بعد 9 سنوات من تعيينه مديرا عاما لمجموعة MTC الكويتية quot;زينquot; حاليا، ترجل د. سعد البراك الرئيس التنفيذي للمجموعة باستقالة أحدثت العديد من ردود الأفعال والتوقعات حول أسباب الاستقالة ومدى انعكاساتها على موقعه في زين السعودية ومستقبل الشركة .

الرياض: فاجأت استقالة الدكتور سعد البراك الأوساط الاقتصادية والاستثمارية ليس على مستوى الكويت فقط وإنما على المستوى الإقليمي، وأثارت تساؤلات عدة حول أسبابها، وهو الأمر الذي يعود إلى الدور الأساسي الذي لعبه البراك في إحداث نقلة نوعية لمجموعة زين، منذ أن بدأ العمل فيها عام 2002م عبر إنفاق مليارات الدولارات للتوسع في 23 دولة في أفريقيا وبعض الدول العربية والخليجية، خاصة السعودية من خلال شراء الرخصة الثالثة للاتصالات المتنقلة بقيمة 6.1 مليارات دولار .

ومنذ أصبحت quot;زينquot; الشركة الأم تحت إدارته 2002 زادت قاعدة عملائها من 600 ألف عميل إلى نحو 70 مليون عميل في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وارتفعت قيمتها السوقية في سوق الكويت للأوراق المالية من أقل من 2.5 مليار دولار إلى أكثر من 10 مليارات دولار في 31 ديسمبر 2008م .

وأرجعت مصادر اقتصادية استقالة البراك إلى التدخل المستمر في أعمال الإدارة التنفيذية رغم نجاح سياسة الشركة ومحافظتها على توازنها واستقرارها في الأزمة المالية التي ضربت كافة القطاعات، إضافة إلى حالة التعثر التي طالت quot;زين السعوديةquot; عند انطلاقتها وكانت شرارة الخلافات بين أعضاء مجلس الإدارة في الشركة الأم الذين انقسموا بين فريق مؤيد للبراك وفريق وقف ضد وجهة نظره في التعامل مع أزمة السيولة في زين السعودية، خاصة وان الشركة واجهت في البداية صعوبة في اختراق سوق الاتصالات السعودية نتيجة المنافسة الشرسة من قبل الاتصالات السعودية وموبايلي، وارتفعت مديونياتها في أقل من عامين ما أثر في ثقة المستثمرين، وانخفضت تقييمات السهم لأقل من القيمة الاسمية. وطالب هذا الفريق نتيجة هذه الأسباب ببيع بعض الأصول والتخارج منها فورا وهو ما رفضه البراك.

وأوضح البراك في حينه أن ارتفاع الخسارة التشغيلية لزين السعودية خلال عام 2009م مقارنة بعام 2008 م يعود لعمليات التوسع في البنية التحتية والتي مكنت الشركة من تغطية مساحات واسعة وقياسية مؤكدا عدم وجود أي تعثر لدى quot;زين السعوديةquot; في سداد ديونها، بما في ذلك الفوائد المستحقة على هذه الديون، معتبرا في الوقت نفسه أن اللبس الذي نجم عن إشارة مدقق الحسابات الخارجي لشركة quot;برايس وترهاوس كوبرزquot; في تقريره لعدم التزام quot;زين السعوديةquot; بتعهداتها سببه خطأ في ترجمة مصطلح التعهدات الذي يعني quot;ارتباطات بمعدلات الأداءquot; بحسب ورودها في سياق النص الانكليزي لمراقب الحسابات.

وكان المدقق الخارجي قد أشار إلى تجاوز مطلوبات quot;زين السعوديةquot; المتداولة، موجوداتها المتداولة بمبلغ 4.9 مليارات ريال وعدم تمكن الشركة من الوفاء ببعض التعهدات المتعلقة بشروط القروض التي حصلت عليها للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2009م .

وحسب التقرير نفسه فإن القوائم المالية لزين السعودية تظهر أن هناك عجزا في الرأسمال العامل بلغ 4.95 مليارات ريال بنهاية عام 2009م هو ما يمثل الفارق بين الموجودات المتداولة والمطلوبات المتداولة.

