طلال سلامة من برن (سويسرا): تتحالف الأسواق المالية، الألمانية-الفرنسية، لفرض قوانين جديدة على الاتحاد الأوروبي، كي تضحي ملكة الساحة المالية الأوروبية. بيد أن أسواق لندن المالية تعارض هذا التحالف quot;الغدارquot;، محاولة بالتالي تشديد سيطرتها على البورصة الإيطالية. ما يجعلها تستطيع الوقوف على قدميها داخل ما يصفه الخبراء بالمعركة الدموية، التي سيكون لها خاسر واحد ورابح واحد لا غير. ومع أن نفوذ الأسواق المالية تآكل، في الآونة الأخيرة، إلا أن التحديات بين العواصم المالية الأوروبية لم تهدأ بعد.

يذكر أن البورصة اللندنية اشترت السوق المالية الإيطالية منذ شهور عدة. وفي ضوء المستجدات المتأتية من ألمانيا وفرنسا معاً، تحاول إدارة البورصة اللندنية quot;لندن ستوك إكسشنجquot; تفعيل اندماجها بالبورصة الإيطالية إلى أقصى حد ممكن. فكلما زاد التناغم بين هاتين المنصتين الماليتين، أي لندن وميلانو، كلما زاد النفوذ المالي البريطاني في أوروبا.

في هذا الصدد، تشير المعطيات الصادرة من اتحاد الأسواق المالية الأوروبية (Fese) إلى أن المبيعات التي حققتها بورصتا ميلانو ولندن سوية (الممثلتين رسمياً بوساطة مؤشر لندن ستوك إكسشنج) رست قيمتها الكلية، في العام المنصرم، على 1.943 تريليون يورو (ساهمت بورصة ميلانو في تحقيق 30 % منها). ما يعني أنها احتلت المرتبة الأولى أوروبياً. وفي ما يتعلق بمبيعات بورصة quot;يورونيكستquot; (Euronext)، التي تحتضن تحت سقفها بورصات باريس وأمستردام وبروكسل وليشبونة، فإن مجموعها رسا على 1.382 تريليون يورو، في عام 2009. أما مبيعات البورصة الألمانية فرست على 1.084 تريليون يورو.

من جانبه، ينوّه الخبير نيكولاس فيرون، من مؤسسة بروغل (Bruegel) البلجيكية الاستشارية، لصحيفة quot;إيلافquot; بأن الأسواق المالية، أينما كان مقرها الرئيس، تحتفظ بنفوذ رمزي ضخم على المجتمعات أقوى بكثير من آثارها الاقتصادية. كما إن نمو الأسواق المالية البديلة وتحرير تحريك رؤوس الأموال، من بلد إلى آخر، والإصلاحات التي تستهدف القوانين المالية باشرت تغيير جغرافية واستراتيجيات الأسواق المالية، التي تستخدم اليوم صناديق التحوط quot;هيدج فاندquot; لشنّ مضاربات، قد تجني من خلالها، في يوم واحد، بلايين الدولارات من الأرباح.

علاوة على ذلك، يتوقف الخبير فيرون للإشارة إلى أن 80 % من صناديق التحوط الأوروبية لها جذور عميقة في بورصة لندن على غرار جزء كبير من المشتقات المالية. كما إن الثقافة السوقية، التي طالما اشتهرت بها لندن، شبه مفقودة في فرنسا وألمانيا، ناهيك عن أن فرنسا لا تمتلك قطاعاً تقاعدياً خاصاً متطوراً، كالمسجل في بريطانيا. لذلك، فإن أي تغيير يطرأ على جغرافيا أوروبا المالية سببه عملية تحول ما في البارومترات البريطانية الداخلية.

أما الرابح في المعركة الحاسمة بين بورصات ألمانيا وفرنسا، من جهة، وبورصة لندن (وفرعها الإيطالي، أي بورصة ميلانو)، من جهة أخرى، فإنها تعتمد على قرار بريطاني حصري. وبالطبع ستكون بريطانيا الخاسرة، إذا ما قررت بورصة لندن quot;تخديرquot; روحها التنافسية إلى إشعار آخر. وإلا، فإن بورصة لندن لن تخاف، لا اليوم، ولا غداً، من أي تحد.