بدأ المواطنون المصريون يشعرون بنقص فى الكهرباء بسبب الانقطاع المتكرر في الفترة الأخيرة. وقامت وزارة الكهرباء بنشر سلسلة من الإرشادات والتوجيهات للمستهلكين حول كيفية توفير الطاقة، ودأبت على قطع الكهرباء عن المواطنين في منازلهم في ساعات الذروة مع تزايد الأحمال على الشبكة القومية.

محمد حميدة من القاهرة: quot;ليس من المعقول أن ندفع 7 مليارات جنيه استثمارات لتغطية ساعتي الذروة، أي ما يعادل 5 أيام في السنة، ودون أن نستفيد بهذا المبلغ باقي أيام السنة. لو كل أسرة تخفف 5% من استهلاكها لن يحدث انقطاع للكهرباءquot;.. بهذه العبارة علّق وزير الكهرباء المصري حسن يونس أخيراً أثناء تفقده إحدى المحطات الكهربائية، مدافعاً عن قيام وزارته بقطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق السكنية بالتناوب في الأيام الأخيرة.

وأصدرت شركة الكهرباء، في سياسات تهدف إلى تأمين استقرار التيار الكهربائي للمواطنين، تعليمات بعدم الإسراف في تعليق لمبات الزينة خلال شهر رمضان المبارك، والحصول على موافقات الجهات المعنية. كما نهت عن تعليق الفوانيس الكبيرة أو سلاسل الإضاءة وتخفيض إضاءة الشوارع الى النصف.

وبالرغم من ذلك التناقص المحسوس في الكهرباء، إلا ان مصر تسير بسرعة quot;السلحفاة quot; في الطريق النووي لتوليد الطاقة، وفق ما يقوله المراقبون. فمنذ أن أعلن جمال مبارك الأمين العام للجنة السياسات في الحزب الوطني في مؤتمر الحزب عام 2006 عن إعادة إطلاق البرنامج النووي المصري، وإنشاء 3 محطات نووية لتوليد الطاقة، إلا أنه لم يتم الاستقرار بعد على موقع إنشاء أول محطة، ولا الشركة التي ستقوم بالتنفيذ، حتى إن نقطة انطلاق البرنامج باتت أيضاً مثاراً للتكهنات.

وأعلنت مصر أنه بحلول نهاية العام ستطرح مناقصة لبناء أول محطاتها، لتدخل الخدمة في عام 2019. وتقدمت بالفعل ثلاث شركات كبرى خبراتها فى مجال الطاقة النووية في شهر يوليو/تموز الماضي، وهى شركة quot;أريفاquot; الفرنسية، وشركة الكندية quot;ايه اى سى الquot; وشركة quot;روساتومquot; الروسية. وقدمت في وقت لاحق شركة ويستنغهاوس الأميركية اقتراحها لبناء مفاعل من طراز AP1000 وتبعتها أيضاً شركات أخرى في تقديم اقتراحاتها، حتى وصل عدد الشركات المتقدمة إلى 6 شركات في الوقت الحالي.

وتشير الدراسات إلى أن مصر تستغل حوالي 65 % من مصادر الطاقة لديها لإنتاج الكهرباء. وستحتاج ما يقدر بنحو 70 غيغاوات من الكهرباء بحلول عام 2032، مقارنة بنحو 20 غيغاوات تنتج اليوم، الأمر الذي لا يمكن توفيره بوساطة النفط أو الغاز الطبيعي المصري، خاصة أن موارد مصر في هذا المجال ستبدأ في التناقص بحلول عام 2012، وفق تحليل للكاتب الإسرائيلي المهتم بالشؤون المصرية زئيفي برائيل، نشر أول أمس، في صحيفة هأرتس.

وعلى الرغم من الاهتمام المصري الكبير في الأسابيع الأخيرة بالقضية النووية السلمية، إلا أن الشكوك ما زالت تساور البعض من المحللين في دخول مصر نادي الدول النووية، استناداً إلى تاريخ طويل من التعثر المصري في هذا المجال.

فقد بدأ الحديث عن البرنامج النووي المصري في عام 1955، عندما طرحت فكرة بناء أول محطة للطاقة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر، لكن هذا المشروع توقف بعد مرور 10 سنوات بعد نكسة 1967، وأعيد إحياؤه في عام 1974 في عرض قدمه الرئيس الأميركي السابق نيكسون لمصر، لكن المشروع تعثر بعد إصرار الجانب الأميركي على خضوع مصر للتفتيش، وهو ما رفضته القاهرة.

وفي عام 1984، بدأت مصر مرة أخرى مناقشة إمكانية بناء ثمانية مفاعلات نووية، إلا أن انفجار مفاعل تشيرنوبيل أدى إلى تجميد المشروع، حتى جاء إعلان جمال مبارك عن إنشاء 3 محطات نووية فى عام 2006، ومن بعدها ثار خلاف كبير حول الموقع المحتمل لإقامة المفاعلات.

وبالرغم من تأكيد العديد من الدراسات على أن موقع الضبعة على ساحل البحر المتوسط بالقرب من مطروح هو الموقع الأنسب لإقامة المحطات النووية، إلا أن بعض رجال الأعمال المصريين لديهم وجهة نظر أخرى غير ذلك. فالدكتور إبراهيم كامل رجل الأعمال عضو الأمانة العامة للحزب الوطني الحاكم والمحسوب على جمال مبارك أشار في حوار إعلامي له أخيراً إلى quot;أنه لا يصلح لإنشاء مفاعل نووي لتوليد الطاقة الكهربائية، لأن القيمة المادية للأرض أكبر من إنشاء مفاعل نوويquot;.

يضاف إلى ذلك وجود مخاطر كبيرة يمكن أن تتعرض لها مصر، إذا حدث تسرب إشعاعي، وخاصة في منطقة الدلتا، بحسب قول كامل، وهو عضو في هيئة تنشيط السياحة المصرية أيضاً.

ويرى رجال الأعمال أنه من الأفضل استخدام المنطقة لبناء القرى السياحية، بدلاً من المفاعلات النووية. لكن الخبراء في الجانب الآخر يشددون على أن quot;الاتجاهات الشخصية في مصر هي الغالبة، بغض النظر عن مصلحة البلد وأمن الطاقة فيها، والمستثمرون ينظرون دائماً إلى الأرض بنظرة المكسب والخسارة والأرباح والبيزنسquot;، بحسب قول الدكتور هشام فؤاد، الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية، الذي أكد في رده على كامل أن كل بيوت الخبرة العالمية خلصت إلى أن الضبعة هي أفضل المواقع في العالم حسب المعايير الدولية.