طلال سلامة من روما: أسباب إنهيار الأسواق العالمية، حدث مهم، وطلاسم معقدة بحاجة إلى الفك. وداخل مكتب أحد عمالقة الاقتصاد، بالولايات المتحدة الأميركية، مجموعة مختارة من الأسئلة تنتظر الإجابة من quot;بول سامويلسونquot; (Paul Samuelson)، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد في العام 1970، والذي يشغل اليوم منصب quot;بروفيسورquot; في معهد quot;ميتquot; (Mit) العريق ببوسطن.

لماذا تقف الأسواق المالية العالمية اليوم على كف عفريت؟
يعود السبب في ذلك الى المصارف الدولية وهيئات المراقبة المالية، حول العالم. فالمصارف الدولية اختلقت نوعًا من quot;الخيمياء الماليةquot; التي لا ينجح المشغلون الاقتصاديون في فهمها جيدًا وإدراك مدى المخاطر المخبأة داخلها. أما هيئات المراقبة المالية الدولية فيبدو أنها تقاعست في تأدية دورها القيادي بالكامل لمراقبة أحوال الاقتصادات العالمية.

ماذا تقصد بالضبط وما هو المرجع الدقيق لتعليقك؟
أنا أتكلم عن الآليات المالية، المعروفة باسم (CDO) و(ABS) و(SIV)، التي جرى إدخالها أثناء موجة quot;تحريرquot; الأسواق المالية العالمية من القيود. وطالما واكبت مثل هذه الآليات المالية الإدارات الأميركية، من عهد quot;ريغانquot; الى اليوم. نظريًا، كان من المفترض على هذه الآليات المالية إعادة توزيع وquot;دوزنةquot; الأخطار المالية، من أجل استباق خطر إصابة البورصات العالمية بأيام سوداء، كما تلك التي نشهدها ونسمعها في الوقت الحاضر.

على العكس، وبسبب هروب المشغلين الماليين من مسؤولياتهم، أصبحت مثل هذه الآليات المالية جزءًا من المشكلة! لا بل إنها تخطتها محولة بالتالي الطفرة العقارية العالمية الى ساحة رعب دوى صوتها المخيف في جميع أرجاء العالم.

لماذا تضعون ثقلاً خاصًا على قضية quot;سيتي كوربquot; (Citicorp)؟
إتخذت قضية quot;سيتي كوربquot; أبعادًا غير متوقعة. نحن لا نعلم بدقة ما هي الفجوة المالية الموجودة داخل دهاليز مكاتب quot;سيتي كروبquot;. علاوة على ذلك، تعتبر quot;سيتي كوربquot;، أكثر من أي مصرف دولي آخر، المخترعة الرئيسة للهندسة المالية التي جرفتنا جميعًا إلى الكارثة المالية الحالية. لزيادة الطين بلة، نجحت quot;سيتي كوربquot; في توريط عدة مصارف بريطانية وألمانية ويابانية وإيطالية في هذه الآلية الهندسية التي باءت بالفشل الذريع. الآن، يعبر لنا مسؤولو مصارف quot;سيتي كوربquot; وquot;بنك أوف أميركاquot; وكافة المصارف السويسرية عن دهشتهم حيال هذا الفشل. علمًا أنهم واكبوا quot;سرًاquot; شد حبال الأخطار المالية الى أقصاها فضلاً عن قيامهم بـ quot;تعتيمquot; جميع الصفقات المالية التي أشرف عليها كل من تلقى الأوامر منهم. ومن المدهش أن تقوم هذه المصارف الكبرى ببيع السندات المالية في السابق، التي كانت مضمونة من القروض العقارية، وكأنها نوعًا من الجبنة، التي نأكلها كل يوم، والتي تتميز بنوعية استهلاكية منخفضة أو معتدلة أو عالية.

هل تعتقد أن الصناديق السيادية، المملوكة من الحكومات (منها تلك الخليجية)، ستخفف العبء عن الأزمة المالية الحاضرة؟
ان الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة الأميركية ذات أهمية استراتيجية، اليوم. فأميركا، اليوم، بحاجة الى بقية دول العالم أكثر من أي وقت مضى. هذا وتراجعت المساهمة الأميركية، في النمو الاقتصادي العالمي، من 45 الى 20 في المئة. أنا آمل في ذلك بيد أن نتيجة هذه الاستثمارات لا تزال غامضة بعد.

هل تعتقد أن ثمة أخطار محددة في توغل الصناديق السيادية الى الأراضي الأميركية؟
الى اليوم، لا تزال سماء هذه الاستثمارات الأجنبية صافية. لا أستبعد أن تنشأ بين حكومة واشنطن وحكومة الرياض (المملكة العربية السعودية) أزمة سياسية ان أقدم السعوديون على بيع ممتلكاتهم الأميركية بسعر أدنى من سعر الشراء الأولي.

كيف سنخرج من الأزمة المالية العاصفة؟
قبل كل شيء علينا أن نتحرر من الجهل وعدم الفاعلية، التي تتبعهما quot;بإخلاصquot; سياسة حكومة واشنطن المالية. في أي حال، ومهما كانت الأوضاع السياسية والاقتصادية حول العالم، تنجح quot;مافياquot; الاقتصاد الدولي دومًا في إنقاذ مصالحها ببراعة شديدة.