ينتظر مراقبون الربع الأول من العام المقبل 2010، الذي سيحتضن منتدى لرجال الأعمال السعوديين والسوريين في دمشق، بعد التحضير الجيد له بهدف تشجيع وتعميق الاستثمار المشترك بين البلدين. وقد جاءت زيارة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى سوريا، أمام صناع القرارات المالية والاستثمارية كبوابة أمل جديدة في تعزيز وتعميق العلاقات الاقتصادية المتبادلة منذ عصور ماضية.

يرى رئيس القسم الاقتصادي في صحيفة اليوم محمد السهلي أن عقد مثل هذا المنتدى سيزيد من تدفق الاستثمارات السعودية إلى سوريا الذي ارتفع بالأساس من 750 مليون دولار في 2007 إلى مليار دولار حسب تقديرات في العام الماضي، وهو ما يدعمه تحسن البيئة الاستثمارية امام رؤوس الاموال الجبانه بالنسبة للتجار السعوديين.

وأضاف أن أدوار اللجنة الوزارية المالية المشتركة وتشكيل لجنة متابعة في إطارها من الجانبين برئاسة وكيل وزارة المالية في البلدين الشقيقين، سيفتح أبواب جديدة للاستثمار بين البلدين حتى من خلال دخول المستثمرين السوريين إلى السعودية عبر بوابة هيئة الاستثمار بما ينعكس على دوارن عجلة الاقتصاد بين البلدين في مواقعهمها الهامة جغرافيا.

وحسب وكالة (سانا) قال الدكتور محمد الحسين وزير المالية السوري في تصريح للصحفيين إنه تم الاتفاق على إزالة أي صعوبات تعترض انسيابية التبادل التجاري ولاسيما الرسوم التي فرضت مؤخراً على مادة السيراميك من قبل الحكومة السورية وعلى مادة زيت الزيتون المصدرة إلى السعودية بشكل فوري مشيراً إلى أهمية الاتفاقية التي تم التوقيع عليها أمس لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي كونها تأتي استكمالا لبناء إطار تشريعي متكامل للعلاقات الاقتصادية بين سورية والسعودية، وقال وزير المالية إن الأيام القادمة ستكون أفضل بكثير لتوسيع الاستثمارات المشتركة بين البلدين وزيادة حجم التبادل التجاري الذي يتراوح حول 2 مليار دولار.

وأشار الحسين إلى أنه خلال الأشهر المقبلة سيعقد منتدى لرجال الأعمال السوريين السعوديين بعد أن يتم التحضير له بشكل جيد لأننا نريد منه أن يخرج بنتائج محددة في مجال الاستثمارات وانتقال رؤوس الأموال بين البلدين الشقيقين معرباً عن أمله في أن يقوم الجانبان خلال الفترة المقبلة بترجمة هذه القضايا على أرض الواقع بشكل سريع عبر اتخاذ مجموعة من القرارات ذات الصلة ومتابعتها.

من جهته وصف وزير المالية السعودي ان زيارة خادم الحرمين الشريفين الى سورية بانها مهمة جداً لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين بشكل عام والاقتصادية والمالية بشكل خاص مؤكداً استعداده للتعاون مع نظيره السوري في المجالات التي تم طرحها سابقاً والعمل على تذليل أي عقبات من شأنها إعاقة التبادل التجاري.

وبين الوزير الضيف أن هناك فرصا كبيرة لتسهيل حركة التبادل التجاري والنقل إضافة إلى توسيع دائرة التعاون المالي بين الوزارتين مشيراً إلى أنه سيتم متابعة القضايا التي تمت مناقشتها من أجل ترجمتها على أرض الواقع في القريب العاجل.

وأكد العساف أهمية الاتفاقية التي تم التوقيع عليها أمس من أجل تشجيع الاستثمارات بين سورية والسعودية لأن إيقاف فرض العبء الضريبي على المستثمرين يعطيهم دفعا لمزيد من الاستثمارات المشتركة.

