طلال سلامة من روما: ان الإقراض هي الطريقة الوحيدة التي تساعد دول العالم على تفادي الكساد! ما يعني أن تراكم الديون على الحكومات (عن طريق طرح السندات الحكومية للبيع) هي المنفذ الوحيد لتفادي... الأسوأ!
وينبغي على الحكومات، بوساطة عمليات إقراضها، أن تعتني بشيئين. الأول تمويل عمليات الإنقاذ المالية (للشركات والمصارف وغيرها)، والثاني إنعاش الاقتصاد العالمي بأسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان. بعدها، وعندما يبدأ الاقتصاد العالمي الوقوف مجددًا على قدميه، من دون عكازات، عندئذ سنستطيع التحدث عن برامج لتسديد القروض المتوجبة عليها مع الفوائد. هذا ما يراهن عليه الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون والعديد من رؤساء دول الغرب. ويؤيد هذا الرهان البروفيسور quot;جاكومو فاتشاغوquot; في السياسات الاقتصادية في جامعة quot;كاتوليكاquot; بمدينة quot;ميلانوquot;.
واليكم نص المقابلة الهاتفية التي أجرتها quot;إيلافquot; من روما:

bull; إيلاف: هل من مخاطر محدقة بعدم إمكان الأسواق العالمية امتصاص عروض ضخمة، متعلقة بالسندات الحكومية، يتوقعها الخبراء والمحللون هذا العام على الصعيد العالمي؟
- لليوم، تبدو لي هذه الأسواق مقتنعة بخطط الإقراض التي بدأت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ترويجها. ولا يزال مسار المزادات العلنية الخاصة بهذه السندات جيداً، للآن.

bull; إيلاف: لجني الأموال بوساطة طرح هذه السندات الحكومية للبيع تنفق ايطاليا سوية مع اليونان وإسبانيا والبرتغال أكثر بكثير مما تنفقه بلدان أخرى كما فرنسا ولا سيما ألمانيا. هل ثمة تفسير؟
- ان ما هو معروف باسم quot;سبريدquot; (Spread)، أي الفرق بين سعر شراء وبيع الضمانات المتبادلة لمدة 5 سنوات في حال التقصير الائتماني المرتبطة بشدة بعلاوة الضمانات (CDS spread) وهي العلاوة التي يدفعها المستثمر لشراء حماية ضد احتمال القصور الائتماني وهي تتغير وفق لمخاطر القصور، بدأ التوسع في النصف الثاني من شهر سبتمبر(أيلول) الماضي عندما اضطرت بعض الدول، كما المجر وأوكرانيا وأيسلندا، لطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي والاقتراض منه لتفادي تسونامي اقتصادي كارثي لديها. هكذا، خيم التوتر الشديد على الأسواق التي وسعت هذا الفرق(سبريد) نقطة الى نقطة ونصف النقطة بين ألمانيا ودول أخرى. مما عرض مدى قوة وضعف شتى الدول الأوروبية.

bull; إيلاف: إذن، هل على سندات خزائن دول ايطاليا واليونان وإسبانيا والبرتغال القلق من تآكل قواها مقارنة بالسندات الحكومية الألمانية؟
- ينبغي الآن، مهما كان الثمن، تجنب الدخول في دوامة اللانمو. منذ عشر سنوات، دخلت اليابان هذه الدوامة وإيطاليا بلد لا يتمتع بأي حصانة تجعله يتفادى دخولها من القاع. لذلك، فإنه الوقت المناسب لبيع السندات الحكومية، من دون خوف.

bull; إيلاف: هل ستعاني الخزينة الإيطالية من صعوبات في بيع سنداتها، هذه السنة؟
- لا توجد حتى الآن مؤشرات مقلقة. على حكومة روما توعية المدخرين والمستثمرين بأن بيع سنداتها سيساعد الاقتصاد حقاً على القيام من بين الأموات! بمعنى آخر، ينبغي على روما إهداء الأمل، لكل من يضع أمواله في خزينتها، أنها قادرة على تسديد ديونها بالشكل والوقت المناسب. في حال غابت الموثوقية الحكومية فإن مصير أي بلد كان سيدخل غابات الوحوش لا سيما ان كنا نتحدث عن ايطاليا، وهي بلد نما قليلاً في السنوات العشر الأخيرة. بغض النظر عن اللون السياسي للائتلاف الحاكم، عجزت ايطاليا عن إدارة الأموال العامة بشكل صحيح وشفاف.

bull; إيلاف: يتوسع الشرخ بين ضمانات سندات الخزينة الإيطالية وتلك الألمانية. ما هو الحد المعقول لتوسع هذا الشرخ قبل إطلاق جرس الإنذار؟
- تلعب هذه الضمانات دور ميزان الحرارة النفسي. عندما كانت السيولة المالية تغرق الأسواق لم يكن للفارق في هذه الضمانات أي وجود أم ثقل. أما اليوم، فإن رصده يعكس خللاً إيطاليًا. بالنسبة إلى وسائل الإعلام الدولية، فإن ايطاليا باتت دولة منبوذة. ربما علينا التفكير في حكومة وحدة وطنية، تجمع الموالاة لبرلسكوني والمعارضة تحت سقف واحد، كما حصل بألمانيا مثلاً.

bull; إيلاف: هل ثمة أخطار محدقة بحياة اليورو، في حال واصل الشرخ المتعلق بضمانات سندات الخزينة توسعه، على الصعيد الأوروبي؟
- لا توجد أخطار شرط أن تكون الصدمات والسلبيات متماثلة بين الدول الأوروبية. وهذا ما عاشه اليورو منذ ولادته. لكن في حال استمر هذا الشرخ توسعه، بصورة خارجة عن السيطرة، فإن اليورو قد يتعرض لصدمة لأن تكلفة رأس المال، أي تكلفة أموال المساهمين في سندات الخزينة عدا عن تكلفة الاقتراض، ستضحى لا تطاق لدى بعض الدول التي لن تتمكن بالتخلص بسهولة من قيود اليورو.

bull; إيلاف: إذًا، قد يساهم امتداد الأزمة المالية في موت اليورو؟
- نعم! في العالم الأنكلوسكسوني، هناك العديد من الخبراء الذين يجدون أن العملة الموحدة صرخة لم تصمد طويلاً أبداً. للعملة الموحدة مخرجين. أو نمضي قدماً بها لغاية الاتحاد السياسي(الأوروبي)، كما حصل في الولايات المتحدة الأميركية في الماضي، أو أنها ستلقى حتفها من دون شك. في العامين الأخيرين، يبدو لي أن أوروبا حققت خطوات ورائية في ما يتعلق بالاتحاد السياسي!