كامل الشيرازي من الجزائر: هدّد المئات من المزارعين الجزائريين بالتصعيد في غضون المرحلة القادمة، على خلفية ما يعتبرونه quot;تدهورًا لأوضاع المنظومة الزراعية في البلادquot;، وقال هؤلاء في إفادات لـ quot;إيلافquot; إنّ أموال الدعم الزراعي quot;باتت تذهب إلى غير وجهتها الصحيحةquot;، كما أبدوا تذمرًا من عدم تجاوب السلطات مع مقترحات رفعوها منذ سنتين حول حتمية إلغاء ما يُعرف بـquot;الوسطاءquot; في تسويق المنتجات الزراعية، وتوفير quot;المازوتquot; للاستعمال الفلاحي بسعر تحفيزي ودعم الكهرباء الفلاحية في الجنوب.

وطالب المزارعون في وثيقة حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منها، بإنشاء ديوان محلي مركزي يعنى باستيراد وإنتاج وتطوير بذور الزراعات الاستراتيجية مثل البقول والحبوب والبطاطا وغيرها، مع ضمان دعم نوعي للأنشطة الزراعية بشكل يضمن السعر الأدنى لكل منتوج زراعي، إضافة إلى إعفاء عوامل الإنتاج الزراعي من الضريبة على القيمة المضافة ومسح ديون المزارعين، مع إعادة النظر في التقييم الخاص بها وإيجاد صيغة عملية لإدراج الجفاف والجراد والفيضانات ومختلف الآفات ضمن الكوارث الكبرى وتعويض المتضررين منها.

وكان وزير الزراعة الجزائري quot;السعيد بركاتquot; اعترف بوجود عدة مشاكل مطروحة على مستوى القطاع، وقال إنه كمسؤول أول على القطاع الزراعي في بلاده، يجهلحتى الآن الأسباب الحقيقية للموضوع، مؤكدًا أنّ الوضعية الاقتصادية المتعلقة بالقطاع الزراعي التي تمر بها الجزائر حاليًا لا تبعث بالخوف، باعتبار أن المخطط المحلي للتنمية الزراعية، الذي طبقته الوزارة بداية منذ ثماني سنوات، أسفر بحسبه على نتائج جيدة ، في صورة تدعيم 350 ألف مستثمرة زراعية، إلى جانب إصلاح قرابة 600 ألف هكتار من المساحات الزراعية.

وتراهن الجزائر على لسان مسؤوليها، على خلق آليات وميكانيزمات جديدة لتفعيل النشاط الزراعي على عدة مستويات، لذا دخلت السلطات في مفاوضات مع عدة مصارف بغرض تمويل المزارعين بقروض بنكية، لاستيراد ما يقارب 50 ألف بقرة حلوب من النوع الرفيع سنويًا، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من ناحية الحبوب الجافة، والقضاء على أزمة مادة الحليب بصفة نهائية، كما سيتم استصدار قانون جديد قريبًا، يتضمن إصدار منع تحويل الأراضي الزراعية التابعة للدولة أو للخواص لأغراض أخرى ليس لها صلة بالقطاع.

في شق آخر، علمت quot;إيلافquot; من مصادر مطلّعة، أنّ السلطات الجزائرية فتحت تحقيقًا بشأن ما صار يعرف بـ quot;فضيحة المزارعين المزيفينquot;، وما صار يتردد عن 80 ألف مزارع مزيف استفادوا من قروض زراعية دون أن يسددوها في أجالها المحددة.

ووفقًا لبيانات الغرفة الجزائرية للزراعة، فإنّ هذه الملفات تشمل 7399 مزارعًا تم حذفهم نهائيًا من القائمة الوطنية، بينهم 4150 في إطار عملية التطهير التي أمر بها وزير الزراعة، ولها علاقة بأموال الدعم الفلاحي وتحويلها إلى أغراض أخرى، علمًا أنّ ما يزيد عن 20 ألف ملف لمزارعين يُشتبه في كونهم quot;وهميينquot; لا يزالون قيد التحقيق، وينتظر أن تفصل فيها الجهات المختصة في الأيام القليلة القادمة، إضافة إلى ملفات المزارعين الذين استفادوا من قروض من الصندوق الوطني لدعم الإنتاج الزراعي، ولم يكلفوا أنفسهم عناء تسديدها في أجالها المحددة، الأمر الذي تسبب في أزمة مالية خانقة للصندوق.
وبحسب إفادات، فإنّ إنذارات وجهّتها الوصاية إلى نحو 60 ألف مزارع، علمًا أنّ هذه القضية الشائكة طفت، إثر تحقيق لتحديد التجاوزات ومصدرها، طال 300 ألف مستثمرة فلاحية أنشئت بموجب المخطط المحلي لدعم التنمية الزراعية.

ويرتقب أن تمس عملية التطهير المستمرة، كل شخص تثبت عدم مزاولته أي نشاط زراعي بصورة مستمرة ومنتظمة حسب ما ينص المرسوم 63/93 الذي ينظم الحالات التي تمنح لأجلها بطاقة مزارع، ويشترط أن تكون فواتير اقتناء مواد إنتاجية أو فواتير متعلقة بوسائل متصّلة، متسلسلة بالزمان والفصول حتى لا يتم التلاعب بأموال الدعم الزراعي.

ويرى مراقبون، أنّ أكثر من طرف يتحمل مسؤولية منح بطاقات إلى المزارعين المزيفين، فالآلاف من المستفيدين من بطاقة مزارع طبقًا للقانون لا يزاولون أي نشاط والكثير منهم استفاد من أموال الدعم، والخطأ تتحمله المصالح الإدارية على مستوى الولايات، مع الإشارة أنّ كثير من التجاوزات شهدتها ولايات الجلفة والعاصمة وتيبازة، حيث تم إحالة 150 ملف على العدالة في قضايا نهب الأراضي الفلاحية، وفي إطار التحقيقات حول الاستثمارات الزراعية التي لم تظهر نتائجها لحد الآن.