أصدرت وزارة التخطيط والتعاون الدولي وتحت رعاية رئيس الوزراء سمير الرفاعي الخميس تقرير التنافسية الأردني الوطني الثاني 2008-2009، كما أصدرت أول تقرير حول التنافسية المسؤولة في الأردن لعام 2009، والذي جاء بدعم من أمانة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية.

إيلاف من عمّان:يتناول تقرير التنافسية لعام 2009 تقويماً للقدرة التنافسية لثلاثة قطاعات اقتصادية حيوية، وهي قطاع البنوك والتأمين والصناعات الغذائية. وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور جعفر حسان quot;تم اختيار تلك القطاعات لارتباطها المتين بالبنية الأساسية لأي اقتصاد قائم يمتاز بالاستدامة، فتداعيات الأزمة الاقتصادية ما هي إلا نتيجة تحديات كبيرة واجهت تلك القطاعات في أكبر اقتصاديات العالمquot;.

وأوضح أن قطاع البنوك هو الأساس لبيئة الأعمال وحجر الزاوية للأنشطة الاقتصادية في مختلف القطاعات الأخرى، كما إن قطاع التأمين يساهم بفاعلية في ضمان سير الأعمال والحركة الاقتصادية. أما قطاع الصناعات الغذائية فقوته أساسٌ لتحقيق الأمن الغذائي للدولة. وبالرغم من بعض التحديات التي تواجه تلك القطاعات محليةً كانت أم عالمية، إلا أننا نرى أن هذه القطاعات تمتلك مزايا تنافسية يجب الاستفادة منها بالكامل وتطويرها.

وأضاف إن ما قام به الفريق الوطني للتنافسية إلى الآن معني بالدرجة الأولى بتقويم قدرة تلك القطاعات على مواجهة التغيرات الاقتصادية وتعظيم قدراتها، علاوة على رسم التوجهات المستقبلية للقطاعات المدروسة وتحديد احتياجاتها اللازمة لرفع مقدرتها التنافسية.

وأشارإلى أن التركيز على البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة يشمل الأبعاد الأخرى للتنمية اجتماعيةً كانت أم بيئية أم قانونية، ولا يتأتى ذلك إلا عن طريق تحمل جميع الأطراف مسؤولياتهم الاقتصادية والاجتماعية، فجميعنا معنيّون بهذه العملية من قطاع خاص ومجتمع مدني. ومن هذا المنظور، جاءت مبادرة التنافسية المسؤولة التي رعتها الملكة رانيا العبد الله ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي الأخير في البحر الميت. وترجمةً لرؤية الملك عبد الله الثاني، الهادفة إلى إتباع نهج التنمية المستدامة لرُقي المجتمع وإيجاد سبل جديدة لأداء الأعمال بشفافية ومسؤولية أعلى،

التنافسية المسؤولة
وأوضح إن التنافسية المسؤولة تُعنى ببناء تنافسية القطاعات من خلال منظور اجتماعي واقتصادي وبيئي شامل وتشاركي، ومرتكز على تطوير المهارات والخدمات والإبداع ومناخ الأعمال المسؤول في هذه القطاعات. ومن خلال هذه العملية التشاركية وتكاتف جهود هذه الجهات فإن النتائج الايجابية للتنمية المستدامة ستنعكس جلياً على مجتمعاتنا وبيئتنا، الأمر الذي يأتي بالنفع الكبير على الشركات عينها، مما يزيدها ازدهاراً، ويحقق لها النمو الذي يمكّنها من التوسع في أنشطتها الاقتصادية.

ويهدف هذا التقرير إلى تقويم مساهمة كلٍ من منشآت الأعمال ومنشآت القطاع العام في معالجة القضايا الاجتماعية والبيئية والعمل بجد على تحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، وبالتالي للمجتمع ككل.