وحسب ارقام مجلس الاعمال السعودي السوري الذي تأسس في العام 1991، ونشرتها صحيفة سورية الغد فإن الاستثمارات السعودية تمتاز بتوجهها الاساسي نحو القطاعات الخدمية والعقارية والسياحة، الامر الذي ساهم في نمو الفقاعة النقدية في سوريا خلال السنوات القليلة الماضية، أمام ابتعاد الاستثمارات الاجنبية عن الاستثمار في القطاعات الانتاجية، مما رفع من معدلات التضخم في البلاد واوصلها الى اعلى مستوياتها خلال العشرين عاما الماضية ، الان العام 2009 ' الحالي ' شكل نوعا من التغير في توجه الاستثمارات السعودية تحديدا ، وخاصة بعيد افتتاح المجمع الصناعي السعودي في عدرا تموز الماضي بتكلفة فاقت المئة مليون دولار ، اضافة الى العديد من المشاريع الآخرى في المدن الصناعية الثلاث الآخرى في حمص وحلب وودير الزور ، مما جعل السعودية تتصدر مشاريع الاستثمار الاجنبي في الدمن المذكورة خلال العام 2009 حسب تصريح المهندس علي بلال رئيس الدائرة الفنية في مديرية المدن الصناعية، وتقود استثمارات الأمير الوليد بن طلال قائمة الاستثمارات السعودية في سوريا ، مع استثمارات في القطاع السياحي يتزعمها فندق الفورسيزن بتكلفة مئة مليون دولار أمريكي ، كما تتميز على القائمة استثمارات شركة بن لادن السياحية والعقارية بمشروعي قرية النخيل في ريف دمشق ومنتجع أفاميا في اللاذقية بتكلفة وصلت الى خمسين مليون دولار امريكي ، اضافة الى استثمارات شركة الاولى للتطوير العقاري ، واستثمارات شركة مواد الاعمار السعودية التي أسست المجمع الصناعي ، في الوقت الذي شكل فيه رجال الأعمال السعوديين السوريين صندوق بردى الاستثماري براسمال وصل الى نحو 127 مليون دولار امريكي .

وتحتل السعودية موقعا هاما للغاية في قائمة التبادلات التجارية السورية مع دول العالم ، فهي في المرتبة الثانية بعد ايطاليا في قائمة الدول ذات التبادلات التجارية الاوسع مع سوريا في العالم ' علما أن غالبية التبادل التجاري مع ايطاليا يصب في صادرات النفط الخام ' ، في حين تتربع على المرتبة الاولى في قائمة الدول العربية ذات التبادلات الاكثر مع سوريا ، مع حجم تبادل تجاري وصل الى نحومئة مليار ليرة سورية خلال عام 2008.

ووفقا لخلاصة التجارة الخارجية لعام 2007 ، تشكل الصادرات السورية الى السعودية 9.77% من اجمالي الصادرات السورية الى دول العالم ، وبقيمة وصلت الى نحو 56.6 مليار ليرة .

وتتميز هذه الصادرات بالتنوع الكبير بين بنودها التي وصلت الى نحو 423 صنف حسب خلاصة التجارة الخاؤجية المذكورة ، موزعة بين المواد الغذائية والمصنعة ، يتصدرها كل من الضأن الحي الذي تجاوزت قيمته التسعة مليارات ليرة سورية quot;نحو 80 ألف رأس ضأن quot;، و الخضار والفواكه الغير مصنعة بقيمة مقاربة ، ومصنوعات اللبسة المتنوعة بقيم فاقت التسعة مليارات ليرة سورية ، ثم الفواكه والخضر المصنعة بقيمة تجاوزت الاربعة مليارات ليرة سورية ، والأقمشة المصنعة بقيم تجاوزت هي الآخرى الاربعة مليارات ثم الموصلات الكهربائية بقيم قاربت الميارين ، ثم زيت الزيتون البكر بحوالي المليار ليرة ، والأجبان والألبان المصنعة بحوالي النصف مليار ليرة سورية .

كما تتميز الوارادات السورية من السعودية هي الآخرى بالتنوع وبأهميتها النسبية ، مع استحواذها على 5.5% من اجمالي الوارادات السورية من دول العالم بقيمة قاربت 38 مليار ليرة سورية .

وتتنوع هذه الواردات بين 326 صنف يأتي على راسها كل من المازوت الخام والمازوت المقطر quot;السولارquot; بقيم تجاوزت 11 مليار ليرة سورية ، ثم البولي ايثرين بنحو 6.2 مليار ليرة ، والبولي بروبلين بنحو 5.4 مليار ليرة سورية ، ثم حفاضات الأطفال بقيم تجاوزت النصف مليار ليرة سورية .

وعلى الرغم من أن العلاقات الاقتصادية السورية السعودية تنظمها العديد من الاتفاقيات في المجالات التجارية والاستثمارات والنقل وغيرها ، الا ان بعض المنغصات جالتها خلال السنوات القليلة الماضية ، وخاصة بعد فرض كل من الجمارك السورية والسعودية رسوم على كل من رعايا البلدين ، قبل ان يبادرا الى الغائه خلال العام الماضي ، ناهيك عن بعض القضايا المتعلقة بالتبادل التجاري وعلى راسها قضية الزيت السوري والذي فرضت المملكة رسوما مرتفعة على استيراده مخالفة بذلك لقوانين التجارة الحرة بين البلدين ، في اجراء اعتبره المتابعون ، كرد مباشر على الرسوم التي فرضتها وزارة الاقتصاد السورية هي الآخرى على السيراميك السعودي والذي خالفت بموجبه هي الآخرى القوانين المتفق عليها .