الرياض: قد تغري خطة المملكة العربية السعودية لإطلاق صناديق للمؤشرات المتداولة مزيداً من المستثمرين على دخول أكبر بورصة في العالم العربي، لكن الصناديق الرئيسة لن تستثمر مبالغ كبيرة دون تحسين القواعد المنظمة للسوق أو الحصول على حق شراء أسهم فردية.
وقالت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم إنها تريد إطلاق صناديق مؤشرات متداولة، تديرها شركات السمسرة المحلية، التي تتعامل في الأسهم أو الديون أو السلع السعودية، وذلك لاجتذاب مزيد من المستثمرين الأجانب.
ويقول محللون إن صناديق المؤشرات المتداولة لمؤشر الأسهم السعودية التي سيجري تداولها في البورصات مثل الأسهم قد يجري إطلاقها في أبريل/ نيسان، في أحدث خطوة لأكبر اقتصاد عربي تجاه فتح سوق الأسهم تدريجياً أمام الأجانب، بعد السماح بالملكية غير المباشرة من خلال اتفاقات المبادلة في 2008.
وبينما تنشغل الشركات المملوكة لحكومة دبي بتسوية مشاكل ديون ضخمة، تنفذ السعودية استثمارات بقيمة 400 مليار دولار، بعدما امتلأت خزينة الدولة بفضل ارتفاع أسعار النفط. وأنشأت بنوك عالمية وشركات لإدارة الصناديق فروعاً لها في العاصمة السعودية الرياض، وتبحث الآن وسائل استغلال الفرص في البورصة السعودية أفضل البورصات الخليجية أداء العام الماضي وهذا العام حتى الآن.
لكن الاستثمارات مازالت هزيلة، إذ يريد كثير من المستثمرين الأجانب حق الشراء المباشر والملكية الكاملة للأسهم الفردية. ويقول بنك الاستثمار السعودي جدوى للاستثمار إن عمليات الشراء الأجنبية للأسهم من خلال المبادلات في الفترة من مارس/ آذار وحتى فبراير/ شباط بلغت حوالي 792 مليون دولار أو ما يعادل 2.3 % من القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة في سوق.
وبموجب عقود المبادلة، يستطيع المستثمرون الأجانب شراء الأسهم السعودية، من خلال شركات السمسرة السعودية المعتمدة التي تحتفظ بملكية السهم قانوناً، لكنها تحول العائدات إلى المستثمر الأجنبي. وقال دانييل بروبي كبير مسؤولي الاستثمار في مؤسسة سيلك إنفست البريطانية لإدارة الصناديق إن صناديق المؤشرات المتداولة بإمكانها اجتذاب 200 مليون دولار فقط على المدى المتوسط.
وأوضح بروبي أنه quot;إذا كانت السعودية تريد السماح للأجانب بالملكية الكاملة على المدى المتوسط، فقد نرى تدفق 14.9 مليار دولار على الأسهم، بافتراض إدراج البورصة على المؤشرات الرئيسة للأسواق الصاعدةquot;، مضيفاً أن قدرة مثل تلك الخطوة على تغيير قواعد اللعبة في سوق الأسهم تفوق قدرة صناديق المؤشرات المتداولة. واجتذاب الاستثمارات إلى البورصة يأتي في إطار خطط السعودية لتقليل اعتمادها على النفط، لكن دبلوماسيين يقولون إن الحكومة تسير بخطوات وئيدة لتجنب إغضاب أعضاء النخبة الدينية، الذين يخشون من انفتاح الدولة الإسلامية المحافظة.
وفضلاً عن قيود الملكية، هناك مخاطر تنظيمية أبرزتها مشاكل ديون بعض الشركات المملوكة عائلياً في دعاوى رفعت أمام محاكم أجنبية لانعدام الثقة في النظام القانوني السعودي المتقادم. وحدّ ذلك من استعداد البنوك الأجنبية للإقراض في المملكة، إذ لم يتضح حجم مشاكل الديون بعدما أنشأت الحكومة لجنة لفض النزاعات بين الشركات العائلية، لكنها رفضت التعليق فيما عدا ذلك.