وتعد التنافسية المسؤولة وسيلة لفهم كيف يمكن للسياسات العامة والأعمال التجارية والمخولين من المجتمع المدني المساهمة في بناء اقتصاد قادر على توجيه برامج تعنى بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وانعكاسها مجتمعة في رفع القدرة التنافسية للاقتصاد المحلي.

فرصة التنافسية المسؤولة
يمتلك الأردن فرصاً تنموية حقيقية، إلا أنه في الوقت نفسه يواجه تحديات قد تعيق التنمية المستدامة. حيث أشار تقرير التنافسية العالمي 2009-2010 (Global Competitiveness Report 2009-2010) والصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي إلى تبوأ الأردن المرتبة الخمسين من أصل 133 دولة شملها التقرير، متقدماً بذلك على العديد من الدول المجاورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالرغم من ذلك يعد كل من معدل البطالة الذي تصل نسبته إلى حدود 13% لعام 2008 وعدم تكافؤ الفرص بين الجنسين وندرة الموارد الطبيعية بمثابة تذكير للتحديات الاجتماعية والبيئية المستمرة التي يواجهها الأردن.

كما احتل الأردن أيضاً المرتبة الخمسين من بين 108 دولة في مؤشر التنافسية المسؤولة العالمي لعام 2007 (Responsible Competitiveness Index-2007)، والمرتبة السابعة من بين 15 دولة عربية في الترتيب المخصص للمنطقة العربية. حيث يساهم كل من الأجندة الوطنية للعام 2005، والاستراتيجيات الأخرى التي وضعها الأردن، ومن بينها رؤية الأردن لعام 2020 والإستراتيجية الوطنية للطاقة في تعزيز وترسيخ أداء التنافسية المسؤولة العالمية في الأردن، ليحرز بذلك 60 نقطة من أصل 100 نقطة. وتشير دلائل التحليلات المتعلقة بعدد من الدول الأخرى أن مقابل كل نقطة يتم إحرازها في المؤشر، يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ما يقارب الألف دولار أميركي. وانطلاقاً من هذا المنظور، نجد أن هناك أسباباً ودواعي مهمة للمباشرة في تحليل الفجوات والفرص المتاحة، وذلك من أجل تحسين أداء التنافسية المسؤولة في الأردن ونتائجها في المؤشر.

وعلى صعيد دراسة القطاعات تم التركيز على السياسات الحكومية المتعلقة بالشركات والتأثير الفردي والجماعي للشركات العاملة في القطاع على التنمية المستدامة، هذا إضافة مقارنة مستوى الأداء في كلٍ من القطاعات الأردنية الثلاثة مع الشركات الرائدة في القطاعات نفسها في ثلاث من دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD). ومن الجدير ذكره أن هذا التقرير يقوّم سبعة عوامل محفزة للتنافسية المسؤولة على مستوى القطاع وهي: بيئة الأعمال المسؤولة، والعمل الخيري الإستراتيجي، وجذب وتطوير المواهب، والمعايير التجارية والامتثال لها، وسلاسل التزويد المسؤولة، وابتكار المنتجات والخدمات الجديدة، إضافة إلى التواصل المسؤول.

قطاع البنوك
شهد قطاع البنوك تقدماً في تطبيق مبادئ حوكمة الشركات وتعزيز الشفافية وتطوير سياسات التوظيف والخطط التدريبية. كما اتخذت الهيئات التنظيمية خطوات واسعة في العمل على تحديث كل الأنظمة والقوانين المصرفية، لتتماشى مع المعايير الدولية الموضوعة في هذا المجال. وعموماً، سيستفيد القطاع من الاهتمام الكبير الذي يوليه المعنيين لكونه يشكل نقطة ارتكاز رئيسة في رسم وتشكيل التنافسية المسؤولة في الأردن.

