طلال سلامة من برن (سويسرا): تسمح هندسة وتكنولوجيا النفط اليوم في استخراج كميات من النفط من جوف الأرض، أكبر من أي وقت مضى. ويأتي ذلك، بصورة مناسبة، لتلبية الاستهلاك النفطي المتصاعد في دول quot;بريكquot;، أي الصين وروسيا والهند والبرازيل. وما زالت الكرة الارضية تحتضن كميات فائضة من النفط. بيد أن استخراجها أضحى شاقاً وأعلى تكلفة، بسبب لجوء الشركات النفطية إلى الاستثمار لهندسة ماكينات تكنولوجية، شديدة الدقة والتقدم، تتولى أنشطة الاستكشاف والحفر واستخراج النفط.

في هذا الصدد، يشير باتريس فالكو، الخبير في قطاع الطاقة في مكتب شركة quot;ديلواتquot; في زوريخ، لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن المشكلة الأعظم التي ينبغي مواجهتها اليوم هي وجود كميات ضخمة من النفط في دول العالم الأول، أي تلك التي يحتضنها حلف الناتو.

ونظراً إلى عوامل، تكنولوجية وسياسية واقتصادية عدة، فإن استهلاك النفط، في هذه الدول، على الأقل، شهد انكماشاً قوياً. بيد أن هذا التباطؤ الاستهلاكي لا يعني نهاية عصر النفط. فالتوقعات، في قطاع الطاقة، تغطي ستة شهور لا أكثر. ما يعني أن التوقعات التي تشير إلى نهاية العصر النفطي، خلال مائة عام، خيالية بحتة.

علاوة على ذلك، تستهلك دول العالم الأول 54 % من إجمالي النفط المستخرج. ويتوقع الخبير فالكو أن تتراجع هذه النسبة تدريجياً، في الشهور المقبلة، بسبب اللجوء إلى بدائل أخرى، كما الطاقة النظيفة واختيار ملايين الأشخاص في أوروبا وسائل نقل صديقة للبيئة، كما الدراجة الهوائية ووسائل النقل العام. بالنسبة إلى العام، فإن الطلب النفطي اليومي، في الدول المتقدمة، سيتراجع أكثر من 300 ألف برميل. مقابل ذلك، سيرتفع الاستهلاك النفطي في دول أخرى، كما الصين، بنسبة 9 % هذه السنة.

هذا ويتوقف الخبير فالكو للإشارة إلى أن الشركات النفطية الكبرى ستواصل الاستثمار في عمليات الاستكشاف، برغم زيادة التكاليف للعثور على آبار جديدة في المناطق غير التقليدية، كما المياه العميقة والرمال الزيتية والأماكن الجغرافية البعيدة والنائية، حيث الحاجة لإنشاء بنى العمل التحتية لرؤوس أموال ضخمة. وكلما زادت كمية النفط المستخرجة كلما تراجعت الأسعار، ما يتناقض مع استثمارات، بملايين الدولارات، لاستخراج النفط، تراهن على مردود لائق.

ويعزي الخبير فالكو المستجدات التي تداخلت في الأنشطة النفطية الدولية، إلى تطورات في قطاعي الحفر والاستخراج، حيث تلعب التكنولوجيا دوراً قيادياً داخلهما. ما يطرح مجدداً مصير آبار النفط القديمة، التي لم يتم استخراج النفط منها بالشكل المطلوب. إذ إن العديد منها لا يزال يحوي كميات من النفط، تقدر بحوالي 40 % من تلك الإجمالية، لم تستطع الشركات بعد الوصول إليها. اليوم، فتضع التكنولوجيا أمامنا آليات حفر إبداعية تستخدم مضخات جبارة لاستخراج النفط. ما يعني أن عمليات الاستخراج من آبار نفطية قديمة، تم إغلاقها منذ عشرات السنين، قابلة للعودة ثانية إلى الحياة. بين هذه الآبار المغلقة، يذكر الخبير فالكو حقل quot;مرمولquot; في عُمان وحقل quot;شونبيكquot; (Schoonebeek) في هولندا.