إجراء يزيل أهم عقبة أمام المستثمرين
الحكومة الجزائرية تلغي الاحتكار على عقاراتها

كامل الشيرازي من الجزائر
علمت quot;إيلافquot; من مراجع جزائرية، أنّ الحكومة هناك تستعد لإلغاء الاحتكار على منظومة العقارات، أو ما يطلق عليها محليا quot;الأملاك الوطنيةquot;، وأتى الإجراء بعد اتفاق أكثر من مسؤول وجهة في الجزائر على أنّ قانون الأملاك الوطنية الحالي يعيق قاطرة الاستثمار، وجعل كثير من المستثمرين المحليين والأجانب يعزفون عن إطلاق خطط استثمارية ضخمة بسبب مشكلة العقار الصناعي، وما أنتجته من أعطال قياسية، جعلت مشاريع عديد المستثمرين العرب على منوال مجموعة quot;إعمارquot; الإماراتية على سبيل المثال لا الحصر، ظلت معلقة لما يربو عن السنتين، بسبب معضلة الأراضي، وهو ما دفع بالمنظمة العالمية للتجارة لإبداء تحفظات إزاء بقاء مشكل العقار عالقا، فيما لم يتردد وزير التجارة الحالي الهاشمي جعبوب عن إرجاع سبب تعطل النمو إلى إشكالية العقار، بجانب حديث خبراء عن بيروقراطية متفشية وتداخل صلاحيات على نحو ألقى بظلاله على تعاطي مختلف الأجهزة الحكومية مع هذه المسألة، ليأتي القرار المرتقب إعلانه في غضون الفترة القادمة، محفزا لمبادرات الاستثمار الأجنبية في الجزائر.
وبحسب معلومات أكيدة، فإنّ الحكومة الجزائرية بصدد تحديد شروط منح الامتياز على أراضي الدولة الموجهة للاستثمار، بعدما صادق مجلس الحكومة قبل أيام، على مشروع تمهيدي لقانون يحدد شروط وكيفيات منح الامتياز على الأراضي التابعة لأملاك الدولة والموجهة لانجاز المشاريع الاستثمارية، ويرمي هذا المشروع أساسا إلى تحديد شروط وكيفيات منح العقارات التابعة للدولة من خلال رفع مدة الامتياز من 20 سنة إلى 99 سنة قابلة للتجديد حيث سيكون بالإمكان الترخيص للمستثمرين الشروع في تجسيد مشاريعهم عن طريق التراضي أو من خلال البيع بالمزاد العلني.
ويقضي المخطط الجديد بالتنازل عن عقارات مملوكة للدولة بغرض استقطاب استثمارات أجنبية، ويتعلق الأمر بضبط طرائق منح هذه العقارات عن طريق الامتياز من أجل إنجاز مشاريع استثمارية، وسيحدد نص تشريعي كيفيات التنازل عن العقارات العمومية، في إجراء من شأنه طمأنة أصحاب المشاريع الصناعية والسياحية والخدمية أو تلك المتعلقة بالترقية العقارية، علما أنّ الإجراء المستحدث يستثني الأراضي الزراعية، وكذا المساحات الموجودة داخل مناطق التوسع، إضافة إلى المواقع السياحية الموجودة ضمن المحيطات المنجمية وتلك المعدّة للبحث واستغلال المحروقات.
وكلّف رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم لجنة وزراية مشتركة بمتابعة الملف وبحث مسألة العقار الصناعي، بعد أن أكّدت إحصائيات رسمية وجود خمسمائة فضاء صناعي يتربع على مساحة إجمالية تفوق 22 ألف هكتار، تعاني من الإهمال، فضلا عن 30 إلى 50 في المائة من الأراضي المصنفة في خانة العقار الصناعي، والمقدرة بحوالي 30 ألف هكتار على المستوى المحلي، هي أراضي غير مستغلة، وهو ما ألقى بظلاله على أداء نحو 70 منطقة صناعية كاملة، رغم أنّ الجزائر تملك مقومات سوق عقارية حقيقية.
وعُلم أنّ الجهاز التنفيذي في الجزائري يعتزم تكليف المجلس الجزائري للاستثمار بمنح تراخيص التنازل عن العقارات لصالح المستثمرين المحليين والأجانب المجسدين لمشاريع ذات بعد وطني فيما سيكلف مسؤولو المحافظات الـ48 بالترخيص للمستثمرين المنشئين لمشاريع ذات الطابع المحلي، من جانبه، أعلن الوزير الجزائري للسكن والعمران نور الدين موسى، عن قرب الانتهاء من إعداد إطار قانوني جديد من شأنه ان يضفي المزيد من النظام والتأطير على نشاط وكالات الترقية العقارية عبر الوطن بهدف خلق سوق حقيقية للعقار، وأوضح الوزير إنّ مجموعة عمل تضم ممثلين عن وزارتي السكن والتجارة تعكف حاليا على صياغة نص قانوني ينظم نشاط وسوق التعاملات العقارية ويضبط نشاط كل الوكلاء العقاريين، خصوصا بالنسبة للجانب المتعلق بشراء الأملاك وما يكتنف عمليات بيعها.
وكشفت دراسة أعدتها وزارة الصناعة الجزائرية، أنّ 50 في المئة من العقار الصناعي غير مستغل، وهي تخص 500 فضاء صناعي تتربع على مساحة إجمالية تفوق 22 ألف هكتار، وتعاني معظم هذه المساحات من وضع كارثي، بما انعكس سلبا على النشاط الصناعي لمجموع المتعاملين المقيمين والمسيرين لهذه المساحات، ربعهم فقط لديهم سندات ملكية أصلية، أما النسبة الباقية، فإنهم يتمتعون بقرارات مؤقتة أو عقود إدارية بسيطة، وأفيد أنّه سيتم تسوية الوضعية الإدارية لـ50في المئة من مجموع هذه المساحات، بما سيسمح للعديد من المتعاملين من الحصول على عقود ملكية أصلية، وهو ما سيسهل على هؤلاء اللجوء إلى بنوك للحصول على قروض.
ويتضمن البرنامج تخصيص إعتمادات مالية مباشرة لهذه المناطق، بالإضافة إلى التكفل الكلي من طرف الدولة بكل الاحتياجات المحصاة في تلك المناطق، ولتفادي الضغوط المتصلة بمطابقة الأشغال للمقاييس التقنية المعمول بها، ويأتي تنفيذ هذا البرنامج الذي خصص له 2,7 مليار دينار في إطار قانون الموزانة للعام الحالي، بالتزامن مع صياغة مشروع جديد لإنشاء ثلاث مدن صناعية، مثل مشروع مدينة quot; بلارة quot; بولاية جيجل، وبحسب معلومات موثّقة، سيجري تأهيل سائر المناطق الصناعية، وسيتم ترسيم ذلك عبر وضع دفاتر شروط صارمة تستوعب ما يربو عن 900 ملايين دينار، على أن تمس العملية في مرحلة أولى المناطق الصناعية لأولاد صلاح (جيجل)، تاحراشت (بجاية) خسيبيا (معسكر) ndash; الضواحي الشرقية والغربية للجزائر، في انتظار تعميم المخطط ليطال ولايات عين تموشنت، ووهران، وعنابة، والشلف، وعين مليلة وتيبازة الواقعة على مستوى الضفاف الشمالية للبلاد.

