أنهى مجلس النواب العراقي خلافات وجدلاً سياسياً استمر أشهراً عدة حول الموازنة العامة للعام الحالي 2010 بالمصادقة عليها أخيراً اليوم، في جلسة استمرت ثلاث ساعات، حيث بلغت تخصيصاتها حوالى 67 مليار دولار بعجز مقداره 18 مليار دولار، وباحتساب سعر 60 دولاراً لبرميل النفط. فيما تم كشف النقاب للمرة الأولى عن مقدار تخصيصات الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة ومجلس النواب حيث بلغت حوالى 831 مليون دولار.
أسامة مهدي من لندن: يأتي تمرير البرلمان العراقي للموازنة العامة إثر موافقة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي على إجراء تعديلات عليها بطلب من البرلمان، وبإجمالي نفقات قدرها 78.733 ترليون دينار عراقي، توزعت على شكل نفقات إستثمارية، وقدرها 20.862 ترليون دينار، و57.871 ترليون دينار نفقات تشغيلية (الدولار يساوي 1200 دينار). كما جاءت الموافقة بعد تحذيرات رسمية من مخاطر تأخر المصادقة على الإنفاق الحكومي وتعطيل البدء بتنفيذ الكثير من المشاريع الخدمية الضرورية، إضافة إلى ما سيفرزه ذلك أيضاً من مخاطر على الأوضاع الأمنية في البلاد لعدم إمكانية الإنفاق على التدريب وشراء المعدات العسكرية.
وعقب ذلك، قال همام حمودي القيادي في الائتلاف الوطني، الذي اعترض على بعض فقرات الموازنة، إنه من أجل تقليل العجز فيها وافق البرلمان على تخفيض تخصيصات الرئاسات الثلاث بنسبة 20 %، لكنه لم يعرف المبالغ التي انقصت منها. كما تم تخفيض مرتبات الوزراء والنواب بنسبة 10 %، وفرض رسوم إضافية على الداخلين إلى العراق بمقدار 10 دولارات للشخص الواحد.
وبلغت قيمة الإيرادات في الموازنة 60,774 ترليون دينار، بعجز مقداره 17,95 ترليون دينار، حيث سيتم تغطيتها من خلال جملة من التدابير، من ضمنها المبالغ المدورة من عام 2009، وإصدار حوالات الخزينة والإقتراض من صندوق النقد والبنك الدولي، مع المضي بترشيد وضغط الإنفاق الحكومي، إضافة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مع المضي بضغط الإنفاق وترشيده.
ويتوزع مبلغ الموازنة بين نفقات استثمارية قدرها 17.75 مليار دولار و49.25 مليارا نفقات تشغيلية. فيما بلغت قيمة إجمالي الإيرادات 51.72 مليار دولار بعجز مقداره 15.23 مليار دولار. وكان مجلس النواب أقر مطلع آذار (مارس) الماضي موازنة عام 2009، ومقدارها 58.9 مليار دولار، بعد تخفيضها ثلاث مرات، في ظل تراجع أسعار النفط، وسط توقعات بصعوبات اقتصادية العام الحالي على الأقل.
وأوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن مجلس الوزراء قرر الموافقة على تعديل مشروع قانون الموازنة العامة الإتحادية لسنة 2010 بموجب طلب اللجنة المالية في مجلس النواب بتخصيص مبلغ (267.385.000,000) دينار كموازنة للمجلس، و313.569.650.000 دينار لمجلس القضاء الأعلى و (250) مليار دينار لمؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين و(263.511.000.000) دينار عن حصة إقليم كردستان العراق عن تنمية الأقاليم، مع إضافة مبلغ (416) مليار دينار عن كلفة إنتاج النفط الخام المصدر، وإضافة مبلغ (84) مليار دينار تخصيصات إضافية عن أجور نقل النفط الخام عبر تركيا، وإحداث (100) درجة وظيفية ضمن مركز وزارة النفط عن عقود التراخيص (50) درجة وظيفية لمركز وزارة المالية و(100) درجة وظيفية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء (دون زيادة التخصيصات المالية المقررة).
وقد تقرر حجب الحصة التموينية للعائلة التي يزيد دخلها على (2.500.000) دينار شهرياً، ويكون الحجب للحصة، وليس للبطاقة، وتخصيص مبلغ (2.800.000.000) دينار ضمن موازنة وزارة الإعمار والإسكان لإعمار جسر فلسطين في محافظة الأنبار على طريق المرور السريع الدولي الذي يمثل تقاطع نهر الفرات ضمن موازنة 2010، وإحالته على مجلس النواب إستناداً إلى أحكام المادتين (61/البند أولاً و80/البند ثانياً) من الدستور.
وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه أخيراً إن الموافقة على تعديل مشروع قانون الموازنة العامة الإتحادية لسنة 2010 تأتي إستناداً إلى طلب مجلس النواب/اللجنة المالية بإجراء مجموعة من التعديلات على الموازنة الإتحادية، حيث تم استحداث (100) درجة وظيفية ضمن مركز وزارة النفط عن عقود التراخيص و(50) درجة وظيفية لمركز وزارة المالية والدوائر التابعة لها تعويضاً من الموظفين الذين استشهدوا أثناء إنفجار مبنى وزارة المالية و(100) درجة وظيفية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء دون زيادة التخصيصات المالية المقررة لها.
