تحاور إنسان أميركي، مع كائنٍ قادم الى أميركا كمهاجر من ديار شرقية يكره الناس فيها إسم الحرية ويكرهون من يحررهم من قيود العبودية والخرافة.
ولم تتشرب روح ذلك الكائن الشرقي أبجديات معاني الحرية، حيث جمعهما لقاء ساخن على ضفاف بحيرة متشقن الأميركية العملاقة.
وكان الإنسان الأميركي يحاول أن يكون منطقياً وصادقاً وأميناً في حواره مع ذلك الشرقي الذي يتعامل مع الناس بشخصية الاسترقاق والماسوشية التي تتلذذ في تعذيب الآخر لها،ويعتقد أن العقلانيين والأمناء والصادقين مجرد جهلة وغدارين وكذابين،كإسقاط لاشعوري من مخزونه اللاواعي المترع بالآفات والتشوهات التي يصعب علاجها في فترة زمنية قصيرة.
وقد أصر ذلك الكائن الشرقي على رأيه وهو يطرح أفكاره ومفاهيمه الخاطئة عن التعايش مع الأحرار كإنعكاس لثقافته في واقعه القديم التي انغرست في اللاشعور المشوه واعتقد دائماً أن ماتعلمه هو الصواب وغيره على خطأ حتى وهو في واقع جديد يريد له أن يتحرر من قيوده وخرافاته.
وفجأة إنفجر الأميركي غضباً بسبب سوء منطق الشرقي وعشقه للقيود والخرافة وقال لصاحبه الأميركي الآخر الذي يستمع الى حوارهما:
يا صاحبي علم هذا الشرقي،
إن حكم الأغلبية عند الشعوب الحرة ذات الادارة المدنية، هو ممارسة السلطة حسب قوانين الدستور الذي لايلغي أحدا،وأن انتقال الأقلية الى ممارسة دور المعارضة التي قد تعود لتصبح أغلبية لا يعني إلغاءها ولا إسكاتها.
وعلمه:
أن الأغلبية في عرف الشعوب الحرة لاتعني الأغلبية الدينية أو الطائفية أو القبلية وإنما تعني الأغلبية الحزبية التي تتشكل من كل الأديان والطوائف والعرقيات لخدمة وطن واحد حسب قوانين الدستور الذي لايخضع لقوانين أخرى.
ثم.. علمه:
أن القوة لا تميل للأغلبية العددية القطعانية التي تسلم عقولها لخروف واحد وإنما للذين تسكنهم إرادة الحرية وعشق التعدد والتنوع والتفوق بالعقل.. وليس بالخرافة.
الإرادة: التي تختار وتفكر بدون قسر، ولا تخضع لمسلمات فُرضت على العقل دون تفكر. لأن الإرادة التي لا تملك حرية القرار والخيار بتفرد وبعيداً عن سيطرة الوعي الجمعي القطيعي، هي إرادة العبيد وليست إرادة الأحرار.
وفجأة، إرتبك ذلك الكائن الشرقي، كالمصاب بالحمى الشديدة، وخاطب محاوريه راجياً، أن يحضرا له مظلة تحميه من أشعة الحرية..حتى يعود الى ظلمته!
ضحك الأحرار بعنف.. وغنيا معاً أمام دهشة الشرقي وحيرته: أغنية الحرية !!