طلال سلامة من برن (سويسرا): في خضم أزمة الديون الأوروبية بدأت السويد تمضي، بأعجوبة، عكس التيار. بالنسبة إلى العام، فإن معدل النمو الاقتصادي السويدي سيرسو على 3.3 % مقارنة بتوقعات المحللين والخبراء الذين نسبوا إليه نمواً نظرياً، يرسو على 2.5 %، في مطلع العام.

لذلك، لا يستبعد أحد أن يصل معدل هذا النمو إلى 3.8 %، في العام المقبل. من جانب آخر، تراجع معدل البطالة من 9.2 % في العام الماضي إلى 8.9 % اليوم. وعلى الأرجح، فإنه سينزل إلى 8.4 % في العام المقبل. ويقف وراء تحسن الأداء الاقتصادي للسويد قرار المصرف المركزي السويدي الذي قرر زيادة سعر (معدل) الخصم، أي السعر الذي يتعامل به هذا المصرف مع البنوك التجارية ربع نقطة.

في السنوات العشر الأخيرة، يتوقف الخبراء الأوروبيون للإشارة إلى أنه، وفي حين نما الاقتصاد الأوروبي بنسبة 2 %، سنوياً، نجح الاقتصاد السويدي في النمو 3 %. كما تخطط حكومة ستوكهولم للتغلب على أزماتها عن طريق دعم النمو الاقتصادي، بنسبة 3 إلى 4 % سنوياً، إضافة إلى امتصاص نسبة البطالة تدريجياً، لغاية عام 2014، كي تصبح ما دون 6 %.

في سياق متصل، يشير الخبير كارلو ستانيارو، من معهد برونو ليوني للدراسات والبحوث في مدينة ميلانو، لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن الشجاعة الاقتصادية السويدية مرشحة لتكون فناراً يضيء الحلول التي يبحث عنها زعماء الدول الأوروبية، لا سيما في منطقة اليورو. كما إن الانتعاش الاقتصادي السريع للدول الاسكندنافية، ومن ضمنها السويد، أتى بصورة مفاجئة.

إذ عانت هذه الدول، في الأعوام الثلاثين الأخيرة من القرن الماضي، سياسات اقتصادية اجتماعية ثقيلة المعيار. بيد أن النموذج السويدي الجديد، الذي يعتمد على تشديد القيود على الإنفاق العام وتبني سياسة نقدية صارمة وإطلاق العنان للحريات الاقتصادية، سيكون ناجحاً وفق رأي هذا الخبير.

وينوه الخبير ليوني بأن هذا النموذج الجديد هو المضاد للنموذج الاقتصادي اليوناني. لذلك، ينبغي على دول اليورو النظر بجدية إلى تقليد الشجاعة الاقتصادية الاسكندنافية، للخروج من أزمتها، وإلا فإن نفق أوجاعها المالية سيزداد عمقاً.