهر الفائت.

غير أن المؤلفين والملحنين لا يتقاضون سوى جزء من هذا المبلغ الذي تستحوذ شركات الإنتاج على أكثريته. ومنذ أصبح البث التدفقي وسيلة الاستهلاك الطاغية في عالم الموسيقى (83 % من الإيرادات المتأتية من القطاع الموسيقي في الولايات المتحدة)، يطالب فنانون كثر باعتماد نظام توزيع آخر، بينهم روبرت سميث من "ذي كيور".

ويقول بيورن أولفايوس إن نجاح أي إصلاح يعتمد بالدرجة الأولى على الشفافية وليس فقط على المنصات. ولا تزال أكثرية العمليات تقام بعيداً عن الأنظار. ويوضح الموسيقي السويدي "هذا وسط لا يزال يعمل بدرجة كبيرة على الطريقة القديمة التي تتسم بطابع محافظ".

ويعتبر الفنان المشارك في تأليف أغنيات ضاربة عدة بينها "Dancing Queen" و"ماما ميا" و"Take a chance on me"، أن المنظومة الخاصة بالقطاع الموسيقي حاليا تدفع مؤلفين وملحنين كثر إلى "الانفصال عن أغنياتهم بسرعة فائقة" من خلال التخلي عن حقوق المؤلف.

ومنذ سنوات، بدأت شركات إنتاج وناشرون موسيقيون معركة للاستحواذ على حقوق المجموعات الموسيقية الكاملة لبعض من كبار الأسماء من أمثال بوب ديلان وستيفي نيكس ونيل يونغ، مع دفع مبالغ طائلة لهذه الغاية.

وأبعد من ذلك، يؤثر النموذج الاقتصادي الحالي في قطاع الموسيقى على المسار الإبداعي، وقد "كان له أثر هائل على نوع الأغنيات وتركيبتها"، وفق بيورن أولفايوس.

وبات يتعين إنتاج أعداد أكبر من الأغنيات مع الابتعاد إلى أقصى حد عن المجازفة في الأنواع الموسيقية لضمان تحصيل إيرادات.

ويستذكر الفنان السويدي مسيرته مع فرقة "آبا" قائلا إنه وزملائه "تعلمنا التفريق بين الأعمال الرديئة وتلك الجيدة". ويقول "هذا الأمر يتطلب وقتاً وجهداً وصبراً. كيف يمكن أن تتحلوا بالصبر عندما تكونون تحت الضغط؟"