كامل الشيرازي من الجزائر : يشهد قطاع الصادرات في الجزائر حراكا لافتا خلال الأيام الأخيرة، فبعدما كشفت الحكومة الجزائرية عن اعتزامها إقرار سلسلة إجراءات ستسمح بإزالة كثير من الأعباء عن جمهور المصدرين وتمكنهم من فرص أكبر، دعا متعاملون في الجزائر، الأربعاء، إلى إنشاء مجلس مركزي للتصدير هناك، ورأوا الخطوة كفيلة بإنعاش منظومة الصادرات وتدراك التأخر المسجّل على صعيد التجارة الخارجية التي ظلت مقصورة في الغالب على النفط والغاز، ما جعل حجم الصادرات خارج المحروقات لا يتجاوز 1.3 مليار دولار.

وقال مصدّرون جزائريون في ختام لقاء حول فرص الأعمال والاستثمار في إفريقيا، أنّ المجلس المذكور في حال قيامه سيجمع بانتظام بين أصحاب القرار والمصدرين، ما يعني تموقعه كـquot;محركquot; حقيقي لتطوير الصادرات سيما بإمكانية اتخاذه القرارات الضرورية التي تتناسب مع وضعية ما، وتعرّض مصدرون في تصريحات لـquot;إيلافquot; إلى المشكلات العديدة التي تعترضهم على غرار افتقادهم إلى عامل النقل ومحدودية طاقات الشحن وافتقادها بحسبهم لأسعار ترقوية.

وأهاب خبراء بالحكومة الجزائرية للاهتمام بتأسيس مجلس للصادرات وتمكينه من صلاحيات على صعيد الأدوات اللوجستية وتوابعها، كما طالبوا بجعل مدينة تمنراست (1800 كلم جنوبي غرب الجزائر) quot;قطباquot; يخصص لترقية الصادرات نحو القارة السمراء، نظرا لموقعها الاستيراتيجي المحاذي لدول منطقة الساحل على غرار مالي والنيجر والتشاد.

ويعزو مختصون ضعف صادرات الجزائر، إلى عدم وجود هيئة تشرف على تسيير تجارة البلاد الخارجية، ومن شأنها تنشيط حركة السلع، وضمان مرونة أكبر للحراك التجاري نحو وخارج الجزائر، ويرى خبراء جزائريون أنّ منتجات بلادهم من مادة البلاستيك وكذا الصناعات الغذائية سيما التمور، على سبيل المثال لا الحصر، قادرة على تحقيق مداخيل ضخمة في الأسواق الخارجية لو ترتبط بتوظيف أحسن مما هو واقع حاليا.

ويرى الخبير quot;هيثم ربانيquot; في تصريح خاص بـquot;إيلافquot;، أنّ قطاع التصدير في الجزائر تأثر كثيرا بنقص وسائل النقل والنقائص التي تعانيها المؤسسات الجزائرية في مجال التكوين، إضافة إلى العراقيل المحلية المتعلقة أساسا بعامل التمويل، ما جعل عديد المجموعات الجزائرية تعجز عن إيجاد موضع قدم لها في الأسواق الدولية، رغم نجاحها في تسويق منتجاتها بشكل متباين على مستوى الأسواق الإفريقية، لكن الحصائل ظلت دون المستوى المطلوب، في وقت ينادي مختصون بمضاعفة عمليات الترويج للمنتجات المحلية، فضلا عن إعادة النظر في سيرورة الصندوق المحلي لدعم الصادرات من أجل اقتحام الأسواق العالمية، وإدراج نصوص جديدة تحكم آليات التصدير، المنافسة، المعاملات التجارية وشروط ممارسة الأنشطة التجارية.

وقال وزير التجارة الجزائري الهاشمي جعبوب، أن حجم المبادلات التجارية بين الجزائر والبلدان الإفريقية بلغ 1.7 مليار دولار بين سنتي 2002 و2007 ، بالرغم من الفرص الهائلة التي توفرها السوق الإفريقية للمؤسسات الجزائرية، وأضاف الوزير لدى تدخله في ملتقى quot;فرص الأعمال والاستثمارquot;، أنّ إجمالي الصادرات الجزائرية إلى البلدان الإفريقية في السنوات الخمس الفارطة، كان جلها من المحروقات بقيمة بلغت 840 مليون دولار.

وكشفت بيانات رسمية حديثة في الجزائر، إنّ حجم صادراتها العام بلغ خلال السنة الفارطة 59.52 مليار دولار، في حين وصلت الواردات إلى 27.43 مليار دولار، والملاحظ أنّ الهيمنة النفطية على الصادرات بلغت نسبة 97.8 في المائة من الميزان العام، بينما حافظت صادرات الجزائر خارج المحروقات على (هامشيتها) إذ لم تتجاوز نسبة 2.2 في المائة من الحجم الاجمالي، وهو ما يمثل 1.31 مليار دولار فحسب، حتى وإن كان ما حققته الجزائر هذه السنة مرتفعا بـ11 في المائة إذا ما قورن بالعام قبل الماضي، مع الإشارة أنّ نحو ثلاثة آلاف منتوج جزائري تسوّق بأسواق دولية ضمن برنامج جديد للمبادلات التجارية، وتتنوع المنتجات الجزائرية المسوّقة بين الزيوت والزيتون والتمور والبرتقال والفلين والحلي.

وتعوّل الجزائر على مرونة أكبر لصادرتها غير النفطية، حال إتمامها اتفاقات للتبادل الحر لا تزال محل تفاوض بين الجزائر و4 دول أعضاء في الجمعية الأوروبية للتبادل الحر و8 دول أخرى من غرب إفريقيا، وتجري هذه المفاوضات مع سويسرا والنرويج وليشنشتاين وإسلندا، ناهيك عن السنيغال وكوت ديفوار والنيجر ومالي وغينيا بيساو والبنين وبوركينا فاسو والطوغو، وهي دول أعضاء في الإتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، وتأمل الجزائر إبرام اتفاقات مع البلدان المذكورة أواخر العام الجاري.