محمد العنقري: طرحت هيئة سوق المال السعودية اليوم مشروعين مقترحين يقضي الأول بتعديل وحدة سعر التغير لحركة الأسهم من 25 هللة المعمول بها حاليا على كافة أسهم السوق إلى نظام شرائح بحسب مستوى الأسعار لكل سهم. أما المشرع الأخر فهو الكشف عن نسب تملك كبار المساهمين بالشركات المدرجة بالسوق. ويعتبر هذين القرارين في حال تطبيقهما مكملين لمنظومة إصلاحات وتطوير السوق المالية الأكبر عربيا كاستكمال لجوانب القصور الموجود فيه والانتقال به إلى سوق ذات كفاءة عالية تخلق مناخا جاذبا للاستثمار من الداخل والخارج.
فبعد حصول السوق المالية على المركز الثاني عالميا من حيث عدد الإدراجات كأحد عوامل الجذب الاستثماري ،ومشروع الهيكلة ،وإعادة طريقة احتساب المؤشر بحسب الأسهم المتاحة للتداول يأتي هذين القرارين كنتيجة طبيعية لما تم انجازه سابقا،فقرار تعديل سعر التغير بحركة الأسهم سينشط حركة التعاملات بالسوق خصوصا على الأسهم المنخفضة سعريا،لأنه سيسمح بوضع أوامر البيع والشراء على أسعار عديدة مما يتيح إمكانية رفع مستوى التداول أكثر مما هو عليه الآن.وبالتالي سيعود بالنفع على شركات الوساطة المالية من خلال ارتفاع مستوى العمولات.
كما انه يوجد العدالة بين الأسهم المدرجة فلا يمكن مقارنة شركات بمستوى يفوق 100 ريال بأخريات دون مستوى 30 أو 20 ريال حيث تزداد المحطات السعرية للشركات المرتفعة أسعارها لتصل ببعضها إلى 60 أو 80 محطة بحسب نسب الارتفاع والانخفاض المسموح بها عند 10 في المئة بينما الأسعار دون مستوى 20 ريال فعدد محطات حركة السهم لا تتعدى 10 إلى 15 محطة ارتفاعا وانخفاضا مما يضيق هامش الحركة ويصعب من التعامل معها .
إلا إن هذا القرار يسبق بالتأكيد تطبيق نظام الشركات المساهمة الجديد والذي اقترح فيه تخفيض القيمة الاسمية من 10 ريالات إلى ريال واحد لكل سهم والذي يهدف إلى زيادة عدد الكميات المتداولة من الأسهم ,فلن تستطيع أي شركة دون مستوى 20 ريال في حال عدلت القيمة الاسمية إلى ريال أن تتحرك وفق نسب الارتفاع والانخفاض المعمول بها.فكان أمام الهيئة احد قرارين أما تغيير نسب حركة الأسهم أو تغيير سعر وحدة التغير فكان القرار الأنسب حاليا لسوق ناشئ تغلب عليه تعاملات الأفراد ولم تتحول إلى استثمار مؤسسي يسمح بضبط التعامل على أسس علمية ومهنية هو اقتراح وضع ثلاث شرائح سعرية تحدد بموجبها نسب وحدة التغير المناسبة لكل شريحة .
أما القرار الخاص بالإفصاح عن نسب كبار الملاك فهذا مطلب كنا قد ذكرناه بأكثر من مقال خصوصا بعد إقرار إعادة طريقة احتساب المؤشر الجديدة حتى تكون نسب الأسهم الحقيقية المتاحة للتداول واضحة للمتعاملين. فكثير من الشركات فيها ملكيات تقل عن 10 في المئة وبالتالي تصبح كمية الأسهم التي تعلنها شركة تداول غير دقيقة للمتعاملين.ولوحظ هذا الأمر على ارتفاع نسب تلك الأسهم قبيل البدء بالمؤشر الجديد إن هذا القرار يحمل أهمية ايجابية كبرى لأنه يوضح نسب الملكية بشكل دقيق ويفصح عن أسماء المستثمرين وغاياتهم من التملك مما يعد دليلا إرشاديا لصغار المستثمرين خصوصا انه بالتأكيد سيطبق على الصناديق الاستثمارية،ويوجد مراقبة لتوجهات السيولة وأين تكمن الفرص في ظل نقص المعلومات الهامة عن السوق والتي لا يستطيع عموم المستثمرين الحصول عليها بسهولة بينما تتاح للمحافظ المالية الكبرى معرفتها نظرا لتوظيفهم للكثير من مراكز الأبحاث لخدمة استثماراته، وبالتالي سيكون لهذا القرار فوائد كبيرة لصغار المتداولين من ناحية تعزيز مراكزهم الاستثمارية وكذلك معرفة الغايات من نسب التملك العالية إذا كانت لأغراض مضاربية قد توقعهم في فخ الخسائر بسبب غياب هذه المعلومة عنهم كما سيحد هذا القرار من عمل المضاربين الذين يشكلون مجموعات بقصد السيطرة على سهم ورفعه بشكل سريع دون مبررات مقنعة مما اضر بالسوق وتعاملاته وحوله في فترة سابقة إلى المضاربات الغوغائية التي لم يتخلص المتداولين من عواقبها الوخيمة على محافظهم وتسبب بخسائر كبيرة لهم .
إن هذين القرارين يشكلان نقلة نوعية للسوق المالية السعودية ويرفعان من مستوى الكفاءة والشفافية فيه وسيظهر الأثر الايجابي بعد تطبيقهما على المدى المتوسط والبعيد خصوصا أن الاستعداد لفتح الاستثمار بالسوق السعودية على العالم باتت قريبة .
التعليقات