ويلعب قطاع البنوك دوراً حيوياً يمس القطاعات الاقتصادية كافة وشرائح المجتمع، وله الأثر المهم في حياة عدد كبير من المواطنين، ولذا فهو يمتلك فرصة كبيرة للتأثير على الإبداعات والسلوكيات الإيجابية. وانطلاقاً من هذا التأثير، نجد أن قطاع البنوك في اقتصاد العديد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) يركز بشكل أساس على ممارسات التنافسية المسؤولة فيه، مما يترجم إلى ارتفاع في أداء القطاع لمقاييس التنافسية المسؤولة الرئيسة.

وبالنسبة إلى الأردن، تتضمن الفرص المتاحة لتطوير التنافسية المسؤولة في قطاع البنوك عن طريق ما يلي: دمج المخاطر البيئية والاجتماعية ضمن معايير الإقراض، وذلك لما ينجم من كلاهما من أهمية كبيرة وتأثيرات سلبية عند وقوعها على المجتمع المحلي، كما إن هذا الإجراء أصبح من الممارسات الاعتيادية بين الرواد العالميين في هذا القطاع. وتشتمل هذه الممارسات على مصادقة البنوك على معيار مبادئ الاعتدال (Equator Principles) وهو عبارة عن مبادرة عالمية تقدم دلائل توجيهية ومنهج موحد للإقراض المسؤول.

إضافة إلى إعداد كل مصرف لتقارير الاستدامة، والتي تتضمن تقارير عامة عن الاقتصاد والأداء البيئي والاجتماعي. وابتكار الخدمات والمنتجات المرتبطة بالاستدامة، نظراً إلى أنها تجمع ما بين قطاع السوق المتنامي ونهج التنافسية المسؤولة التي من شأنها أن تزيد الدخل والربحية بطريقة مباشرة.

قطاع التأمين
كما هو الحال في قطاع البنوك، يتمحور التركيز في قطاع التأمين في الأردن حالياً حول الإدارة الموهوبة. فقد حقق هذا القطاع عدداً من النجاحات في مجالات التعاون في قضايا وطنية مهمة، مثل السلامة على الطريق التي تتضمن إنشاء صندوق مشترك لضحايا حوادث الدهس والفرار، حيث فتح هذا المنهج باباً من التعاون الواسع في القضايا المتعلّقة بالتنمية الوطنية المستدامة.

وعلى غرار قطاع البنوك، يتغلغل قطاع التأمين- أو يمكن له أن يتغلغل- في كل القطاعات الاقتصادية الرئيسة، كما إنه يحتك مع المواطنين مباشرةً من خلال تقديم الخدمات والمنتجات. وبهذا، فهو يمثل فرصة وطنية إستراتيجية فعالة كتلك الموجودة في قطاع المصارف، إلا أنها لا زالت تشكل فرصة غير مستغلة تماماً في الأردن، ويرجع ذلك بشكل رئيس لطبيعة العلاقة بين الشركات وقادة الرأي في القطاع التي يلفها جو من التقييد والحذر في التعامل، الأمر الذي يحدد الابتكار والإبداع المثمر بشكل كبير.

ويمكن حصر الفرص الأخرى التي تعزز احتمالات الحصول على عوائد مادية أعلى للقطاع مع اعتبارات التنمية الوطنية المستدامة بما يلي: السماح بالتسعير المدّرج في قطاع التأمين والذي يعتمد بصورة رئيسة على كفاءة سلوك العميل، مما سينعكس في النهاية على تصرفاتهم وتعاملهم (على سبيل المثال مكافأة عملاء تأمين المركبات أو معاقبتهم تبعاً لسجل القيادة)، إضافة إلى تحفيز أو مكافأة الأردنيين على تصرفاتهم المسؤولة. والتركيز على ابتكار المنتجات والخدمات التي تساهم في معالجة قضايا الاجتماعية والبيئية المهمة، كقضية الطبقات ذات الدخل المحدود في المناطق النائية والبعيدة من الخدمات، أو توسيع نطاق التأمين الصحي للطبقة متوسطة الدخل، أو تقليص استهلاك المياه والطاقة من قبل الشركات (وبالتالي تقليص المخاطر التشغيلية).

