توجه الاقتصاد السعودي نحو أداء قوي في 2007

ايلاف


بدأت السعودية تأخذ مكانها بين أكثر القوى المالية العالمية نفوذاً وتأثيراً في السنوات القادمة. إذ تسجل المملكة حالياً، بعد 18 عاماً من العجز، فائضاً كل سنة منذ عام 2000 بناتج محلي إجمالي وصل إلى 347 بليون دولار في 2006.كثيراً ما كانت تتعرض الأصول الاقتصادية السعودية للتذبذب وفقدان الاستقرار، فقد ارتفعت عائدات النفط إلى 194 بليون دولار في 2006. ونتيجة لذلك، افترضت مؤسسة النقد العربي السعودي (SAMA) ndash; البنك المركزي للبلاد ndash; أن الموازنة التجارية للمملكة ارتفعت 17.5% العام الماضي، ووصلت إلى 553.4 بليون ريال سعودي (أي 148 بليون دولار)، حسبما جاء في صحيفة خليج تايمز.

وقامت مؤسسة النقد بزيادة أصولها الأجنبية 63 بليون دولار لتصل إلى 216 بليون دولار في 2006، وهو ما يعادل مجموع أصول القطاع المصرفي المحلي. مما يعني أن الأصول الأجنبية في المملكة ارتفعت بمقدار أربعة أضعاف في السنوات الأربع الماضية.

تعمل هذه الثروة على تعزيز الإنفاق الضخم على المشاريع، كما تمثل ثلاث سنوات من الاحتماء بغطاء الاستيراد، الوسادة الضخمة التي تقي من أي ضعفٍ يحل بأسعار النفط. وحسب تقرير صدر مؤخراً عن بنك ستاندرد تشارترد فإن السعودية تشهد نمواً في اقتصادها بزيادة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 20.3% عاماً بعد عام، وزيادة الناتج الفعلي بنسبة 6% في السنة ككل.

وكان معظم الأداء المزدهر جاء في أعقاب قفزة الـ 36.8% في صادرات النفط، مع أن الصادرات غير النفطية كان لها أداء ثابت بازديادها 11.6%. وبالرغم من هذا التوسع الاقتصادي المتين، نجد أن التضخم ما يزال بطيئاً نسبياً. ويُتوقع أن أسعار النفط المرتفعة هي التي تسببت في وصول الفائض من الحساب الحالي والمالي إلى مستويات قياسية في 2006. كما استُخدِم جزء من الفائض المالي لمواصلة التقليل من مستويات الدين الحكومي. وافترض التقرير أن مجموع الدين سيهبط إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2006.

وهذا ما يُقارَن بالذروة التي وصل إليها الناتج المحلي الإجمالي في 1999، حينما وصل إلى 119%. وفي هذه الفترة ارتفعت الاحتياطيات كذلك، على الرغم من توجه معظم دخل المملكة من النفط إلى أصول أجنبية بدلاً من احتياطيات حكومية. وكانت الأصول الأجنبية الصافية ارتفعت ارتفاعاً حاداً في مؤسسة النقد العربي السعودي بوصولها إلى 756.9 بليون ريال سعودي (أي 201.8 بليون دولار) في أغسطس (آب)، مرتفعة بذلك 32.1% منذ نهاية 2005.

وكان لأسعار النفط المرتفعة والإنفاق الحكومي المتزايد دور في تخفيف أي امتداد لتأثير هبوط سوق الأسهم على الاقتصاد، بالرغم من تضرر مستثمرين كثر. وكان المتضرر الأكبر من تدهور السوق هو إنفاق المستهلكين، وخاصة على المنتجات الفاخرة.

وإضافة إلى تزايد الإنفاق الحكومي، اتخذت الحكومة إجراءات للتخفيف من حدة هذا التدهور، وكان منها تخفيض أسعار البنزين والديزل 30% تقريباً.

وسيكون لمستوى الاستثمار المرتفع ذلك، إضافة إلى إنفاق الحكومة الحالي، أهمية كبرى في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي في 2007. وهذه هي الحال بالتحديد باعتبار التوقعات التي ترى أن الصادرات الصافية ستنقص من نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي، مع توقعات بانخفاض إنتاج النفط تناسقاً مع أسعاره.

