مع اتساع رقعة التصدير والتسويق الخارجي
مُحلّل مالي لـquot;إيلافquot;:تونس قد تستفيد من الأزمة العالمية إن أحسنت استغلالها

إسماعيل دبارة من تونس: قد تكون quot;مصائب قوم عند قوم فوائدquot; مقولة قد تعبّر عن الحالة التونسية شبه المستقرّة وسط إعصار ماليّ عالمي لا يبقي ولا يذرّ.
فتونسquot;ستتأثر لا محالة بهذه الأزمة ولكن يمكن أن تُحول هذه الوضعية لصالحها إن توفرت الظروف الملائمةquot; هذا ما خلص إليه المحلّل المالي التونسي الدكتور فراس جبلون في حوار له مع quot;إيلافquot; تناول تداعيات الأزمة المالية العالمية الأسوأ منذ الركود الاقتصادي الكبير في العام 1929.

و على الرغم من إقرار الدكتور جبلون بتداعيات مباشرة للأزمة العالمية على الاقتصاد التونسي فإنه يؤكّد أنّ الاعتقاد الراسخ الذي سوّق له بعض المسؤولين وفحواه أن البلاد نجحت في وقاية اقتصادها من الأزمة المالية قد بدأ يهتزّ شيئا فشيئا.

و مردّ هذا الاهتزاز استنادا إلى الخبير المالي المقيم في لندن و المتواجد حاليا في تونس هو دخول الاتحاد الأوروبي الشريك الأولّ في قلب رحى هذه الأزمة العالميّة، فتونس التي تعتمد على اقتصاد مفتوح على العالم وبالتالي لا مفر من تأثّرها بأزمة عالمية بهذا الحجمquot;.

وذهب الدكتور فراس جبلون إلى القول إنّ التداعيات السلبية التي خلفتها الأزمة على تونس قد تتحوّل إلى ايجابيات إن أُحسن استغلالها بالشكل المناسب.

و تتمثّل التداعيات السلبية في كون الاقتصاد التونسي يعتمد كثيرا على التصدير، و انخفاض الاستهلاك في الدول الأوروبية بسبب الأزمة سيخفض الطلب آليا على السلع التونسية الأمر الذي سيؤثّر حتمافي حركة التصدير إن تواصلت هذه الظرفية، وتتمثّل السلبيّة الثانية في صعوبة الحصول على تمويل من البنوك الذي ينقص حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المستقبل و قد يجبر كذلك المستثمرين الأجانب على سحب رؤوس أموالهم من تونس لتغطية خسائرهم في أسواق أكثر أهمية لديهم.

كما ستتأثّر السياحة التونسية بسبب عزوف السياح الأجانب خاصة أن النوعية التي تزور البلاد عادة ما تموّل عطلها بقروض بنكية.

أما التداعيات الايجابية التي تحدّث عنها الدكتور فراس جبلون فتتمثّل في كون رؤوس الأموال الخليجية، المختصة خاصة في العقارات، هربت من الأسواق الأميركية وصارت تبحث عن توظيف أموالها في أسواق جديدة، على الرغم من أنّ البلاد حصلت على منابعها من هذه العملية (مشروع سما دبي على سبيل المثال) مع أنها مازالت تنتظر البداية الفعلية لهذه المشاريع.

و شدّد جبلون كذلك على أنّ ركود سوق العقارات في أوروبا قد يجعل السوق التونسية أكثر جاذبية لصغار المستثمرين الأجانب ، كما أنه على تونس أن تستقطب النوعية الرفيعة من السياح الذين عادة ما يذهبون إلى وجهات أكثر كلفة.

وبخصوص البورصة التونسية ومدى تأثّرها بالمستجدات الأخيرة قال جبلون إنّ البورصة صغيرة جدا وبالتالي فهي لا تتأثر سريعا بالتقلبات العالمية، ثمّ إنّ عدد المستثمرين الأجانب قليل كما أن القوانين المعتمدة لا تسهل هروب الرأسمال ، بل إنّ الثقة في قدرة الاقتصاد التونسي على مواجهة الأزمة جعل مؤشر quot;تونانداكسquot; يرتفع 29 بالمائة منذ بداية السنة ، قبل أن ينهار هذا المؤشر مؤخرا بـ 10 بالمائة وسط تنامي الخوف من عدم قدرة البلاد على البقاء طويلا خارج تأثير الأزمة.

وحول الخطط المعتمدة دوليّا لإنقاذ البنوك علّق عليها الدكتور جبلون بالقول:quot;تظلّ خططا غير شعبية بدليل صعوبة مصادقة برلمانات تلك الدول عليها ، كما أنّها قد تنجح في حل المشكل وقد تدخل العالم في حالة ركود إن هي فشلت ثمّ لا ننسى أنّ هذه الأزمة شككت عمليّا في فاعلية النظام الرأسمالي ونظرية اقتصاد السوق وأحرجت كثيرا المدافعين عنهquot;.

ولوحظ في تونس اهتمام متزايد في الآونة الأخيرة بالملفّ المالي و الاقتصادي على الرغم من عدم بروز تداعيات كبرى آنية على الاقتصاد الوطني بسبب الإعصار المالي الأخير.
و تحدّث محافظ البنك المركزي التونسي السيد توفيق بكّار ثلاث مرات في أقلّ من أسبوع واحد محاولا شرح مختلف الجوانب المتصلة بهذه القضية.

و يرى خبراء و متابعون مقرّبون من الحكومة إنّ المميزات والايجابيات التي يتمتع بها الاقتصاد تجعله قادرا على الصمود في وجه مثل هذه المتغيرات العالمية الطارئة، و يرى المتابعون ذاتهم إنه و على الرغم من انخراط تونس في اقتصاد السوق و بالتالي تأثّرها المباشر بكلّ مستجدّ دوليّ طارئ ، إلا أنها تبقى ذات مقوّمات و خصائص ذاتية قد تساعدها على النمو المتوازن و تجاوز الأزمات الطارئة.

إلا أنّ عددا من الخبراء و الاقتصاديين المستقلّين اتهموا الحكومة بإتباع سياسة ضبابيّة و غير مقنعة بالقول إنّ البلاد في مأمن كلّي من تداعيات هذه الأزمة الضخمة التي ستطال حتى أكثر الدول انغلاقا و تقوقعا في العالم.