إلى جانب بذل جهود أكبر لتعزيز العمل الخيري الإستراتيجي، حيث إنه كلما زاد ارتباط ممثلي القطاع والتزامهم بعمل الخير كمنهج عمل، كلما عزز ذلك من فهمٍ للأسواق الشعبية وزيادة قابلية تطبيق الخدمات والجدوى المالية لها.

قطاع الصناعات الغذائية (اللحوم المصنعة)
تواجه الحكومة والمعنيين في قطاع الأعمال وممثلي المجتمع المدني معضلة عند وضع استراتيجيات خاصة بقطاع اللحوم المصنّعة. فمن الممكن تقليص استهلاك المياه والطاقة من خلال ترسيخ إجراءات الإنتاج الأنظف، كما من الممكن رفع مستوى كفاءة العمل من خلال التواصل المستمر مع الموظفين والمجتمعات المحلية. ففي هذه الناحية سجل هذا القطاع أداءً جيداً في تطبيقه للمعايير العالمية، ومن بينها معايير الأيزو للإدارة البيئية النموذجية (ISO 14001). ومع ذلك ما زال هذا القطاع يواجه تحديات جوهرية في ما يتعلق بالتنافسية المسؤولة.

ويستطيع القطاع من خلال الفرص المباشرة القيام بما يلي: العمل جنباً إلى جنب مع أصحاب الشركات والجهات الحكومية المنظمة لهذا القطاع على وضع سياسة وإستراتيجية للتنافسية مع التركيز على الابتكار والإبداع، مدركين أن القضايا المتعلقة بالاستدامة ستسيطر تدريجياً على القطاع، وأن التنافسية المسؤولة هي ضرورة لاستمرارية هذا القطاع. وتحسين أداء القطاع المتعلق بالبيئة (عن طريق تقليل استهلاك المياه والطاقة وتقليل النفايات) من خلال إدارة الموارد بشكل صديق للبيئية، والتركيز على الابتكارات والطرق الجديدة التي تقلل من تأثير ثاني أكسيد الكربون على البيئة، حيث سيخضع مزيج المنتجات لتقويم انبعاث الكربون بشكل متزايد.

إضافة إلى التأكد من رفع مستوى الوعي ضمن سلسلة التزويد، وتحديد الفرص التي تساهم في إضافة قيمة اقتصادية واجتماعية للمنتج. والعمل على تقليل الأثر السلبي على البيئية على امتداد سلسلة القيمة ابتداءً من المزرعة ووصولاً إلى خدمات النقل والتصنيع والتغليف والتسويق. وابتكار منتجات جديدة صديقة للبيئة وزيادة العروض على المنتجات الصحية والعضوية، إضافة إلى التعاون لرفع مستوى الوعي لدى المستهلك في ما يتعلق بفوائد المنتج ومزاياه.

تقرير التنافسية
ويعكس تقرير التنافسية الأردني الثاني تطلعات وتوصيات القطاع الخاص لراسمي السياسات وصانعي القرار، وذلك بهدف رفع تنافسية القطاعات التي شملها التقرير. في حين يُذكّر تقرير التنافسية المسؤولة قادة الرأي في القطاع الخاص للقطاعات عينها بضرورة تحمل مسؤوليتهم الاجتماعية تجاه المجتمع المحلي، لتحقيق دورهم كشريك فاعل في التنمية المستدامة، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على إنتاجية تلك القطاعات وربحيتها والزيادة حتماً من قدرتها التنافسية. هذا إضافة إلى مقارنة أداء كل من القطاعات المدروسة بمثيلاتها من 6 دول مختارة (3 إقليمياً و3 عالمياً)، ويأتي اختيار مجموعة الدول المستخدمة في المقارنة على الأسس التالية: دول تطبق المعايير والممارسات الفضلى في القطاعات المعنية، ودول مشابهه للأردن في القطاعات المعنية من حيث حجم السوق وخصائص الطلب وبيئة الأعمال.

