حرب باردة إقتصادية أميركية صينية

تعلم حكومة واشنطن، جيداً، أن الصين تعمل، عن طريق استراتيجيات عدة، على السيطرة quot;إقتصادياًquot; على العالم، فبعد موت quot;ماو زيدونغquot; طوت الصين، في ثمانينيات القرن الماضي، صفحة التقوقع على الذات كي تتبنى عمليات خصخصة واسعة.


برن: بفضل نموذج تطويري، نصفه رأسمالي والآخر شيوعي، نجحت الصين، في عام 1995، في احتلال المركز الثامن في قائمة الدول الأقوى اقتصادياً، في العالم. ما جعل التوازن الجيوسياسي للعالم يدخل مرحلة تغيير هامة. أما اليوم فان هذا التغيير سيشمل ملامح العالم الجيواقتصادية.

في الحقيقة، يتساءل الخبراء، اليوم، حول مستقبل اقتصاديات دول العالم، لا سيما الفقيرة منها. اذ يبدو أن الحرب الباردة الاقتصادية، بين أميركا والدول الآسيوية(على رأسها الصين) استفاقت، مجدداً. وقد تدفع منطقة اليورو ثمناً باهظاً بما أنها تحتسب للأنظمة الاقتصادية والمالية والمصرفية، الأميركية والأنجلوسكسونية، ألف حساب قبل اتخاذ أدنى التدابير الضرورية لتفادي الأعظم على موازناتها المالية. في ما يتعلق بالتحالف الروسي-الآسيوي، الذي طالما راهنت حكومة واشنطن على تعطيله بطريقة من الطرق، على المدى الطويل، فيستمر، الى الآن، على عكس توقعات الكثيرين.

يذكر أن أميركا كانت الحليفة الرئيسية للصين في المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية. في عام 1946، مثلاً، قدمت أميركا برامج اقتصادية طموحة لتحويل الصين الى دولة صناعية بدءاً باستخراج الطاقة الكهربائية من الأنهر الصينية وفقاً لنموذج أميركي معروف بإسم (Tennessee Valley Authority). لا بل أن مجموعة من الشركات، الأوروبية والسويسرية، دخلت خط هذا التحالف، الأميركي-الصيني، لتجهيز حكومة بكين بجزء من احتياجاتها. لكن، ولعدة أسباب رأت الصين الى جانب ستالين والنظام الكوري الشمالي، أصيبت أميركا بخيبة أمل وصدمة ما تزال ترافقها، الى اليوم!

في سياق متصل، يشير الخبير رولاند غينهارت لصحيفة quot;ايلافquot; الى أن العلاقات التجارية، الصينية الأميركية، لن تعود أبداً الى مجدها السابق. فالتوترات بينهما وصلت الى مستوى غير مسبوق بما أن أميركا تعمد على اغراق الأسواق، الآسيوية والصينية، بالسيارات الفاخرة. بالطبع، ترتبط عملية الاغراق هذه بأسعار بيع مقبولة من شأنها اغراء العملاء الآسيويين وابعادهم عن شراء عربات شركاتهم المحلية!

علاوة على ذلك، ينوه الخبير غينهارت بأن التغييرات التي حصلت، مؤخراً، في أسواق الصرف لا سيما من حيث اعادة quot;برمجةquot; قوة اليوان الصيني والين الياباني واعتناق تبادلات تجارية تتجاهل الدولار الأميركي وتتمسك بالعملتين الصينية واليابانية! صحيح أن الاقتصاد الصيني يحتل المكانة الثانية، عالمياً، بعد الولايات المتحدة الأميركية. لكن التحالف الصيني-الياباني لن يتأخر في quot;ركلquot; أميركا الى المرتبة الثالثة وربما الرابعة خلال العامين القادمين. ولا شك في أن منطقة اليورو لن تبقى quot;ساكتةquot;. فالابتعاد عن النماذج الأنجلوسكسونية واستبدالها بأخرى، تتمايز باستقلالية أكبر، ستكون سياسة جيواقتصادية أوروبية جيدة تنجح في مغازلة الدول الآسيوية بكل بساطة تغنيها عن خوض حروب اقتصادية لا ترحم، ستجر معها أميركا وآسيا الى المجهول!