حسام المهدي من القاهرة: في دراسة أعدها الخبير الاقتصادي العالمي الدكتور أرني كلوا عن تأثير ألازمة الاقتصادية على التجارة والاستثمار الخارجي والتشغيل في مصر أوضح البلاد تراجع مستوى التقدم الاقتصادي بها في عام 2009 فقط إلى خمس سنوات قبل اندلاع الأزمة

تشير الدراسة إلى إنه نتيجة لسياسة تحرير التجارة سواء من جانب مصر أو على المستوى الإقليمي فقد حدث توسع سريع في التجارة الخارجية في الفترة بين 2004 و 2008 مما أدى إلى زيادة الصادرات المصرية من السلع بأكثر من ثلاثة أضعاف وفي الوقت نفسه ارتفعت صادرات الخدمات بقوة وعلى الأخص في الدخل المتحقق من السياحة الدولية ورسوم قناة السويس . ولقد جذبت الأجواء الاستثمارية المتحررة نسبيا الاستثمارات الأجنبية المباشرة على الرغم من المشاكل المختلفة في أجواء الأعمال التجارية .

وترى الدراسة إن مصر تقدم مثالا على كيفية استجابة الصادرات والعمالة والاستثمار الأجنبي في أجواء اقتصاد متفتح ناشئ بصورة متزايدة لأصداء الأزمة الاقتصادية العالمية وأشارت الدراسة إلى أن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغت ذروتها بما يزيد على 7% قبل الأزمة ثم انخفضت إلى ما يزيد قليلا على 4% أما صادرات مصر من السلع فقد تضررت بشدة من جراء الركود في الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وشهدت انخفاضا حادا خلال الأشهر الأولى من عام 2009 وبالنسبة لصادرات الخدمات ولاسيما الدخل من السياحة ورسوم استخدام قناة السويس قد انخفضت بشدة . أما تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والتي كانت مساهما رئيسيا في تكوين رأس المال قبل اندلاع الأزمة قد انخفضت بنسبة 4% من الناتج المحلي ناهيك عن تحويلات العمالة المهاجرة التي انخفضت هي الأخرى بشكل كبير.

وتعتبر الدراسة انخفاض صادرات السلع والخدمات وانخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر قنوات تأثير الأزمة الرئيسية على الاقتصاد المصري بشكل عام وعلى سوق العمل بوجه خاص ومع ذلك فإن آثار الأزمة على العمالة قد تباينت بشدة بين القطاعات حيث أن عملية الإنتاج لبعض السلع التصديرية مثل النفط لا تعتبر من العمليات التي تستوجب عمالة مكثفة وبالتالي كان تأثير الانخفاض الشديد في صادرات النفط على سوق العمل محدودا , ونفس الأمر بالنسبة لقناة السويس وكذلك هناك قطاعات أخرى مثل الزراعة ذات أهمية كبيرة للعمالة وعلى الرغم من مساهمتها المنخفضة نسبيا في الناتج المحلي الإجمالي إلا أنها كانت بمنأى عن التأثير المباشر للأزمة بسبب التوجه نحو الداخل.

أما القطاعات الأخرى ذات العمالة المكثفة والموجهة نحو الخارج مثل صناعة المنسوجات والملابس والسياحة فقامت بتسريح أعداد كبيرة من العمال على الرغم من أن تأثير الأزمة على النمو فيها :ان أقل وضوحا مقارنة بالقطاعات الأخرى وهناك حزمة تحفيز مالية تعادل نحو 1.5% من الناتج المحلي اعتمدتها الحكومة في ربيع 2009 حالت دون ارتفاع معدل البطالة.

كما ترى الدراسة أن مصر تقدم نموذجا يعكس المشاكل وأوجه القصور والتحديات في سوق العمل قبل الأزمة العالمية والتي تفاقمت خلال الأزمة حيث تتسم سوق العمل في مصر بزيادات سنوية قوية في القوى العاملة ومع التحدي المتمثل في دمج نحو 700 ألف شخصا من المشاركين الجدد في سوق العمل كل سنة ويرجع ذلك أساسا إلى النمو السكاني المتزايد بقوة.

وتشير الدراسة إلى زيادة معدل البطالة الرسمي نتيجة للأزمة العالمية بنحو نقطة مئوية أي وصل إلى 9.4% مما يرجع بمصر مرة أخرى إلى مستويات ما قبل الأزمة بخمس سنوات حيث يتضح إن المجموعات الضعيفة مثل النساء وذوي المهارات المتدنية والشباب قد تضرروا بصورة شديدة ففي الأشهر الاثنى عشر التي أعقبت الأزمة ارتفع معدل البطالة بين النساء في مصر من 18,8% إلى 23,2% في حين أن نسبة البطالة بين الرجال قد انخفضت من 5.2% ومن منطلق أنه لا مفر أمام الكثيرين سوى مواصلة الحياة دون أن يعملوا فقد انتهى المطاف بكثير من هؤلاء الذين فقدوا وظائفهم إلى العمل في القطاع غير الرسمي وعلاوة على ذلك فإن القوى العاملة قد زادت بمقدار 400 ألف فقط بين يوليو 2008 ويوليو 2009 بدلا من المعدل المعتاد وهو 700 ألف مما يشير إلى أن أعداد كبيرة من الناس قد عزفت عن البحث عن عمل أو حيثما أمكن اختاروا البقاء على نظام التعليم.