وسلط التقرير الضوء على الميزة التنافسية للأردن على مستوى الاقتصاد الكلي وتقويم أداء الأردن الاقتصادي حسب التقارير العالمية للتنافسية المختلفة وتحليل تنافسية القطاعات المختارة لهذا العام، والمتمثلة في البنوك والتأمين والصناعات الغذائية (اللحوم المصنعة) بالاعتماد على منهجية مايكل بورتر. والجزء الأخير تناول آخر المستجدات المحلية والتطورات العالمية وأثرها على القطاعات الاقتصادية التي تمت دراستها في تقرير التنافسية الأردني الأول عام 2007.

القدرة التنافسية للاقتصاد
ترتكز القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني على الموارد البشرية المتميزة، حيث كان الأردن ومازال يعتبر منبعاً للكفاءات من ذوي الخبرة والمهارة في الشرق الأوسط. كما تعتبر هجرة العقول واحدة من أكبر التحديات أمام الاقتصاد الأردني، وعلى الرغم من ذلك فهي لا تشكل عائقاً لنمو وتطور القطاعات الاقتصادية.
وتتطلع القطاعات الاقتصادية في الأردن نحو رفع سوية خريجي الجامعات، وخصوصاً بما يتعلق بمهارات العمل المكملة التي يتطلبها سوق العمل، الأمر الذي سيؤثر إيجاباً على القدرة التنافسية للأردن بشكل عام.

تحديث القطاعات الاقتصادية
من منطلق حرص الفريق الوطني للتنافسية على استكمال الجهود السابقة في دراسة تنافسية القطاعات الاقتصادية الحيوية ومتابعة أهم المستجدات الطارئة على القطاعات المدروسة، فقد تناول تقرير هذا العام تحديثاً للقطاعات الإستراتيجية الخمسة التي تمت دراستها في تقرير التنافسية الوطني الأول عام 2007، والمتمثلة بالصناعات الدوائية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والسياحة، والسياحة العلاجية، والتعليم العالي؛ وذلك ضمن المحاور الآتية: تحليل نقاط القوة والضعف لكل من القطاعات الخمسة، إضافة إلى الفرص المتاحة في كل قطاع والتحديات التي يواجهها وما طرأ عليه من تطورات. واستعراض أهم المبادرات والسياسات التي تم تبنيها لتلك القطاعات. وشرح الأثر المتوقع للأزمة المالية العالمية على كل من القطاعات الخمسة.

وأشار التقرير إلى أنه وبالرغم من الأزمة العالمية لا يزال أداء القطاعات الخمسة جيداً. بل أظهرت قطاعات السياحة والسياحة العلاجية زيادة في العائدات، ولا تزال هناك فرصة جيدة لبعض القطاعات المدروسة الاستفادة من التوجهات العالمية لتنمو وتزدهر، منها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الدوائية والسياحة العلاجية. ومن الجدير بالذكر أن تبني قطاع التعليم العالي لمبادرات عدة تهدف إلى ربط مخرجات التعليم العالي بسوق العمل يأتي تلبيةً لأهم توصيات التقرير السابق، كما أظهر التقرير أن مشروع تطوير وتوسعة مطار الملكة علياء الدولي من المشاريع الحيوية المهمة الذي سينعكس أثره بشكل إيجابي على القدرة التنافسية للقطاعات كلها.

