في وقت سادت فيه بعض الشكوك حول الدور الذي ساهمت من خلاله وكالات التصنيف الأميركية بشكل كبير في حدوث الأزمة المالية العالمية، بدأت تنتاب القارة الأوروبية حالة من القلق خشية أن يقع اليورو ضحية للتخفيضات الائتمانية، فضلاً عن قيام القادة الأوروبيين في تلك الأثناء بدراسة إمكانية إنشاء وكالة تصنيف خاصة بهم.

إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: تراجعت شعبية أشخاص من أمثال بريان كولتون، أبرز المحللين الاقتصاديين الأوروبيين في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في أوساط الصناعة المالية خلال هذه الأيام. وتُرِجع مجلة دير شبيغل الألمانية ذلك، في تقرير لها نشرته اليوم، إلى الدور الكبير الذي لعبه في تخفيض التصنيف السيادي لأسبانيا نهاية الشهر الماضي. حيث أدت تلك الخطوة مرة أخرى إلى تراجع البورصات في نيويورك وانخفاض اليورو أمام الدولار.

وفي خضم الأزمة التي يمر بها اليورو، وقعت البلدان المثقلة بالديون في مأزق بشع. حيث من المفترض أن تقوم وكالات التصنيف الائتماني بمعاقبة تلك البلدان، إذا لم تضع الديون الضخمة المتراكمة عليها تحت السيطرة. في الوقت الذي ستقوم فيه الوكالات عينها أيضاً بتخفيض التصنيف الخاص بتلك الدول، إذا فرضت الحكومات برامج تقشف لخفض الديون الملقاة على كاهلها، بحسب المجلة المذكورة.

في هذا الجانب، يوجه كثيرون اللوم إلى كبرى وكالات التصنيف، موديز، وستاندرد آند بورز، وفيتش. ويقول غوستاف هورن، رئيس معهد سياسة الاقتصاد الكلي في ألمانيا، في حديثه عن الدول مثار الجدل quot;مهما فًعَلْت، فإنك تخطئ في ما تقوم بهquot;. وبينما تؤكد دير شبيغل أن وكالات التصنيف، التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة، قد فقدت البريق الذي كانت تحظى به في ما يتعلق بنجاحها المؤكد، إلا أنها أشارت إلى أن التصنيفات غالباً ما تعمل مثل البنزين عندما يُسكب على النار. والدليل على ذلك هو أن بلداناً قد خسرت المليارات عندما تم تخفيض تصنيفها الائتماني، وانسحب المستثمرون منها، ما ترتب عليه حدوث انخفاض أسعار السندات.

ونتيجة لتلك الأمور، وغيرها، أوضحت المجلة أن مفوّض الأسواق الداخلية في الاتحاد الأوروبي، ميشال بارنييه، يسعى الآن إلى تشديد الرقابة على وكالات التصنيف الثلاث. وفي محاولة لكسر الاحتكار الأميركي الواقعي، كشفت المجلة عن أن المعسكر الفرنسي يدعم في الوقت نفسه أيضاً فكرة إنشاء وكالة تصنيف أوروبية.

وفي مقابلة نشرت له أخيراً مع صحيفة quot;هاندلسبلاتquot; الألمانية اليومية المالية، اقترح كريستيان نوير، محافظ البنك المركزي الفرنسي، تثبيت شركات خاصة لتأمين الائتمان، مثل يولر هيرميس أو كوفاس، كمقدمين جدد للخدمات. لكن يبقى التساؤل حول ما إن كانت ستعمل تلك الشركات بصورة أكثر موثوقية عن الوكالات الأميركية، وما إن كانت ستحسب المخاطر الائتمانية بطريقة مختلفة أم لا.

ثم تواصل المجلة الحديث بلفتها إلى أن نظرية التنافسية لا تعتبر الدافع الوحيد الذي يقف وراء الحملة الفرنسية التي ترمي إلى إنشاء وكالة تصنيف أوروبية. بل إن عدداً كبيراً من الساسة والأكاديميين ينظرون إلى وكالات التصنيف على أنها أداة أميركية للسلطة والنفوذ.

حيث يرى رودولف هيكيل، أستاذ الاقتصاد في مدينة بريمن، أن وكالات التصنيف مدرجة في quot;نظام المصالحquot; الخاص بالقطاع المالي الأميركي. في حين يرى ألكسندر كوكربيك، الخبير المسؤول عن تحليل الأوضاع الاقتصادية في ألمانيا وإيطاليا في وكالة موديز في فرانكفورت quot;أن الاتهامات التي تتحدث عن وجود نفوذ للولايات المتحدة على التصنيفات السيادية الأوروبية عبارة عن اتهامات سخيفةquot;.