صحيح أن سويسرا سوية مع أوروبا والولايات المتحدة الأميركية قامت، في الآونة الأخيرة، بتجميد أموال ببلايين الدولارات، تابعة للعقيد معمر القذافي وأسرته. بيد أن كيفية التعامل الناجحة، لحد ما، بين سويسرا وأسرة القذافي (وشركاتها متعددة الجنسيات) تفرض على حكومة برن توخي الحذر واللجوء الى مناورات مع الليبيين تتفادى الحاق الأذى بالأنسجة التجارية المشتركة، بين برن وطرابلس الغرب، التي لا يمكن تمزيقها أبداً، في الوقت الحاضر. والا، فان أي اجراءات ستُتخذ سويسرياً، حكومية أم مصرفية، قد تحمل تحت طياتها تداعيات سلبية، غبر قابلة للانعكاس، على السويسريين!


برن: ما زال تجميد أموال القذافي وأسرته ينتظر قرارات هامة من برن، متعلقة بكفية اعادتها الى عهد ما بعد القذافي، لن تصدر على المدى القريب وستكون مرهونة بالمستجدات على الساحة اليبية. من جانبهم، يرى الخبراء السويسريين أن فرع شركة quot;تام أويلquot; (Tamoil) الليبي، هنا، سيلعب دوراً كبيراً في العلاقات مع حكومة طرابلس الغرب، في خلال حكم القذافي أم ما بعد القذافي. اضافة الى وجود مصفاة تكرير النفط، في quot;كولومبيquot;، فان شركة quot;تام أويلquot; الليبية تمتلك حوالي 325 محطة لتوزيع الوقود، في سويسرا، ناهيك من احتضانها أكثر من 1500 موظف سويسري. وبالنسبة لحجم أعمال الفرع السويسري، لهذه الشركة الليبية، أي quot;تام أويل سويسquot; فانه يتخطى يسهولة 2 بليون فرنك سويسري، سنوياً.

يذكر أن شركة quot;تام أويلquot; تابعة للشركة الأم quot;أويل اينفيستquot; (oilinvest) الخاضعة لسيطرة سلطة الاستثمار الليبية (Libyan Investment Authority) المملوكة لأسرة القذافي. ومع أن حكومة برن قررت تجميد أرصدة أسرة القذافي وبعض وزرائه، كما وزير الاقتصاد والتجارة والاستثمار محمد علي الهويج، الا أن سويسرا لن تتجرأ، في الوقت الراهن، على تبني أي خطوة رامية الى تجميد أموال الفرع السويسري لشركة quot;تام أويلquot; الليبية.

في سياق متصل، يشير الخبير الاقتصادي أندرياس بيت الى أن شركة quot;تام أويلquot; شريان تجاري حساس، بين سويسرا وليبيا التي تمثل شريان من شرايين النفط الرئيسية. كما أن التداخل الحاصل بين حصة الأموال الخاصة وتلك الحكومية الليبية، داخل شركة quot;تام أويلquot;، يجعل الاجراءات بحق أسرة القذافي معقدة جداً. مع ذلك، لا يستبعد الخبير بيت أن تقدم حكومة quot;برنquot;، في أسوأ الحالات، على مصادرة أموال quot;تام أويلquot;، في المصارف السويسرية واعادتها فوراً، من دون أي قانون أم طلب استثنائي، الى السلطة المالية الليبية، التابعة لنظام القذافي.

علاوة على ذلك، يشير هذا الخبير الى أن تواجد quot;تام أويلquot; على الأراضي السويسرية لا يمكن لأحد المس به لكونها القلعة التجارية الليبية المحصنة في قلب سويسرا! كما ينوه الخبير بيت أن معمر القذافي أراد بيع جزء كبير من أسهم شركة quot;أويل اينفيستquot;، التي تهيمن على quot;تام أويلquot;، الى شركة (Colony Capital LLC) المالية الأميركية، قبل أكثر من ثلاث سنوات مقابل حوالي 4 بليون دولار أميركي. انما سرعان ما انسحب معمر القذافي من عرض البيع هذا مفضلاً الاحتفاظ بمجوهراته الاستثمارية التي من الصعب أن ينال منها أحد، للآن، لا سيما ان كنا نتكلم عن مصادر الطاقة.