تحليل تنافسية القطاعات
يقدم التقرير تحليلاً للقدرة التنافسية لكل من قطاعات البنوك والتأمين والصناعات الغذائية (اللحوم المصنعة)، حيث تم اختيار قطاعي البنوك والتأمين، بسبب مساهمتهما في الناتج المحلي الإجمالي عالية نسبياً حيث بلغت (7%) و(7.8%) للعامين 2007 و2008 على التوالي، كما وتعتبر هذه القطاعات أساسية وفاعلة في أي اقتصاد وقادرة على إيجاد فرص عمل مميزة للكفاءات في الدولة. وتم التركيز على قطاع اللحوم المصنعة كقطاع فرعي من الصناعات الغذائية لأهميته النسبية في إنفاق الأسرة في الأردن وما يحتويه هذا القطاع من فرص واعدة وإمكانية تحسين واقع القطاع بشكل كبير. ويمكن ذكر أهم ما خلص إليه التقرير بالآتي:

قطاع البنوك
يمثل قطاع البنوك احد الأعمدة الرئيسة للاقتصاد الأردني، فمساهمته في الناتج المحلي الإجمالي تزداد عاماً بعد عام، حيث بلغت (4.5%) عام 2007، في حين كانت (4.3%) في عام 2006. ويوجد حالياً ثلاثة وعشرون بنكاً عاملاً في السوق، منها خمسة عشرة بنكاً محلياً، وثمانية أجنبية، من بينهم بنكان إسلاميان، حيث توظف تلك البنوك مجتمعةً (17.201) شخص عام 2007، أي بزيادة عن العام الذي سبقه بما يقارب الألف موظف.

واقع القطاع
ضمن سياق تقييم قطاع البنوك في الأردن، تم قياس قدرته التنافسية مع دول الجوار والعالم، حيث تم اختيار ثلاث دول على المستوى الإقليمي (البحرين ولبنان وسلطنة عُمان) وثلاث دول أخرى على المستوى الدولي (قبرص والتشيك واليونان).

كما أظهر التقرير أن نسبة حقوق المساهمين إلى إجمالي الموجودات أعلى بمرتين مقارنة بمثيلاتها من بعض الدول المختارة مثل قبرص وجمهورية التشيك. كما أظهرت النتائج أن العائد على الموجودات للبنوك الأردنية للعام 2008 جيد مقارنة بالدول المختارة حيث جاءت في المرتبة الثالثة بعد البحرين وسلطنة عُمان، هذا إضافة إلى تحسن العائد على متوسط حقوق المساهمين في السنوات الأربع الماضية. ومن جهةٍ أخرى فإن الأردن لا يزال متأخراً عن قائمة الدول المختارة في ما يتعلق بنسبة عدد السكان لعدد فروع البنوك (الأردن 10000 نسمة للفرع، لبنان 4000، قبرص أقل من 1000).

وعلى صعيد أخر، يتمتع قطاع البنوك بقدرة تنافسية عالية وذلك لتوافر كوادر بشرية مؤهلة ومتميزة، وهو قطاع واعد ذو إمكانيات كبيرة للنمو بفضل الدور الإيجابي للسياسة النقدية في الأردن. إلا أنه يعتبر قطاعاً مشتتاً نسبياً مما يتطلب تشجيع المستثمرين على إتباع سياسة الاندماج، عوضاً عن إنشاء المزيد من البنوك الصغيرة، كما وتعد نسبة استخدام الخدمات البنكية الالكترونية منخفضة مقارنة بالنسب العالمية.

أهم التوصيات للقطاعين الحكومي والخاص:
1. تطوير التعاون مع المؤسسات المالية إقليمياً لزيادة قدرة القطاع على التعامل مع الصدمات الخارجية وتطبيق اختبارات الأوضاع الضاغطة بشكل نصف سنوي.
2. زيادة حجم التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم كخطوة لزيادة الطلب على الخدمات البنكية.
3. العمل على جذب الاستثمارات الكبيرة وتحفيز عمليات الاندماج بين المصارف خصوصاً الصغيرة منها.
4. تحفيز الطلب على الخدمات البنكية، من خلال تبني نظم إدارة علاقات مع العملاء قائمة على خلق علاقات طويلة الأمد تتجاوز حدود العلاقة المصرفية التقليدية.

