ارتفعت نسبة البطالة في مصر لتصل إلى 9,4% ، وهذا الرقم يعكس سوء الأوضاع التي تشهدها سوق العمل المصرية ، ولم يكن حال العاملين أفضل من العاطلين، فلا يتمتع العاملون بمرتبات مناسبة أو مزايا مغرية، فالجميع في مصر يشعرون بالظلم. وقد شهدت الفترة الأخيرة أكبر نسبة إضرابات عمالية ووقفات احتجاجية في تاريخ مصر، وعلى مستوى جميع القطاعات، لتدني الأجور تارة ولائحة ضرائب ظالمة تارة أخرى وفقدان حقوق وأسباب أخرى، وجاءت الأزمة الاقتصادية العالمية لتزيد من جراح سوق العمل المصرية.

القاهرة:في بيان صدر حديثا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري جاء أن نسبة البطالة في مصر بلغت 9.4% من إجمالي القوى العاملة، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل 2,378 مليون ، كما وصلت نسبة البطالة بين النساء إلى 23% مقابل 5.2% بين الرجال ، وأكدت النتائج أن كل فرد يعمل يعول فردين اثنين، وقد اتسم معدل الإعالة الاقتصادية بالثبات النسبي، مما يعنى أن كل فرد يعمل يعول فردين ممن لا يعملون. وقال البيان الصادر الخميس الماضي إن الجهاز -بمناسبة اليوم العالمي للعمل- بحث القوى العاملة لعام 2009 وتبين أن حوالي 4 أفراد مشاركين في القوى العاملة من بين كل 10 أفراد أعمارهم 15 عاما فأكثر على اعتبار أن المشاركة في القوى العاملة مؤشرا أساسيا لمدى نشاط سوق العمل وفاعليته في توفير فرص العمل.

ووفقا لتقرير بحث القوى العاملة في مصر، يقدر عدد المشتغلين في مصر بحوالي 22,975 مليون مشتغل، بينهم حوالي 4,578 مليون امرأة عاملة ، وبلغت نسبة المشتغلين بأجر 60.6%، بينما بلغت نسبة المشتغلين لحسابهم الخاص11.1% من إجمالي المشتغلين، ويأتي قطاع الزراعة وصيد الأسماك في مقدمة القطاعات التي تسهم في التشغيل بنسبة 29.9 %، يليه قطاع الخدمات الصحة والتعليم والإدارة العامة بنسبة 19.8%، ثم قطاع التجارة والمطاعم والفنادق بنسبة 12.7%، وقطاع التشييد والبناء بنسبة 10.6% من إجمالي المشتغلين.ولفت التقرير إلى أن البطالة تتركز بين الشباب حيث توجد أعلى نسبة من المتعطلين في الفئة العمرية (20- 24 عاما) وبلغت 46.8% من إجمالي المتعطلين، يليها الفئة العمرية (25- 29 عاما) بنسبة 21%، يليها الفئة العمرية(15 - 19 عاما) بنسبة 16.3% ،وأظهر التقرير أن أعلى نسبة من البطالة بين الخريجين من حملة المؤهلات المتوسطة بلغت 48.3% من إجمالي المتعطلين، يليها المتعطلون الحاصلون على مؤهلات جامعية وما فوقها بنسبة 35.5% من إجمالي المتعطلين.

وتعليقا على هذه المعلومات يقول الدكتور حمدي عبد العظيم الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية quot;لا شك أن الأزمة العالمية لها دور كبير في زيادة نسبة البطالة ، فقد قامت بعض الشركات على إثرها بتسريح آلاف العمال ، وشركات أخرى خفضت الأجور ، ولكن وضع العمال في مصر سيء أصلا من قبل الأزمة ، فأنظمة العقود المؤقتة مثلا هي من أهم سلبياته ، بالإضافة إلى أن عدد كبير من الشركات يشترط توقيع العمال على استقالتهم في بداية التعاقد معهم ، حتى يصبح الموظف أو العامل أسير هذه الاستقالة ، وحتى يتمكن صاحب العمل من الخلاص من العاملين في أي وقت وبدون شوشرة قانونية.ويقول محمد هشام ndash; أحد الخريجين الباحثين عن عمل- الوضع في مصر خطير ، فطابور العاطلين يزداد يوما بعد يوم ، وسوق العمل تحتاج لمواصفات ومهارات معينة لا تتوافر لدى معظم الخريجين ، والعيب في ذلك يرجع لنظام التعليم في مصر. ويضيف قائلا quot; ويا ليت أن الفرص المتاحة مجدية فلا مزايا ولا رواتب مناسبةquot; .

وعن كيفية استغلال الموارد البشرية المصرية يقول الدكتور أشرف جميل- عضو المجتمع الملكي البريطاني للمحكمين الدوليين- quot; الثروة البشرية الموجودة في مصر لو أحسن استغلالها لأصبحت داعم للاقتصاد وليست عبأ عليه كما هو الحال، وهناك طرق علمية مدروسة لخدمة هذا الصدد منها التطوير المهني ودعم البرامج الاحترافية المتخصصة في المجالات المختلفة ، وذلك من خلال عمل استبيانات دقيقة للتعرف على احتياجات سوق العمل الداخلي و الأسواق الخارجية ، أغلب الأبحاث تركز على استبيان احتياجات السوق الداخلي . مطلوب أن نعمل على استبيان احتياجات أسواق العمل الخارجية العربية و الأوربية و الأمريكية و الاسترالية ..... الخ quot;.

ويضيف جميل quot;وهنا يجب التنويه على أن التعليم الجامعي الموجود حاليا غير كاف لتأهيل الكوادر البشرية القادرة على تلبية طموحات الدولة في تحقيق النمو الاقتصادي المرجو، وهذا لا يعد انتقاصا من دور التعليم الجامعي الذي يقوم بدور جيد في تكوين المعلومات النظرية والعلمية للكادر البشرى ، ولكن يبقى استكمال هذا الدور بإضافة الخبرات العملية والمهنية المتطورة المستمدة من الاحتياجات الفعلية لمجالات العمل المختلفة ، و نرى أنه من المناسب إنشاء مراكز تنمية مهنية تحت إشراف الوزرات المختلفة ، وبالتعاون مع الخبرات العملية المتخصصة الموجودة في الشركات الفاعلية في سوق العمل، التي لديها رؤية داخلية وخارجية لاحتياجات الفعلية ، لتقوم هذه المراكز بتصميم برامج التأهيل والتطوير المختلفة التي تتناسب مع الكوادر البشرية المختلفة .