طلال سلامة من روما: تنشط جمعيات حماية البيئة وحقوق المستهلكين في إيطاليا من جراء غلاء المعيشة الذي يلقي ظلاله القاتمة ليس على ايطاليا فحسب، إنما على جميع الدول الأوروبية لا سيما تلك التي تعتنق عملة اليورو. تعتبر quot;كوداكونزquot; (Codacons) أبرز هذه الجمعيات بإيطاليا، وهي تعتني بتنظيم نشاطات جمعيات حماية البيئة وحقوق المستعملين والمستهلكين. ولدت جمعية quot;كوداكونزquot; في العام 1986، كخليفة تجمع تحت سقفها حملات سابقة للدفاع عن حقوق المستعملين والمستهلكين التي شهدت بدورها انطلاقة تاريخية في العام 1976. منذ ولادتها، وعن طريق نشاطاتها المتعددة وشبكاتها التنظيمية المتفرعة، تصدرت quot;كوداكونزquot;، على أساس تقويم وسائل الإعلام المحلية والمجتمعات الصناعية والاجتماعية والمؤسساتية المحلية، قائمة الجمعيات الإيطالية، تحت شعار الدفاع عن حقوق المستهلكين. على الصعيد الوطني، سرعان ما أضحت quot;كوداكونزquot; ممثلة لأغلب جمعيات الدفاع عن حقوق المستهلكين بإيطاليا من حيث حجم النشاطات المنتجة.

كما تشترك quot;كوداكونزquot; في عدد كبير من اللجان الاستشارية التي تلجأ إليها الدوائر الحكومية والرسمية، في الوقت الحاضر. بمعنى آخر، ينظر الجميع اليوم إلى quot;كوداكونزquot; على أنها quot;جمعية الجمعياتquot;. بالفعل، ثمة العديد من الجمعيات التي تعمل تحت سقفها لحماية المستعملين المشتركين في الخدمات العامة وشؤون العدالة والمدارس وحقوق الكتاب والمخترعين والنقل والخدمات الهاتفية والتلفزيونية والصحية والمالية والمصرفية والتأمينية والإعلامية وغيرها. من جانب آخر، تعتبر quot;كوداكونزquot; جمعية مستقلة لها مراكز موزعة في كافة أنحاء ايطاليا، من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها إضافة إلى جزيرة سردينيا. وتتمتع بشبكة تنظيمية تحتوي على آليات تدخل رئيسية فاعلة عن طريق روابطها المتينة مع دول أخرى، أوروبية وغير أوروبية، ومركز دراسات وطني ومركز للعلاقات العامة ومرصد للخدمات العامة ومكتب للمحاماة طالما اشتهر بخوضه معارك قانونية وقضائية شرسة للدفاع عن حقوق المستهلكين.

هذا وتحتضن quot;كوداكونزquot; جيشًا بشريًا من المتطوعين، وهي جمعية لاربحية تلاحق أهدافًا متعلقة بتحقيق التضامن الاجتماعي. لحماية حقوق ومصالح المستهلكين، تعتمد quot;كوداكونزquot; على عدد لا متناهي من الوسائل الشرعية لا سيما اللجوء إلى آلية العدالة الإيطالية. وتستهدف معارك quot;كوداكونزquot; القانونية الأفراد والشركات المعنية بتجهيز السلع والخدمات ابتغاء المساهمة في مكافحة السلوك السوقي الشاذ الذي تقرر قواعده القوانين الانتهاك والاحتكار المحلية. ويمكن لأي كان رفع شكواه أو طلب التدخل إلى quot;كوداكونزquot; مباشرة أم عن طريق استشارة الجمعيات التابعة لها قبل صوغ نوع طلب التدخل ومحتواه. وتلقي quot;كوداكونزquot; الأولية، في معالجة هذه الطلبات، على طلبات التدخل الطارئة أو تلك الأبرز التي تعكس حقيقة من الحقائق المرة التي يمر بها الآن جميع المستعملين والمستهلكين هنا. وتقدم quot;كوداكونزquot; خدماتها مجانًا إلى شركائها أم الأفراد المنتمين إليها عن طريق مكاتب استشارية، تتوزع بدورها على جميع المدن الإيطالية. في كل مركز من مراكز هذه الجمعية الطليعية نجد خدمة أطلق عليها quot;نافذة المدينةquot; وذلك لتسهيل وتبسيط التواصل بين المواطنين والعدالة. ويستطيع أي شخص متطوع، منتم إلى جمعية quot;كوداكونزquot; ويحتاج إلى نصيحة قانونية فردية مهما كان نوعها، الاستفادة من استشارة قانونية مجانية يقدمها له محام من فريق محاميي quot;كوداكونزquot; شرط تثبيت موعد مقابلة مسبق مع الأخير. لتفادي حوادث quot;سؤ الفهمquot; أو أضرار محتملة مختلفة لا يقدم محامو quot;كوداكونزquot; استشاراتهم عبر الهاتف.