ومن ناحية الإصلاح، فقد تمت إعادة تعريف خطط الخطوط الجوية السعودية وفُتِح باب العروض أمام قسم التموين فيها. كما أوضحت الحكومة أنها تخطط لإعادة تنظيم الخدمة البريدية، وبيع 49% من خدماتها.

وأعلنت الحكومة كذلك عن توسيع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وتطوير أربعة مدن اقتصادية جديدة في مناطق مختلفة، وفرض تخفيضات ضريبية على الشركات الأجنبية المستثمرة في المناطق غير المتطورة.

وفيما يتعلق بالقطاع المالي، فقد وضعت الحكومة خططاً لتطوير مركز مالي جديد في الرياض بحلول عام 2010. ولزيادة نسبة توظيف السعوديين في المركز، فقد تمت تهيئة أكاديمية مالية جديدة لرفع مستوى الكفاءات. ومن جهة أخرى، فإن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية يقودها إلى إصلاح مالي، ففي أكتوبر (تشرين أول) أقر مجلس الوزراء السماح لـ 13 شركة تأمين بالتنافس مع الشركة الوطنية للتأمين التعاوني التي كانت تحتكر هذا النشاط.

وبالإجمال، فقد كان عام 2006 عاماً قوياً للاقتصاد السعودي؛ إذ بقيت الأصول الاقتصادية متينة وتمكنت الحكومة من التقدم في تنفيذ برنامجها الإصلاحي وخططها الاستثمارية التي ستساعد في تطوير الطاقة الاقتصادية. وسيكون لانخفاض مقدار الدين وتكوين الاحتياطيات واستغلال الاستثمار الخاص دور حاسم في تقدم مستويات الاستثمار، بالرغم من انخفاض أسعار النفط ومستويات الإنتاج.

تعد الأهداف التي تسعى إليها الحكومة كتطوير المراكز المالية، التي سيكون دورها هاماً في زيادة الفرص الوظيفية، قاسماً مشتركاً مع دول أخرى في المنطقة وصلت إلى مستوى متقدم في هذا المجال. ويبقى تطوير البيئة الاستثمارية وجاذبية سوق العمل السعودي أمراً محورياً بالنسبة للسعودية لإدراك إمكانياتها الكاملة للإصلاح وتطبيق إجراءات الاستثمار المعلنة هذا العام.

وأضافت الصحيفة أنه في ميزانية العام 2007 تضاعف حجم الإنفاق المخصص لمشاريع التطوير الحديثة ليصل إلى 37 بليون دولار، مع التركيز على برامج للمباني التعليمية والمستشفيات، إضافة إلى المدن الاقتصادية الجديدة التي تطمح إليها الدولة.

وتعد الأخيرة جزءاً حيوياً من خطة المملكة الخمسية الثامنة للتطوير. وكان تم تخصيص حوالي 26 بليون دولار للتعليم وتطوير القوى العاملة، إضافة إلى بناء 2.000 مدرسة وجامعات.

وقد تشكلت لجنة وزارية خاصة للبحث في العوائق التي تمنع أو تؤخر تطبيق البرامج التطويرية والتي كانت سبباً في تأخير تنفيذها في الماضي.

ومن اللافت للانتباه أن الحكومة باشرت في تخفيض الدين العام من 366 بليون ريال إلى 310 بليون، ما يشكل انخفاضاً من 28% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 24%. وتحتفظ بالدين مؤسسات رسمية محلية، منها بنوك محلية وصناديق اجتماعية.

يعتقد المراقبون أن الزيادة في الميزانية كانت حذرة، ويبدو أنها قللت من تقدير العائدات الممكنة بسعر ضمني لبرميل النفط يصل إلى 35 دولاراً مقارنة بمعدل 55 دولاراً كان في 2006. وتستمر التوقعات المبشرة للاقتصاد. ففي حين يُتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي الفعلي للسعودية 4.2% مقارنة بـ 6.2% في 2006، إلا أن المملكة ما تزال تتوقع أن تسجل فائضاً، ولو أنه أقل قدراً في 2007.

سامية المصري
الرياض
2 يناير 2007