قطاع التأمين
إن قطاع التأمين قطاع منظم وتشريعاته القانونية ذات نوعية جيدة ويتمتع بكوادر بشرية كفوءة وذات قدرات عالية، الأمر الذي يوفر البيئة المناسبة لتطور شركات التأمين واستحداث خدمات تأمين جديدة. ومن الجدير بالذكر أن مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الإجمالي بلغت (2.49%) عام 2007، ويوظف ما يقارب (3.142) شخص في عام 2008، محققاً زيادة بنسبة (6.5%) في عدد الموظفين عن العام الذي سبقه. كما إن عدد شركات التأمين في الأردن ثمانية وعشرين شركة، حيث بلغ إجمالي أقساط التأمين للشركات مجتمعة ما يقارب (333) مليون دينار أردني عام 2008، أي بزيادة مقدارها (14.1%) عن عام 2007.

وضمن سياق تقييم قطاع التأمين في الأردن، تم قياس قدرته التنافسية مع دول الجوار والعالم، حيث تم اختيار ثلاث دول على المستوى الإقليمي (البحرين والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان) وثلاث دول أخرى على المستوى الدولي (المملكة المتحدة وألمانيا والدنمارك).

وأظهرت نتائج التحليل أن معدل الإنفاق السنوي على التأمين في الأردن (كثافة التأمين) هي الأقل مقارنة بالدول المختارة، وأن تكلفة إنشاء شركة تامين في الأردن قد تصل إلى ما يقارب (25) مليون دينار أردني، وهي الأعلى مقارنة بالدول المختارة. كما إن نسبة تغلغل التأمين، والذي يقاس بمساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، كانت أقل من (2.5%)، وهي نسبة منخفضة بالمقارنة مع الدول المختارة، حيث جاء الأردن في المرتبة قبل الأخيرة، تليه سلطنة عمان، التي تبلغ فيها نسبة تغلغل التأمين (2%)، في حين تصدرت القائمة بريطانيا بنسبة تصل إلى (20%).

من جهة أخرى، تعتبر نسبة كثافة التأمين المنخفضة ميزة تنافسية مهمة في قطاع التأمين، حيث إن تنافسية قطاع التأمين الأردني في كل الخدمات التأمينية ndash; باستثناء التأمين على الحياة ndash; مرتفعة، حيث بلغت نسبة تركز التأمين (32%) مقارنة بـ(35%) للإمارات و(62%) لسلطنة عمان و(58%) للدنمارك. في حين تراجعت هذه الميزة في خدمة التأمين على الحياة، وذلك لاعتبارات تتعلق بمفاهيم عقائدية.

وإقليمياً، يعتبر الأردن من أوائل الدول التي تأسس فيها قطاع التأمين، وعليه كان على الدول حديثة العهد مع قطاع التأمين، مثل السعودية وسوريا، استقدام الكوادر البشرية الأردنية العاملة في هذا القطاع لما تملكه من خبره وقدرات عالية، الأمر الذي أدى إلى هجرة أعداد كبيرة من الكوادر الأردنية الكفوءة خارج الأردن.

أهم التوصيات
1. العمل على تخفيض الحد الأدنى المطلوب لدخول سوق التأمين، الأمر الذي سيؤدي إلى تطوير القطاع وتحسين نوعية الخدمات في ظل ازدياد المنافسة، هذا إضافة إلى التشجيع على الاندماج بين شركات التأمين للحصول على شركات قيادية كبيرة في الأردن.
2. الترويج المستمر لخدمات التأمين لدفع القطاع نحو النمو والازدهار عن طريق زيادة الطلب.
3. دراسة إمكانية تبني سياسات التأمين الإلزامي على مجموعة من خدمات التأمين، كما هو الحال في العديد من الدول التي تتبع الممارسات الفضلى في هذا المجال، كالدنمارك وألمانيا، حيث تفرض هذه الدول التأمين على الخدمات الصحية والأخطاء الطبية بشكل إلزامي، وكما هو الحال أيضا في البحرين والإمارات.