وقال مصرفي في لندن معلقاً على مسألة ديون الشركات العائلية quot;إن ذلك خلف آثاراً في ما يتعلق بزيادة عوامل الجذب أو (توسيع) قاعدة البنوك الاستثمارية لتتجاوز البنوك التي تملك فروعاً أو تراخيص في المملكة بالفعلquot;. وفرضت الحكومة غرامات وألغت أكثر من عشر رخص منذ يناير/ كانون الثاني، لكن محللين قالوا إن مازال عليها فعل المزيد.
وأشار عبد الحميد العامري عضو جمعية الاقتصاد السعودية وهي مؤسسة بحثية شبه رسمية إلى أن أوضاع الشفافية تتحسن بالتأكيد، كما تظهر الإجراءات المتخذة، وأن صناديق المؤشرات المتداولة أكثر شفافية من الصناديق المشتركة الموجودة حالياً.
لكنه أضاف أن هناك حاجة لتحسين بعض الأمور، مثل وضع نظام تسعير أكثر عدلاً لعمليات الطرح العام الأولي أو التعامل مع المخالفات بشكل أسرع.
وعادة ما تتحرك الأسهم في البورصة السعودية قبل إشعارات الشركات، وعادة ما تتذبذب أسهم ذات ثقل مثل سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية quot;سابكquot; أو أسهم البنوك دون سبب واضح. ورغم تحقيق المؤشر مكاسب تجاوزت السبعة بالمئة منذ يناير، وارتفاعه 27 % في 2009، مازال المستثمرون يرون إمكانية لمزيد من الصعود.
وتفيد بيانات لرويترز أن الكثير من شركات السمسرة توصي بأسهم بنوك مثل مجموعة سامبا المالية ذات الثقل التي تتداول بقيمة تتجاوز 12 مثل الأرباح المتوقعة في 2010. ويقارن ذلك مع سهم بيت التمويل الكويتي، أكبر بنك إسلامي في الكويت، الذي يتداول عند 16.3 مثل الأرباح المتوقعة هذا العام.
وقال رامي صيداني رئيس إدارة استثمارات الشرق الأوسط في مؤسسة شرودرز البريطانية لإدارة الصناديق التي ترغب أيضاً في الحصول على حق الملكية المباشرة للأسهم quot;ستكون (السوق) السعودية هي الرابحة في 2010، مع استقرار أسعار النفطquot;.
لكن مثل تلك الملكية المباشرة قد لا تصبح متاحة قريباً، فقد قال رئيس هيئة السوق المالية إن السعودية لا تريد السماح بدخول أموال مضاربين الساعين للكسب السريع.
وقال محللو جدوى للاستثمار في مذكرة إن المملكة قد تدرس نموذجاً يتيح لمجموعة معينة من مؤسسات الاستثمار الأجنبية، شراء كمية محددة من الأسهم في البورصة مباشرة. وتعتزم الحكومة إنفاق 400 مليار دولار لإنشاء مطارات وطرق وجامعات ومحطات كهرباء ومشروعات بنية تحتية أخرى لخدمة شعبها المتنامي، الذي يبلغ حالياً 18 مليون نسمة نحو 70 % منهم دون الثلاثين عاماً.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين في المجموعة المالية-هيرميس في دبي إن quot;التوقعات الاقتصادية للسعودية مازالت بين الأقوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستشهد (السعودية) انتعاشاً في النشاط الاقتصادي في 2010quot;. وأكد صيداني أن السعودية هي أكثر البورصات العربية سيولة وتنوعاً، وبينما تهيمن الأسهم المالية على الأسواق الخليجية الأخرى، هناك مؤسسات سعودية كثيرة في قطاعات أخرى، مثل سابك إحدى أكبر شركات البتروكيماويات في العالم التي تنافس شركة بي.ايه.اس. اف الألمانية أو داو كيميكال.
ومن بين الأسهم الكبرى الأخرى، سهما شركة الأغذية صافولا، التي تتوسع بقوة في الخارج، وشركة المراعي أكبر شركة ألبان مدرجة في الخليج، اللذان يستفيدان من النمو السكاني المطرد في السعودية.
التعليقات