باريس: تتركز العقوبات الجديدة، التي يعدها الغربيون بحق إيران، على قطاع صادرات النفط الحيوي مع رغبة في التأثير، على الأمد القصير، على عائدات النظام الإيراني، بيد أنه يصعب تقويم الآثار الاقتصادية لهذه العقوبات.

وتصبّ تصريحات في الأسابيع الأخيرة لدول أعضاء في مجلس الأمن الدولي في الخانة نفسها، التضييق على موارد النظام للضغط على إيران في ملفها النووي، إنما من دون عواقب خطرة على الشعب. وتشكل صادرات النفط 80% تقريباً من عائدات البلاد من العملات الأجنبية.

وصرح مسؤول فرنسي رفيع المستوى، لم يكشف هويته، quot;نحن نؤيد المداولات في مجلس الأمن حول فرض عقوبات نفطية. وإذا لم تكن العقوبات كبيرة، فلن يكون لها أي تأثيرquot;، لكنه لم يشر بوضوح إلى إمكان فرض حظر على صادرات إيران من النفط الخام. وتتولى فرنسا خلال شباط/فبراير الحالي الرئاسة الدورية لمجلس الأمن.

وأكد دبلوماسي، رفض أيضاً الكشف عن هويته، أنه quot;إذا لم نعد نريد العقوبات التي تقتصر على أسلحة الدمار الشامل، علينا أن نركز على موارد دخل النظامquot;. وقال إن quot;العديد من المسؤولين في النظام لديهم مصالح في مؤسسات مصرفية كبرى وشركات للمحروقات والنقلquot;.

واعتبر تييري كوفيل، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس quot;إيريسquot; أن quot;فرض حظر على صادرات النفط سيؤثر مباشرة على النظام، لكنه سيطال الشعب أيضاًquot;. وأوضح أنّ quot;صادرات النفط تمثل 60% من عائدات الميزانية، وسيؤدي فرض حظر إلى تدهور الاقتصاد، لأن القطاع العام يشكل 80% منه. فالدولة هي التي تعيد توزيع عائدات النفط على السكانquot;.

وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير جدد أخيراً معارضته لفرض quot;عقوبات تهدد الشعب الإيرانيquot;. وكان يشير إلى اقتراح حظر تصدير الوقود إلى إيران، الغنية بالنفط، لكنها تفتقد إلى تقنيات التكرير. ويدرس مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون في هذا الإطار.

وأشار مسؤولون من جهة أخرى، إلى احتمال quot;التعويضquot; على الصين، أحد أكبر مستوردي النفط الخام من إيران، في حال فرضت عقوبات على صادرات هذه الأخيرة. ويمكن أن تقدم السعودية، التي تتعرض لضغوطات من قبل الولايات المتحدة، ضمانات بتأمين النفط للصين، لحثّ هذه الأخيرة على الموافقة على فرض عقوبات جديدة، خصوصاً وأنها تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.

ولا تزال بكين تدعو إلى الدبلوماسية لتسوية ملف البرنامج النووي الإيراني. وتشتبه الدول الغربية في أن إيران تسعى إلى التزود بالسلاح النووي تحت غطاء النشاط النووي المدني. وقبل بضعة أيام، أقرّ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان أن الولايات المتحدة طلبت مساعدة السعودية لحثّ الصين على الموافقة على فرض عقوبات جديدة، من دون أن ينفي تقديم ضمانات نفطية سعودية لبكين. أما انعكاس مثل هذه العقوبات على سوق النفط فلا يزال يثير المخاوف.

وأشار اد ميير الخبير المالي في شركة quot;ام اف غلوبالquot; في لندن إلى أنه quot;بالنظر حالياً إلى تدني الطلب وفائض العرض والاحتياطي السعودي، فإن أي تراجع للصادرات الإيرانية يمكن تعويضه من قبل السعوديةquot;. وأضاف عند سؤاله حول ارتفاع أسعار النفط الخام quot;إن الأسعار سترتفع في البداية، لكنها ستنخفض بعد ذلكquot;.

وستكون الشركات العالمية، التي تطور حقول نفط وغاز في إيران، من ضمن المتأثرين سلباً بالعقوبات على صادرات النفط الإيراني. وأقرّت مصادر في باريس أن quot;العقوبات ستنعكس علينا أيضاًquot;، في إشارة إلى استثمارات مجموعة توتال النفطية الفرنسية.