في مقال بعنوان:" دعوا الفتيات الباكستانيات يتعلمن"، نشرته مجلة Courrier internationale الصادرة في الأسبوع الأخير من شهر أبريل -نيسان الماضي، نقرأ في بدايته ما يلي:" قبل نحو أربعين عاما، في قرية معزولة تقع في الشمال الغربي من باكستان، كانت تعيش فتاة تحب أن تذهب إلى المدرسة مثلما يفعل إخوتها الذكور، إلاّ أن عائلتها لم تسمح لها بذلك.

وحدها جدتها كانت ترغب في تلبية طموحها، لذا اشترت لها لوحة لكي تكتب عليها. وسعيدة بتلك الهدية الرائعة، شرعت الفتاة الصغيرة البالغة من العمر عشر سنوات في التردد على المدرسة كل يوم فلا تغيب عنها أبدا.

وعند عودتها إلى البيت تمسح ما كتبته على لوحتها لتكون جاهزة في اليوم التالي لاستقبال الجديد. وذات ليلة زار العائلة رجل دين معروف في المنطقة. حالما رأى اللوحة، سأل عن صاحبها فأجابته الجدة بأنها لحفيدتها الصغيرة. عندئذ استشاط رجل الدين غضبا، وصاح قائلا:" تعليم الفتيات، والسماح لهن بالذهاب إلى المدرسة مناف لعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا. وإذا ما تعلمت هذه الفتاة القراءة والكتابة، فإنها ستشرع حينا في كتابة رسائل إلى فتيان لتدنس بذلك شرف العائلة". وقد انصاعت الجدة العجوز لتعاليم الشيخ، مانعة حفيدتها من الذهاب إلى المدرسة".

وتقول مجلة Courrier internationale إن تلك الفتاة التي تحطمت احلامها وهي في العاشرة من عمرها هي في الحقيقة والدة الصحافي الذي روى هذه الحكاية في مقال له نشر في جريدة "داون" الباكستانية الواسعة الانتشار.

وتضيف المجلة المذكورة قائلة بإنه انطلاقا من عام2018، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تنتظم في العاصمة اسلاماباد، وفي كبريات المدن الأخرى، تظاهرات ضخمة احتجاجا على القيود المسلطة على المرأة الباكستانية في جميع المجالات خصوصا في مجال التعليم.

ولم يكن منع تلك الفتاة الصغيرة من الذهاب إلى المدرسة حالة معزولة في باكستان. وقصتها الحزينة هي قصة ملايين النساء في باكستان.

ويروي الصحافي الباكستاني أن نساء كثيرات تعرضن لمظالم رهيبة في طفولتهن وفي شبابهن. وهناك عائلات ترفض أن يكون جل أفرادها فتيات. واحدة من الفتيات امتنعت والدتها عن العناية بها، وارضاعها لأنها لم تنجب ذكورا. واحدة أخرى منعت من الدراسة لأن أخاها الأكبر هدد بالانتحار إن هي أصرت على ذلك.

وتعتبر باكستان بسبب كل هذا من البلدان الأشد قسوة تجاه المرأة، والأكثر تنكرا لحقوقها المشروعة. ويعود ذلك إلى السلطة المعنوية الهائلة التي يتمتع بها رجال الدين بحيث لا يكاد أحد يجرؤ على رفع صوته للتصدي لهم ولمواعظهم وفتاويهم الصفراء. فإن فعل ذلك، يجد نفسه مُعرضا لعقوبات صارمة قد يكون الموت من بينها. ويقول الصحافي الباكستاني: "إذا ما نحن سمحنا للفتيات بالدراسة مثل الفتيان، فإننا سوف ننتصر على التطرف وعلى التزمت وعدم التسامح بحيث يصبح كره النساء، واضطهادهن شيئا من ماضينا البغيض. وبذلك نترك بلادنا أفضل حالا بالنسبة للأجيال المقبلة".