وأضاف أن التعديلات على الموازنة العامة الإتحادية شملت تعديل موازنة مجلس النواب من (199265) مليون دينار إلى (267385) مليون دينار، أي بإضافة (68120) مليون دينار كتخصيصات إضافية، وإدراج مبلغ (263511) مليون دينار إلى موازنة إقليم كردستان عن المبالغ التي جرى استبعادها عام 2008من حصتهم، أسوة بالمبالغ التي سيتم إدراجها للمحافظات، والتي لم يجر صرفها عام 2008 لعدم إدراجها من قبل وزارة المالية في الموازنة.
وأوضح أن مبلغ (416) مليار دينار قد أضيف عن كلفة إنتاج النفط الخام المصدر، ومبلغ (84) مليار دينار كتخصيصات إضافية عن أجور نقل النفط الخام عبر تركيا، نتيجة لزيادة كلفة إنتاج برميل النفط الخام، ومبلغ (48) مليار دينار كتعويضات لأهالي مدينة سامراء إستناداً إلى قرار مجلس الوزراء.
وقد تضمنت الموازنة استحداث 115 ألف درجة وظيفية، تتوزع على الوزارات كافة، الأمر الذي سيقلل من البطالة في البلد، إضافة إلى الدرجات الوظيفية الشاغرة أو التي ستشغر لغرض تعيين المتخرجين الجدد من الاختصاصات الطبية والصحية والتعليمية والتدريسية والشرطة والعسكرية.
وبحسب الجدول المدرج، فإن توزيع الدرجات جاء كالآتي: quot;358 لوزارة الخارجية، و27537 للداخلية، و47549 للدفاع، و14 ألفاً لوزارة الصحة، و10 آلاف للتربية، و1975 للتعليم، و270 للمالية، و80 لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، و650 للثقافة، و150 لوزارة النقل، و15 للبيئة، و70 للعدلquot;.
وكان النائب المستقل حسين الفلوجي أشار إلى أن الموازنة تضمنت إنفاقاً كبيراً في المجال العسكري على حساب قطاعات الزراعة والإعمار والبناء والخدمات. وقال إنه كان على الحكومة تحريك أدوات السياسة المالية باتجاه تنمية وتنشيط القطاع الخاص حتى يصار إلى تقليل الضغط باتجاه الوظيفة العامة وتقليل الإنفاق في الموازنة التشغيلية. وأوضح أن الموازنة تضمنت تخصيص قرابة 14 مليار دولار لوزارتي الدفاع والداخلية مقابل تخصيص قرابة 300 مليون دولار للقطاع الزراعي.
من جهة أخرى، كشفت عضو اللجنة المالية في مجلس النواب شذى الموسوي عن كتلة الائتلاف الوطني عن مبالغ مخصصات الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومية ومجلس النواب، وقالت إنها بلغت حوالى 831 مليون دولار، منها حوالى 100 مليون دولار لرئاسة الجمهورية، و140 مليون لرئاسة الحكومة، و570 مليون لرئاسة مجلس النواب. وأشارت في تصريح نشرته صحيفة quot;العالمquot; في بغداد اليوم إلى أن هذه التخصيصات ترتفع باحتساب مرتبات الموظفين العاملين في الرئاسات الثلاث إلى مليار و113 مليون دولار.
وقد ظلت الأرقام الخاصة بتفصيل المبالغ المخصصة للرئاسات تحيط بها السرية، ولوحظ أن الصفحات الخاصة بتوضيح ذلك قد رفعت من نسخة الموازنة العامة للعام الماضي، والمنشورة على موقع وزارة المالية. وتقول الموسوي إن اللجنة المالية نفسها لا تعرف التفاصيل الدقيقة لذلك، وأن هناك توافقاً على عدم إثارة الموضوع خوفاً من إثارة الرأي العام حيالها. وقد طالبت كتل سياسية بتخفيض هذه التخصيصات في الموازنة الجديدة لكنه جرى التخفيض اليوم بنسبة 20 % فقط.
وفي سياق الدعوات التي انطلقت أخيراً لتخفيض مرتبات رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب والمبالغ الأخرى المعروفة بالمنافع الاجتماعية، أكدت النائبة أن اللجنة المالية ليس لديها أرقام دقيقة حول هذه المرتبات، وأن المتاح هو الأرقام الإجمالية.
وأوضحت أن اللجنة المالية في البرلمان وجهت سؤالاً قبل بضعة أشهر إلى وزارة المالية حول مرتبات الرئاسات، لكنها لم تقدم جواباً واضحاً. وقالت quot;أرسلوا لنا موظفاً مسؤولاً ظل يكشف لنا أرقاماً تقديرية.. مثلاً سألناه هل مرتب رئيس الجمهورية أكثر من 60 مليون دينار، فقال نعم أكثر، ولم يوضح أكثر بكمquot;. وأشارت إلى أنه إذا أضيف على ذلك مبالغ المنافع الاجتماعية ومخصصات مكاتب الرئاسات، فستكون هناك مبالغ كبيرة جداً، ولذلك جاءت المطالبة بتخفيضها، مؤكدة أن هناك توافقاً على عدم إثارة الموضوع أو كشف الأرقام .
التعليقات