ولكن زين السعودية نجحت بالفعل في تسوية مشكلاتها مع المقرضين وحصلت على تمويل مرابحة مشترك بقيمة 9.75 مليارات ريال تقريبا خلال الربع الثالث من 2009 بسعر 425 نقطة أساس فوق اللايبور لثلاثة اشهر وذلك بعد أن استحق التمويل السابق الذي حصلت عليه الشركة أثناء التأسيس السداد في شهر يوليو الماضي, ويتم تسديد مصاريف التمويل على هذا القرض الجديد بشكل ربع سنوي أو نصف سنوي فيما يتم سداد كامل القرض دفعة واحدة بتاريخ 12 أغسطس 2011م.

موقف زين السعودية من استقالة البراك الذي يتولى منصب الرئيس التنفيذي فيها منذ مارس 2009م جاء سريعا على لسان رئيس مجلس الإدارة الأمير حسام بن سعود آل سعود بتأكيده بقاء د. سعد البراك، في منصبه رئيسا تنفيذيا للشركة وتمسك الشركة به وحاجتها إلى خدماته وخبراته، مضيفا أن البراك ركز اهتمامه في الفترة الأخيرة على زين السعودية ويرى أن لها مستقبلا كبيرا، مضيفا أن الاستقالة من الشركة الأم والبقاء في زين السعودية أمران منفصلان.

هذا الحديث لرئيس مجلس إدارة زين السعودية أيده اتصال بينه وبين البراك أكد الأخير خلاله دعمه لزين السعودية وثقته فيها، وهو موقف تعكسه تصريحاته قبيل استقالته والتي أكد فيها أن الشركة استطاعت وفي أقل من 16 شهرا أن تبني مركزها الاستثماري بكل كفاءة واقتدار وتمكنت من رفع حصتها السوقية إلى أكثر من 18% من إجمالي مستخدمي الاتصالات المتنقلة في السوق السعودية بعدد عملاء تجاوز 6 ملايين عميل، وهي المؤشرات التي يرى البراك أنها كسرت سقف التوقعات على جميع الأصعدة.

واستطاعت شركة زين السعودية وفق البراك الوصول إلى نقطة التعادل على المستوى الشهري لشهري نوفمبر وديسمبر الماضيين، الأمر الذي يعكس مدى قدرتها على مسابقة الزمن واختصار الوقت في الوصول للأهداف المرصودة، ويعكس التحسن المطرد الذي يشهده حجم الإيرادات في نتائجها الربعية الذي يصاحبه انخفاض مستمر في الخسائر التشغيلية.

وارتفعت إيرادات زين السعودية في الربع الرابع من السنة المالية الماضية 2009 إلى 895 مليون ريال مقارنة بـ 424 مليون ريال للفترة المماثلة من العام السابق بارتفاع تجاوز 111%، بنسبة نمو في إجمالي الربحية تجاوز 1000% ، بإجمالي ربحية بلغ 356 مليون ريال مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، التي حققت الشركة خلالها إجمالي ربح بلغ 31 مليون ريال، وبهامش ربح إجمالي عن هذه الفترة قفز إلى أكثر من 40% ما مكنها من تخفيض خسائرها في الربع الأخير من 2009 بنسبة 29% متكبدة 657 مليون ريال ، مقابل 930 مليون ريال للربع المماثل 2008 م .

والخلاصة أن تصريحات البراك وتمسك زين السعودية به يتيح القول إن رهان الدكتور سعد البراك المقبل هو على زين السعودية التي كانت الخلافات بشأنها كما يرى كثيرون السبب وراء استقالته من المجموعة الأم، وهو ما يدعم توقعات بقائه كرئيس تنفيذي في الشركة السعودية، على الأقل لإثبات وجهة نظره في أن السنوات المقبلة للشركة هي سنوات حصاد الأرباح بعد أن كان عنوان المرحلة والأعوام الماضية استكمال البنى التحتية لزين السعودية.