ربطت quot;كوداكونزquot; اسمها بمعارك مصيرية للدفاع عن حقوق مستهلكين ومستعملين الخدمات العامة. وتشتهر اليوم نتيجة معاركها التاريخية بدءاً بحملاتها الهادفة إلى تخفيض عبء الفواتير الطاقوية على الأسر المقيمة بإيطاليا عدا عن انخراطها في شكاوى قضائية لحذف القوانين التنظيمية quot;المبهمةquot; التي تتحصن بها الخدمات الهاتفية المربحة. تضاف نشاطات quot;كوداكونزquot; الجديدة إلى أخرى، قديمة التأريخ، كما ضرورة إلغاء زيادة الرسوم المفروضة على سائقي السيارات، لدى مرورهم بالأوتوسترادات والطرق السريعة الرئيسية التي تربط المدن الإيطالية في ما بينها، ومكافحة الفساد والإهمال المتفشي في الخدمات الصحية العامة، ومحاربة تسويق الأدوية غير المفيدة والباهظة الثمن.

بين الحملات البارزة التي قادتها quot;كوداكونزquot; في مطلع تسعينات القرن الماضي، هناك حملة خاصة بضمان الشفافية والفاعلية والتوازن في نشاطات الدوائر الحكومية. علمًا أن quot;كوداكونزquot; خاضت مبادرات مختلفة مباشرة هادفة إلى تطبيق القانون رقم (241/90) حول حقوق الدخول والمشاركة في الإجراءات الإدارية. على صعيد الخدمات العامة، وبين مئات المبادرات التي أحيتها quot;كوداكونزquot;، تم تسجيل معاركها حول الأماكن المخصصة لوقوف السيارات مجانًا في محيط مطار quot;فيوميتشينوquot; الرئيسي بالعاصمة روما، والحد من سير الشاحنات الكبيرة على الأوتوسترادات في أيام الآحاد، وحقوق استعادة المبلغ المدفوع أو جزء منه في حال التأخر في تسليم السلع من جانب مشغلي خدمات البريد السريعة.

في خضم المعارك المتعددة التفرعات، لم تنسَ quot;كوداكونزquot; الدفاع عن حقوق المستهلكين المعقدة والذهاب بها إلى أعمق التفاصيل والحدود القانونية بما فيها مشاكلهم المتعلقة بعمليات الغش، أثناء توقيع شتى أنواع العقود، ناهيك من الجهود التي تبذلها الجمعية للسيطرة على سوق الأدوية السوداء ووصلها الى شفافية أكبر. بصورة موازية، تخوض الجمعية معارك دفاعية بيئية تحول دون تحويل المعالم الطبيعية الجذابة، كما ساحل quot;كوستا زميرالداquot; بجزيرة سردينياquot;، الى مجرد إسمنت يحوي فنادق ومكونات تجميل صناعية.

وانتزعت quot;كوداكونزquot; من القضاة الإيطاليين سلسة من النجاحات والاعترافات الهامة. على سبيل المثال، وفي ما يتعلق بفواتير شركة quot;اينيلquot; الكهربائية quot;المنفوخةquot;، حثت القرارات القضائية شركة quot;اينيلquot; على إعادة دفع جزء من قيمة هذه الفواتير إلى المستهلكين. كما باءت مبادرات quot;كوداكونزquot;، لمنع التدخين في الأماكن العامة وحماية صحة غير المدخنين، بالنجاح. إذ أصدرت رئاسة مجلس الوزراء الإيطالي قانونًا يحظر التدخين في هذه الأماكن، بما فيها مكاتب العمل، في العام الماضي.

في الوقت الراهن، تنهمك quot;كوداكونزquot; في مبادرات لا تحصى، تتعلق بشؤون الوقاية الصحية والمصالح الاقتصادية للمستهلكين والمستعملين، وأمن ونوعية الخدمات والسلع، وتحسين المحتويات المعيارية للعقود الخاصة بالمنتجات أم الخدمات لناحية توفير درجة شفافية أعلى. للدفاع عن المجتمع الاستهلاكي، تجند quot;كوداكونزquot; فرق من المختصين العاملين في نشاطات البحث والخزن والنشر. وتقود اليوم آلاف القضايا القانونية، الإدارية والجزائية.