أقبل المستثمرون على شراء آلاف أونصات الذهب في الأيام السبعة الأخيرة وكأنه أضحى مخدراتهم.

طلال سلامة من برن (سويسرا): أعادت قوة النيران المالية، التي لجأ إليها الرؤساء الأوروبيون، في بروكسل، لدعم منطقة اليورو، أعادت الثقة جزئياً إلى الأسواق المالية. بيد أنها لم تنجح بعد في إقناع المستثمرين بمغادرة مرفأ الأمان المتمثل في الذهب.

ويكفي النظر إلى ما حصل يوم أمس في بورصة لندن، لنرى أن قيمة أونصة الذهب رست على حوالي 1.230 دولار أميركي، وهذا رقم قياسي مطلق لتسعير الذهب رسمياً هناك. يذكر أن الرقم القياسي السابق سجلته بورصة لندن، في 3 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما بلغت أونصة الذهب 1.226 دولار أميركي. آنذاك، كان اليورو يعادل 1.5068 دولاراً. أما اليوم، فإن المعادلة بينهما ترسو عند 1.27 تقريباً.

إلى ذلك، ما زال المستثمرون مصابين بمرض القلق. لا بل انتقلت عدوى هذا القلق، أخيراً، من أوروبا إلى أميركا، حيث أقبل المستثمرون على شراء آلاف أونصات الذهب، في الأيام السبعة الأخيرة. وكأن الذهب أضحى مخدرات المستثمرين، القدماء والجدد.

فبغياب الضمانات حول عودة الانتعاش الاقتصادي، وإيجاد حل واقعي للديون السايدية الأوروبية، بات من الصعب، على المستثمرين فك خيمهم المزروعة حول أعمال الذهب. نظرياً، يشير العديد من الخبراء إلى أن المستثمرين بإمكانهم جني الأرباح عبر بيع ما اشتروه من ذهب، من جراء ارتفاع أسعاره. بيد أن عمليات البيع، في سويسرا وحدها، لا تزال محدودة.

وعلى العكس، ازدهرت عمليات شراء الذهب بصورة لافتة على غرار ما يحصل، مثلاً، من عمليات شراء خزائن السندات الحكومية، لا سيما الصكوك اليونانية. ولو نظرنا إلى صندوق موجودات الذهب (Spdr Gold Trust) لرصدنا بسهولة، وفق المعطيات الرسمية المتوافرة، أنها وصلت حتى يوم الاثنين الماضي إلى 1.192.15 طناً، أي إنها زادت 45 طناً، في الأسبوعين الأخيرين فقط، وهذا رقم قياسي جديد لها.

في سياق متصل، يشير الخبير روبرت سالومون، الباحث الاقتصادي الأميركي-السويسري، لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن سيناريوهات الأرقام القياسية للذهب تختلف بين ما حصل في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وما يحصل الآن. ففي نهاية العام الماضي، اشتد الإقبال على شراء الذهب، بسبب ضعف العملة الأميركية، التي كان متوقعاً لها أن تنهار إلى حد أبعد أمام اليورو. أما اليوم، فإن الإقبال على شراء الذهب يقوى ثانية لحماية المستثمرين من حوادث مقبلة، كما تدهور الأحوال في اليونان واحتمال انتقال أزمتها المالية إلى دول أوروبية أخرى.

في حين تعطي النتائج الرسمية، الصادرة من مصرف ستاندرد تشارترد، معدلاً لسعر أونصة الذهب عند 1300 دولار أميركي في الربع الرابع من العام. ولا يستبعد الخبير أن يخترق سعر الأونصة 1.450 دولار قبل نهاية العام. لافتاً إلى quot;من يهلل فرحاً لهذه التوقعات هي شركات تعدين الذهب، لا سيما شركة quot;غولد فيلدزquot; في جنوب أفريقيا، التي أعلنت عن اكتشاف حقل غني بالذهب في البيرو.