عن دار "كالمان-ليفيّ الفرنسية، صدرت ترجمة عن الإنجليزية لكتاب: "أخلاق الشخصية" للفيلسوفة المجرية أنياس هيللر. وقد اعتبرت مجمل وسائل الاعلام الفرنسية هذه الترجمة "حدثا فلسفيا بارزا" أذ أن أنياس هيللر رغم أهميتها الفكرية والفلسفية لم تكن معروفة في بلاد ديكارت.
وكان الرئيس ماكرون قد أشاد بها في حوار أجرته معه مجلة ELLE (هي) حيث اعتبرها من بين النساء اللاتي كان لهن تأثير كبير على مساره السياسي والفكري أمثال زوجته بريجيت ماكرون، وسيمون فايل التي وضعت في مقبرة "البانتيون" إلى جانب العظماء، وجوزيفين بايكر التي دافعت بقوة عن القيم الكونية، وعن السلام العالمي.
وفي الحوار المذكور قال ماكرون: "لقد أسعفني الحظ أن ألتقي أنياس هيللر قبل أن ترحل عن الدنيا في ظروف تراجيدية ورومانسية في نفس الوقت".
ومُعلقة على كتاب:" أخلاق الشخصيةّ، كتبت مجلة" الفلسفة" الفرنسية في عددها الصادر في شهر أبريل-نيسان من هذا العام تقول:" لكن من هي أنياس هيللر؟ هل هي مثقفة ماركسية منشقة، ومدافعة عن أوروبا الموحدة عن قناعة، وملتزمة بنضال مستميت من أجل الديمقراطية، ومناهضة عنيدة لفيكتور أوربان اليميني الذي يحكم بلادها راهنا؟ وهل هي هانا آرندت المجرية الناجية من المحرقة النازية، ومن النظام السوفياتي، والمنفية في أستراليا، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية؟ لكن هي قبل كل شيء فيلسوفة كبيرة وفريدة من نوعها. وهذا ما تثبته وتؤكده ترجمة كتابها :"أخلاق الشخصية" الذي يُشكل في حد ذاته حدثًا فكريًا وثقافيًا بارزًا".
وتنتمي أنياس هيللر المولودة عام 1929إلى عائلة يهودية من العاصمة المجرية بوداباست. وخلال الحرب الكونية الثانية، قام النازيون بجرّ عائلتها إلى المعسكرات لتفقد والدها هناك. وبعد الحرب انتسبت إلى الحزب الشيوعي، متأثرة بالخصوص بأفكار جورج لوكاتش.
وبسبب مشاركتها في انتفاضة بوداباست عام 1956، فصلت من عملها كأستاذة في الجامعة لتعيش سنوات من الاقصاء والبطالة. وفي مطلع الستينات من القرن الماضي، هاجرت إلى أستراليا لتعمل أساتذة في علم الاجتماع. وفي الثمانيات من القرن الماضي، استقرت في نيويورك، وظلت هناك حتى سنة تقاعدها.
بعدها عادت إلى بلادها لتخوض معركة حامية ضد اليميني فيكتور اوربان. وفي التاسع عشر من شهر يوليو-تموز2019 ، توفيت أنياس هيللر بينما كانت تسبح في بحيرة قرب بوداباست.
ولم تتخلى أنياس هيللر عن الماركسية، لكنها طرحت في مجمل كتبها أفكارا تنسجم مع ماركسية إنسانية منفتحة على التيارات الفكرية الأخرى، ورافضة لما يسمى بـ"ديكتاتورية البروليتاريا" التي أفضت إلى تشويه الماركسية، وتبرير جرائم فظيعة ضد المعارضين لها، وللحزب الواحد الذي يحكم باسمها. وفي مقدمة كتابها:" أخلاق الشخصية"، كتبت أنياس هيللر تقول: "لم يعد باستطاعتنا ان نكتب عن "الحياة الجيدة" للأفراد بأسلوب التقليد الفلسفي الكلاسيكي". وتضيف قائلة بإنها تطمح إلى أخلاق من دون معايير، ومن دون مثالية، ومن دون أي شيء يكون ويظل خارج الشخصية. وتعني الأخلاق عندها أن يكون الانسان مجبرًا على أن يسائل نفسه دائما من أجل أن يبلور الأفكار والمثل التي تناسبه، وتكون منسجمة مع حياته.
التعليقات