لا يرتبط الاحتفال بعيد الحب في الجزائر بحركية اقتصادية اجتماعية صاخبة، ويفضّل جمهور العشاق اقتناء الورود وتبادل أصناف من الشوكولاتة، ويفضل المهووسون بهذه المناسبة الحديثة الظهور في الجزائر، الاقتصار على بضع حفلات غداء أو عشاء هناك من دون إنفاق ذا بال في مجتمع محلي ينبذ quot;الفالنتاينquot; ويعتبر طقوس 14 فبراير طفرة شاذة وعادة دخيلة.
الجزائر: تقود مؤشرات عيد الحب في الجزائر هذا العام والسنوات التي سبقته، إلى الإقرار بخواء ما يُصطلح عليه بـquot;سوق عيد الحبquot;، فالأجواء التي طبعت الاحتفال بالفالنتاين خلال أعوام فائتة أو عشية فالنتاين السنة الحالية، رتيبة حتى لا نقول معدومة، وذاك راجع بالأساس إلى عدم اعتراف المجتمع الجزائري بعيد الفالنتاين وكفره التام به حيث يعتبره quot;مفسدةquot; على طول الخط.
وعبثا سعينا لتلمّس مظاهر الفالنتاين على مستوى محلات بيع الهدايا والمطاعم بالعاصمة الجزائرية وضواحيها، حيث أبدى يزيد، زهير وعادل وهم أصحاب محلات بشوارع العربي بن مهيدي، حسيبة بن بوعلي وزيغود يوسف، قناعتهم أنّ عيد الحب في بلدهم لا يدّر المال الكثير، وشرح يزيد أنّ محله في أعياد سابقة زاره عدد محدود من الزبائن ممن أخذوا كميات قليلة من الشوكولاتة بهدف إهدائها إلى أحبائهم، ولم يختلف الأمر 24 ساعة قبل حلول عيد الحب لهذا العام، ويؤيده زهير وعادل اللذين يلاحظان قلة الاهتمام باقتناء أغراض لها صلة بالمناسبة، وتفضيل الغالبية الاكتفاء بشراء أشياء لا تكلّف جيوبهم الكثير.
جعلنا من بائع الورود بساحة quot;موريس أودانquot; وجهة لنا، لم يخف طارق أنّ الرابع عشر فبراير هو عنوان كبير لنفاذ الورود الحمراء في محله، تماما مثل المحلات الأخرى المختصة بالورود، وهو ما شجعه ndash; يضيف طارق ndash; على مضاعفة الكميات التي يستعرضها صبيحة اليوم المذكور، تبعا للإقبال الشبابي المكثف على اقتنائها، وعما إذا كان يستغل الفرصة للزيادة في أسعار الورود الحمراء، ينفي طارق ذلك ويقول إنّه يقترح الوردة الواحدة على مدار العام بـ50 دينارا، بيد أنّ مثل هذا التصريح يعارضه كريم وحسان وفريد الذين ينبّهون إلى كون أسعار الورود والشوكولاطة تُباع بضعفين، كلما اقترب موعد الفالنتاين. بالنسبة للعشاق ذاتهم، يشرح عماد (24 سنة) أنّه يواظب على منح وردة أو قارورة عطر لحبيبته، ويشير عماد المتخرج حديثا من كلية الهندسة، أنّه لا يدخّر الأموال خصيصا لهذا اليوم، شأنه في ذلك رفاقه سليم، مراد وفاتح الذين يعتبرون احتفالهم بالمناسبة رمزيا وعفويا وهو ما يضفي على ما يُهدونه لحبيباتهم quot;أريحية خاصةquot; على حد تعبيرهم.
من جانبه، يشير رفيق المتزوج منذ ثلاث سنوات، أنّه يحتفل منذ سنوات بعيد الحب في مطعمه المفضل بحي السمّاكة، أين يدعو شريكة حياته إلى تناول ما لذ وطاب، وهو طقس يكلفه ميزانية تربو عن الأربعة آلاف دينار، ويلاحظ رفيق الموظف بمصرف خاص، أنّ القلّة ممن يحيون عيد الحب بهذه الطريقة.
بدورهنّ، تركّز بنات حواء على عامل الرمزية وتقرّ كثيرات أنّ العبرة هي في توظيد العلاقة مع الحبيب ولا تنظرّ كل واحدة إلى هرمية الجانب المادي، بهذا الصدد، تبرز حبيبة، نادية وجميلة وهنّ طالبات بكلية الطبّ، أنهنّ لا تخصصن مبالغ للمناسبة، وتفضّلن جانب التلقائية، وعادة ما تشترين طواقم من الشكولاتة بأسعار تتراوح بين 80 إلى 200 دينار، كعربون ودّ ووفاء. نفس الانطباع، وجدناه لدى سميرة، سهام، سعيدة، مريم وزفيرة العاملات بورشة خياطة، واللواتي اشتكين من هزال رواتبهنّ ما يحول دون اقتنائهنّ هدايا نفيسة للأزواج والأصدقاء والأشقاء.
ويفسّر الخبير quot;أنيس بن مختارquot; هذه النمطية، بخلفية اجتماعية اقتصادية، فهناك quot;طابوquot; التقاليد السائدة بقوة، إضافة إلى حالة العوز التي تحاصر الشباب خصوصا فئة الطلبة وكذا العاطلين، وحتى الموظفين لا يمكنهم الإنفاق بكثرة خصوصا وأنّ الفالنتاين يأتي مع آخر عناقيد الراتب الشهري أو في منتصفه.
ويضيف بن مختار أنّه بحسب تقاليد الفالنتاين، فإنّ الرجال يشترون الورود، بينما النساء يجلبون الشكولاتة، وهي فرصة بمنظاره لبائعي الورود والمطاعم وصالونات الشاي، وعادة ما يفكّر الكثيرون في شراء الهدايا إما عشية المناسبة أو في اليوم ذاته على غرار ما يحصل في عيد الأم وعيد المرأة.
التعليقات