ترجمة: عادل صالح الزبيدي

شاعر صيني اميركي ولد في الصين في عام 1989 ونشأ في الولايات المتحدة. تلقى تعليمه في كلية هامبشير وجامعة سيراكوز ويواصل حاليا دراسته لنيل درجة الدكتوراه بجامعة تكساس. اصدر مجموعته الأولى تحت عنوان ((حين اكبر اريد ان اكون قائمة بمزيد من الاحتمالات)) ادرجت في القائمة الطويلة لجائزة الكتاب الوطني لعام 2017.

الضياء الأول
احب ان اقول اننا غادرنا مع الضياء الأول
والرئيس ماو نفسه يطاردنا في سيارة شرطة،
وابي يتقاتل معه بالمفرقعات،
على الرغم من ان ماو قد مضى على موته اكثر من عقد،
ووالدتي تقول ان كل الذي فعله والدي
خلال الثورة الثقافية هو تدريس الرياضيات،
التي لم يكن مؤهلا لتدريسها،
والسباحة والتشمس في ارجاء جزيرة بيانو،
مكان لم اقرأ عنه قط في كتبي الدراسية الأميركية،
مكان يقول كل فرد في العائلة
انهم اخذوني اليه، وانني احببته.
فما الذي يحبه المرء ان لم يتذكر منه شيئأ؟
ان يكون قد نسي الوجوه التي قبّلها لأول مرة؟
يسألون ان كنت اتذكرهم، العمات، الأخوال،
واقول "اجل، اتذكر،" اقول "طبعا،" بدلا من "لا ابدا،"
لأنني حين رأيتهم آخر مرة كنت في الثالثة،
وصينُ سنواتي الثلاثة الأولى
تظاهرٌ الى حد كبير، بلدي الواسع الذي اخترعته،
حلمي قبل ان اعرف الكلمة "حلم"،
افلام والدي عن الفنون الحربية زائدا مذاق ملعقة شاي عن التاريخ.
احب ان اقول اننا غادرنا مع الضياء الأول
كنا مضطرين، كان أبواي قد اميط اللثام عن كونهما
الزوجان المشهوران بمكافحة الجريمة بالكونغ فو بالمقاطعات الجنوبية،
وكانت مافيا هونغ كونغ تطاردنا. احب ان اقول
ان شخصا شماليا وسيما وغامضا قدم لنا العون،
ظهر انه هو ايضا معلم كونغ فو.
لا احب ان اقول، لا اتذكر البكاء.
لا معانقة في المطار، باكيا. لا اتذكر
الشعور بالمرارة، تاركا الصين.
احب ان اقول اننا غادرنا مع الضياء الأول.
تسللنا مغامرين مغامرة ما سرية، بينما كان الآخرون
لا يزالون نياما، لا يزالون متدثرين،
تدفئهم ذكرياتهم عنا.
ماذا اتذكر من البكاء؟ حين صفعتني امي
لأنني كنت "وسخا، مريضا، ضللته ابالسة الغرب، ابنا وسخا سيئا،"
بكيت، بعمر الثالثة عشر، الآن اكبر واشد ذكورية على البكاء.
حين قال ابي "اخرج، لا تعد ابدا،"
بكيت وهربت، رميت نفسي في الليل.
ثم عدت، مع الضياء الأول، لا اتذكر بالضبط
لماذا، او ماذا بعد ذلك بالضبط. تدعي ذكرى واحدة
ان امي انطلقت نحو الفجر الوردي البراق
لتفهم ماذا حصل، باسطة يديها نحوي،
واردت ان اقول "لا. لا تلمسيني."
تصر ذكرى أخرى على ان الباب الأمامية كانت قد تركت
بلا قفل، وتسللت منها، ووجدت غرفتي،
وسريري، الذي شعرت انه اصغر نوعا ما،
وخلدت الى النوم، لساعات قبل ان يبدو ان امي (اي شخص) قد لاحظت ذلك.
لست متأكدا ايهما الرواية الصحيحة، ولكن ما يبقى معي
هو المغادرة، البكاء، البلد الذي يتمزق.
لقد مضت خمس سنوات أخرى منذ ان رأت امي أخواتها،
وامها، التي اصابتها جلطة مؤخرا، والتي تعاني
من عدم تذكر من ولماذا.
تقول امي "يؤلمني عدم عودتي حالا لرؤيتها. لكن كثير جدا ما يحدث هنا."
تقول "هنا" وكأنها اصعب الكلمات الانكليزية واقلها قابلية للصفح.
ماذا ستقول امي لو كانت هي التي تكتب؟
كيف سيبدو صوتها؟ وهو ان اسأل حقا، ما تخميني الأفضل،
صوت امي الذي هو من اختراعي وترجمتي (من الصينية الى الانكليزية،
من الانكليزية الى الانكليزية)؟ قد تقول:
غادرنا مع الضياء الأول، كنا مضطرين، الرحلة كانت مبكرة،
في اوائل الربيع. "اذهب" حثتني والدتي قائلة،
"ماذا تفعل، ملوحا لي، باكيا؟ اصعد بتلك الطائرة قبل ان تغادر بدونك".
كان الوقت ربيعا واستطعت ان اشمه، على الرغم من زجاج ومعدن المطار المجدب—رائحة شعر امي المغسول توا، الأزهار المتفتحة توا في الحقول التي اجتزناها في رحلتنا بالسيارة،
كيف لم اعرف ان تلك الأزهار اصبحت قبل الآن ذكرى، كيف ظننت ان بامكاني ان اشمها، وانا اصعد على متن الطائرة،
النفق الغريب ممتلئ بعطرها، اسماؤها التي كنت اعرفها فيما مضى، وشعر امي الأسود الطويل—مستحيل جدا الآن.
لمَ لمْ أتأمل كم تختلف رائحة الربيع وشعور المرء خلاله عنهما في أماكن أخرى؟
الضياء الأول، الرائحة الأخيرة، البلد المفقود.
اول واعمق انفصال كان ينبغي ان يهيئني للآخرين جميعا.