لندن: جاء معظم الزيادة في الطلب العالمي على النفط في الأعوام الأخيرة من الاقتصاديات الصاعدة لكن أسعار النفط القياسية المرتفعة ومعدلات التضخم المتزايدة بدأت تنال من هذا الحصن الأخير لنمو الطلب.

فبعض المحللين يذهب الى القول بأن الطلب على النفط في الأسواق الصاعدة إما سيتباطأ أو سيتراجع العام القادم مع سعي الحكومات الى تقليص الدعم الحكومي للأسعار ورفع أسعار الوقود المحلية وزيادة أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.

والطلب على النفط في الدول المتقدمة أخذ في التناقص منذ بعض الوقت واذا شهدت الاقتصاديات الصاعدة وعلى رأسها الصين والشرق الأوسط والهند التي ينسب اليها الجزء الأكبر من نمو الطلب تباطؤ الاستهلاك فقد يصبح حتميا هبوط الطلب العالمي على النفط.

وقال ليو درولاس كبير الاقتصاديين في مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن quot;على صعيد العالم كله قد نشهد نموا سلبيا العام القادم.quot;

وكان الاستهلاك العالمي زاد 1.1 مليون برميل يوميا في عام 2007 وتتنبأ وكالة الطاقة الدولية ان يزيد 1.03 مليون ب-ي يوميا هذا العام.

وتظهر أبحاث بنك دويتشه ان معدل نمو الطلب على النفط بلغ أعلى مستوى له في الثمانية الأعوام الماضية في بلدان خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بفضل الدعم الحكومي لأسعار الوقود. ويبلغ نصيب هذه الدول نحو 25 مليون برميل يوميا من النفط.

وقال لورانس ايجلز من وكالة الطاقة الدولية لرويترز هذا الشهر quot;بعض الدول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لم تعد قادرة على تحمل أعباء الدعم الحكومي للوقود ولذلك فقد وصلت الى نقطة التحول.quot;

وفي حين تحوم أسعار النفط قريبا من 130 دولارا للبرميل غير بعيد من ذروة 135.09 دولار التي بلغتها منذ اسبوع فانه تتكشف علامات على ان أعباء الدعم الحكومي للأسعار أصبح تحملها يزداد صعوبة.

وقد خفضت تايوان وسريلانكا واندونيسيا جميعا الدعم الحكومي لأسعار الوقود ومن المحتمل ان تحذو الهند حذوهم قريبا مع سعي هذه الاقتصاديات الصاعدة الى حماية ميزانياتها الحكومية التي تئن تحت وطأة أسعار النفط المرتفعة.

وقال هاري تلينجوريان المحلل في بنك بي.ان.بي باريبا quot;من الواضح ان الإبقاء على الدعم الحكومي عند سعر 130 دولارا للنفط لا يماثل في عبئه الابقاء عليه عند سعر 50 دولارا او 80 دولارا.quot;

ويقول محللون ان الصين سوف تضطر الى مضاعفة أسعار الوقود لتنقل تكاليف النفط كاملة الى المستهلكين وان الهند سوف يتعين عليها زيادة الأسعار ما بين 50 الى 60 في المئة.

ومع خفض الدعم الحكومي وارتفاع الأسعار فان محللين يتوقعون ان يتباطأ نمو الطلب في هذه الدول لكن ليس من المتوقع ان تفعل الصين شيئا في هذا الشأن قبل انتهاء الألعاب الاولمبية.

وقال درولاس quot;في الصين كبح الطلب سيأتي في رأيي بعد الاولمبياد.quot;

وكانت الصين قد نشطت في تخزين النفط لمنع حدوث نقص قبل الألعاب الاولمبية وان الطلب قد يتراجع بعد الألعاب في أغسطس اب.

ويقول محللون ان رابع أكبر اقتصاد في العالم قد يضطر الى تحويل اهتمامه الى التضخم المتزايد في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. وقد تسارعت خطى التضخم السنوي على مستوى أسعار المستلهكين الى 8.5 في المئة في العام حتى أبريل نيسان.

وقال تلينجوريان من بي.ان.بي باريبا quot;جانب التضخم سيكون عاملا قويا في تشكيل مستقبل الطلب على النفط بشكل غير مباشر من خلال عواقبه الاقتصادية.quot; واضاف قوله ان الصين قد تسمح بارتفاع سعر صرف عملتها الامر الذي قد يضر بصادراتها او ترفع أسعار الفائدة.

واذا قررت الصين ألا تسمح بارتفاع قيمة عملتها واختارت بدلا من ذلك رفع أسعار الفائدة فانها قد تبطيء بذلك الاستثمارات في الأوعية الثابتة الأمر الذي قد يؤدي أيضا الى مزيد من التراجع للطلب على النفط.

وقال تلينجوريان quot;المحركان الرئيسيان للطلب على النفط في الأسواق الصاعدة هما الدعم الحكومي للأسعار الذي يحمي المستهلكين من الأسعار المرتفعة والانفاق الكبير على مشروعات تنمية المرافق الاساسية الكثيفة لاستهلاك الطاقة.quot;

واضاف قوله quot;ومع تباطؤ هذه الاقتصاديات واذا أنت رفعت هذا الدعم الحكومي للأسعار في اقتصاد متباطيء فلا بد ان تشهد بعض التراجع للطلب.quot;