كامل الشيرازي من الجزائر: يشنّ الإتحاد الجزائري للمزارعين، ضغوطًا قوية على حكومة بلاده لحملها على قبول تسويق الحبوب المحلية، وشرائها من المزراعين مباشرة بدل النزوع إلى الإستيراد والمضاربة، وقال متحدث باسم الاتحاد لـquot;إيلافquot; إنّ رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم وكذا وزيره للزراعة quot;سعيد بركاتquot; مطالبان بإجبار إدارة quot;الديوان الجزائري للحبوبquot; على قبول شراء الحبوب من المزارعين المحليين، وعدم الانسياق وراء استنزاف أموال الخزانة العامة بداعي الاستيراد لتلبية حاجيات المواطنين المتزايدة من الحبوب الجافة واللينة، وألحّ رئيس اتحاد المزارعين quot;محمد عليويquot; على أنّ الخطوة أكثر من ضرورية لتأمين الإنتاج المحلي، مثلما ينص على ذلك دستور البلاد.
وذكر الناطق باسم الاتحاد، أنّ استمرار رفض الديوان المذكور شراء الحبوب مباشرة من المزارعين، سيؤدي الى خروج ما يربو عن السبعمئة مليون دولار تبتلعها السوق السوداء تبعًا لتداولها هناك بغير سعرها الحقيقي، وأضاف أنّه ليس من حق الديوان رفض شراء الحبوب من المزارعين، لما لذلك من أثر إيجابي على تخفيض أسعار الحبوب، مع الإشارة إلىأنّ ارتفاع سعر مادة القمح اللين، قبل ثلاثة أشهر، أنتج أزمة الخبز، إثر عجز الخبازين عن اقتناء المادة إياها بعدما صعد ثمنها 190 ألف دينار إلى 220 ألف دج للقنطار الواحد.
وكان الديوان الجزائري للحبوب تحجّج بكون التحاليل أثبتت أنّ هذه الحبوب ذات نوعية رديئة وتتضمن خطرًا على الاستهلاك الإنساني والحيواني، واعتبر ذلك سببًا كافيًا لتبرير رفضه شراء تلك الحبوب من المزراعين، ما دفع هؤلاء إلى بيعها في السوق السوداء، وهو ما جعل الخزلنة العامة تخسر ما قيمته 400 مليون دينار جزائري، كما تحذر الغرفة الجزائرية للزراعة من أنّ تواصل هذا النزاع، سيدفع إلى خروج 30 إلى 40 في المئة من المنتوج المحلي عن نطاقه الرسمي، في وقت يخشى مراقبون من اشتداد القبضة الحديدية إلى منحنى ترفض معه المصارف الحكومية منح قروض الدعم الزراعي إلى مستحقيها.
وأكدت مصادر مطلعة، أنّ الجزائرأنتجت العام الماضي ما يعادل 43 مليون قنطار من الحبوب، وقد تتضاعف هذه الكمية إلى ما يفوق 60 مليون قنطار وهذا يعني تحقيق الإكتفاء الذاتي في مادة القمح الإستراتيجية وكذا تقليص مصاريف الإستيراد من الخارج والإبتعاد عن دائرة التبعية للإقتصاد الأجنبي.
من جهة ثانية، حمّل الاتحاد الجزائري للمزارعين، الوزارة الوصية مسؤولية تخزين التجار للمنتجات الزراعية داخل غرف التبريد، وما ينجرّ عن ذلك من إعادة بيع تلك المنتجات بأسعار عالية عند ارتفاع الطلب، ودعا إلى ضرورة فرض هذه الأخيرة رقابة صارمة على الإنتاج المحلي للقضاء على ظاهرة كانت سببًا لبلوغ أسعار المواد الأكثر استهلاكًا معدلات مخيفة قبل أشهر، علمًا أنّ مصادر غير رسمية تتحدث عن حجم بلغ 60 في المئة من مادة البطاطا قد تم تخزينه آنذاك.
ويرى متابعون أنّ التحكم في أسعار الخضر والفواكه، مرتبط رأسًا بمدى تمكن السلطات وعلى رأسها وزارة التجارة من فرض رقابة صارمة على الأسواق لمنع احتكار التجار للمواد الواسعة الاستهلاك، خاصة أن عملية الاحتكار تفرز المضاربة التي تؤدي بدورها الى الندرة وارتفاع الأسعار مجددًا، بينما ترتفع أصوات هنا وهناك مطالبة السلطات بضرورة إعادة تنظيم الأسواق المحلية، والسعي لإنشاء أسواق نوعية تكفل توزيع المنتوجات الزراعية بكيفيات عادلة لا لبس فيها.
وشهدت الأسواق الجزائرية خلال الفترة القليلة الماضية زيادات كبيرة، وأتت الخضراوات في صدارة اللائحة quot;المجنونةquot;، فسعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا بـ50 دينارًا بعد أن كان 25 دينارًا، مع توقعات بتضاعفه إلى حدود مئة دينار، بينما وصل سعر الطماطم والبصل إلى 70 و30 دينارًا، كما أنّ الجزر والبنجر والبازلاء صارت قيمتها تناهز 160 دينارًا والفلفل الأخضر 180 دينارًا، ولم تشذ أسعار الفواكه عن القاعدة، إذ وصل سعر كيلو العنب المجفف إلى 380 دينارًا، وكيلو التفاح إلى 90 دينارًا للكيلو، وبقي سعر التين عاليًا بـ150 دج للكيلوغرام.
وعزا الباعة هذا التحول الرهيب إلى المضاربة وكثرة أيادي السماسرة في أسواق الجملة، بينما ردّها آخرون إلى الأطنان الهائلة من البطاطا الفاسدة التي استوردتها الجزائر من كندا، ويستفهمون عمن وقف وراء ذلك، فيما يُرجع خبراء الشأن الاقتصادي الجزائري، ارتفاع الأسعار إلى عدم صرامة الدولة في تطبيق الرقابة على تنفيذ القوانين، وquot;خضوع السوق الجزائرية لمجموعة من المتحكمين داخليًاquot;.
التعليقات