كما تقرّر تغيير الإطار القانوني لمؤسسات تسيير المناطق الصناعية وإعطائها صفة شركات ذات أسهم تسير ميزانيتها الخاصة، على أن يتم الفتح التدريجي لرأسمال هذه الشركات لصالح المتعاملين المتواجدين بهذه المناطق، وتلزم هذه الشركات بوضع بنك معلومات تضم كل المعطيات المتعلقة بالأراضي الصناعية لصالح المتعاملين الاقتصاديين من خلال إنشاء موقع الكتروني لهذا الغرض.
وجرى توجيه نحو 19 ألف هكتار للاستثمار، جرى أخذها من الحقيبة العقارية المملوكة للدولة، بهدف تشجيع الاستثمار في هذا المجال وتطوير مناطق نشاط، ما من شأنه السماح بإدماج 10 آلاف هكتار إضافية في مجال الاستثمار في العقارات الصناعية، لتكون النتيجة 30 ألف هكتار وجهتها الدولة إلى هذا الهدف عن طريق بيعها للمقاولين ما عدا الـ10 آلاف هكتار الأخيرة التي تم تخصيصها لطرق الامتياز، بيد أنّ خبراء يؤكدون إنّ الدولة باتت عاجزة تماما عن التصرف أو التدخل في تسيير العقارات التي تم بيعها للخواص بما فيها العقارات التي لم يتم استغلالها باستثناء 5 إلى 6 آلاف هكتار ما يزال بإمكانها النظر فيها.

وقدّر مسؤول جزائري ndash; طلب عدم نشر إسمه، أن تلجأ بلاده إلى ما يٌعرف بـ(قانون الشفعة) لاسترجاع بعض الأملاك غير المستغلة والمتواجدة بالمناطق الصناعية بهدف إعادة وضعها في السوق من جديد كما سيتم استرجاع بعض العقارات الصناعية التابعة للمؤسسات العمومية التي تعرضت للحل، والتي يبلغ عددها 1500 مؤسسة، تملك حوالي 15 ألف هكتار غير مستغلة، وهو ما قد يغطي احتياجات السوق المحلية، علما إنّ عملية مسح العقارات التابعة للدولة طالت ستة ملايين هكتار، أي نصف المساحة الكلية المقدرة بـ12 مليون هكتار، ويتطلب إنهاء هذه العملية فترة تمتد من 10 إلى 15 سنة.
وذكر وزير المالية الجزائري كريم جودي، أنّ قانون الأملاك الوطنية الحالي ينطوي على عديد العيوب والنقائص، وذهب إلى حد القول أنّ القانون المذكور تجاوزه الزمن، وتسبب في إعاقة الاستثمار وتكريس احتكار الدولة في تسيير الأملاك الوطنية.
وبناء على ما تقدّم، عرض الوزير ذاته على لجنة برلمانية مختصة، مسودة المشروع المتمم للقانون المتضمن قانون الأملاك الوطنية، وينطوي المشروع على ضمان تحيين قانون الأملاك الوطنية مع إلغاء الاحتكار على تسيير الأملاك العمومية وإدخال إمكانية تأسيس حقوق عينية على المنشآت والبنايات والتجهيزات ذات الطابع العقاري والمنجزة فوق الأملاك العمومية.