محمد بن فهد العمران
كما هو معروف، قام البنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي عدة مرات في أقل من ستة أشهر حتى وصلت إلى 2,25 في المائة بهدف إعطاء محفزات للاقتصاد الأمريكي الذي يعاني أزمة ائتمانية أدخلته في فترة ركود اقتصادي. نتيجة لذلك، قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بملاحقة quot;الفيدراليquot; من خلال إجراء عدة تخفيضات على أسعار الفائدة للودائع بالريال (الريبو العكسي) حتى وصلت الآن إلى 2,25 في المائة، في حين تم تثبيت سعر الفائدة على الإقراض بالريال (الريبو) عند 5,50 في المائة دون تغيير.
ويبقى السؤال: كيف تعاملت بنوكنا مع انخفاض أسعار الفائدة؟ وهل تأثرت من ذلك إيجابا أم سلباً ؟
من الناحية النظرية، من المفترض ألا تؤثر أسعار الفائدة في ربحية البنوك لأن هوامش الإقراض على العملاء وهوامش ودائع العملاء يجب أن تبقى ثابتة بغض النظر عن مستوى أسعار الفائدة (سواء كانت مرتفعة أو منخفضة). إلا أن ما يحصل في الواقع هو أن هوامش الودائع تبقى ثابتة لكن هوامش الإقراض ترتفع عند انخفاض أسعار الفائدة وتنخفض عند ارتفاع هذه الأسعار، مما يعني أن ربحية البنوك من العمولات الخاصة ترتفع عند انخفاض أسعار الفائدة وتنخفض عند ارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي فإن الانخفاض الحاصل حالياً في أسعار الفائدة من المتوقع أن ينعكس إيجابا على ربحية البنوك بشكل عام.
من جانب آخر، نجد أن أسعار الفائدة تؤثر بشكل مباشر في تكلفة الاقتراض لدى كل من الشركات والمؤسسات والأفراد، بحيث إنه كلما انخفضت أسعار الفائدة مكّن ذلك المقترضين من تخفيض تكلفة التمويل وبالتالي تحقيق ربحية أعلى، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الطلب على الاقتراض طالما أن تكلفة الاقتراض أقل من العائد على الاستثمار. تكمن المشكلة أن هذا يؤدي إلى زيادة العرض النقدي بنسب متسارعة وهو ما يتعارض تماماً مع السياسة النقدية التي تسعى إلى كبح جماح نمو العرض النقدي الذي يراه المسؤولون في مؤسسة النقد السبب الرئيس لارتفاع التضخم في المملكة.
على الرغم من رفع نسبة الاحتياطي القانوني لدى البنوك من 5 في المائة إلى 10 في المائة في أقل من عامين، إلا أن البنوك لا تزال تسجل معدلات متسارعة في نمو القروض مما يدل على عدم فاعلية نسبة الاحتياطي القانوني حتى الآن في الحد من نمو العرض النقدي، وبالتالي بروز سعر الفائدة كأداة مهمة (إن لم تكن الأهم) للتحكم في السياسة النقدية إلا أن المشكلة تتمثل في عدم فاعلية تثبيت سعر الريبو للحد من نمو الإقراض المصرفي نتيجة وجود فجوة كبيرة بين سعر الريبو وسعر تكلفة الإقراض بين البنوك السعودية بالريال (السايبر) الذي يتم تسعيره حالياً قريبا من سعر الريبو العكسي، وهو ما يضع السياسة النقدية في موقف ضعيف أمام أي محاولات لكبح جماح التضخم.
- آخر تحديث :
التعليقات