قطاع الصناعات الغذائية (اللحوم المصنعة)
يعتبر قطاع اللحوم المصنعة واحداً من القطاعات الغذائية الإستراتيجية التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي للأردن، فالقيمة المضافة لهذا القطاع استمرت بالارتفاع عاماً بعد عام، إلى أن وصلت عام 2007 إلى (42.7) مليون دينار أردني، كما إن عدد العاملين في قطاع تصنيع اللحوم قد ازداد بشكل مطرد خلال الفترة 2003-2007 من (1.915) سنة 2003 ليصل العدد إلى (3.600) في عام 2007. ومن الجدير بالذكر أن عدد الشركات الفاعلة في هذا القطاع يبلغ ستة عشر شركة، حيث وصل مجموع إنتاج تلك الشركات (196.9) مليون دينار أردني عام 2007 أي بزيادة قدرها (47%) مقارنة بعام 2006.

وضمن سياق تقييم قطاع اللحوم المصنعة في الأردن، تم قياس قدرته التنافسية مع دول الجوار والعالم، حيث تم اختيار ثلاث دول على المستوى الإقليمي (الإمارات العربية المتحدة ولبنان وتركيا) وثلاث دول أخرى على المستوى الدولي (الدنمارك وهولندا وألمانيا).

وأظهرت نتائج التحليل أن المنتجات الأردنية من اللحوم المصنعة تتمتع بجودة أعلى من منتجات الدول الأخرى ضمن المجموعة (ماعدا المنتجات الألمانية)، ويعود ذلك إلى استخدام أحدث الآلات في تصنيع اللحوم والحرص على مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية. من جهة أخرى، فإن طاقة الأردن الإنتاجية للحوم المصنعة محدودة مقارنة مع الدول المختارة، وذلك لأن معظم المواد الأساسية مستوردة، إضافة إلى محدودية الموارد وارتفاع كلفة مُدخلات الإنتاج في الأردن.

كما إن نسبة صادرات الأردن من اللحوم المصنعة منخفضة، وذلك لعدم مقدرة الصناعات المحلية من التصدير لدول مهمة، مثل الاتحاد الأوروبي، لأسباب عدة، أهمها أن بعض الأسواق المستهدفة تشترط وجود شهادات معينة حتى تسمح للمنتج الغذائي دخول أسواقها. ومن أهم المعوقات التي تحد من تطور هذا القطاع هو وجود عدد من الجهات المسؤولة عن تنظيم قطاع الصناعات الغذائية، وإن عدم التنسيق بين هذه الجهات يؤدي إلى تضارب في المسؤوليات والإجراءات، وهذا ينعكس سلباً على كفاءة الإجراءات، وبالتالي زيادة الكلفة على المصنع واستهلاك وقت أكبر.

أهم التوصيات للقطاعين الحكومي والخاص:
1. فتح أبواب التصدير أمام المنتجات الأردنية، عن طريق تفعيل الاتفاقيات التجارية الإقليمية والعالمية التي وقعها الأردن، وتنفيذ بنودها ومتابعتها من قبل الملحقين الاقتصاديين للسفارات الأردنية في الخارج.
2. العمل على تسهيل إجراءات منح الشهادات للمنتج الأردني المطلوبة من الدول أو الأسواق المستهدفة، بحيث تتم من خلال جهة واحدة وذلك لزيادة الإمكانيات التصديرية.
3. تطبيق أنظمة المواصفات والمقاييس على المواد الخام المستوردة لصناعة اللحوم وعلى المنتجات النهائية للحوم المصنعة المستورة أيضاً.
4. محاولة تخطي عقبة التكلفة المرتفعة للإنتاج في الأردن، عن طريق استخدام تطبيقات التكنولوجيا الحديثة الموفرة للطاقة، حيث إن معظم مصنعي اللحوم المحليين لديهم القدرة على تبني أحدث الأجهزة والمعدات والحرص على مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية.