على الرغم من الاستثمار الكبير للدول العربية لتوفير البنية التحتية المتطورة، حيث تم توجيه الاستثمار إلى خدمات البنية التحتية بكافة قطاعاتها، إلا أن الفجوة لا تزال كبيرة من حيث نوعية هذه البنية وكميتها وحجمها، إضافة إلى تحديات التمويل، وضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين دول المنطقة لضمان كفاءة استخدام هذهالاستثمارات. وهنا لا بد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتساهم في الاستثمار في البنية التحتية وتحسين نوعية الخدمات لسد هذه الفجوة.
عمان: يعتبر أمن التزود بالمياه والطاقة تحديًا أساسيًا وحيويًا لمعظم دول المنطقة، نتيجة الزيادة السكانية الحالية ومحاولة هذه الدول تحسين مستوى معيشة المواطنين ضمن سقف توقعات أعلى،إضافة إلى متطلبات بيئة الأعمال المتطورة.
وقالت الدكتورة شمشاد أختار، نائب مجموعة البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا: إن الربيع العربي أثبت أن الشعوب تطالب بتحسين الخدمات العامة والعيش في بيئة مدنية أنظف، ما يوجب تقديم خدمات بنى تحتية تكون أكثر فعالية وأفضل من حيث التصميم. وفي موازاة ذلك، تتعرّض الموازنات الحكومية للضغط فيما يرى القطاع الخاص في التوترات السياسية خطرًا، ما يصعّب تمويل هذه الاستثمارات الضرورية في البنى التحتية. وهذا يفتح الباب أمام مؤسسات التمويل الدولية للمساعدة على التمويل والحدّ من الأخطار التي يواجهها مستثمرو القطاع الخاص.
وأضافت في الاجتماع الذي بدأت فعالياته في العاصمة الأردنية اليوم لإطلاق مشروع وسيلة تمويل البنى التحتية في المنطقة العربية، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتاج إلى استثمار مبلغ يتراوح بين 75 إلى 100 مليار دولار سنويًا للحفاظ على معدّلات النمو التي تحققت في السنوات الأخيرة ولتعزيز التنافسية الاقتصادية. كما وتفيد التقديرات الحالية أن نصف السكان في المنطقة يعانون من شح المياه، بينما يتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من المياه- والذي يبلغ حالياً أقلّ من خُمس المعدّل العالمي- إلى أقلّ من مستوياته الحالية في السنوات الخمسة عشر المقبلة. ومع التنامي الديموغرافي، يتوقع ارتفاع معدّل استهلاك الكهرباء على نحو بارز خلال السنوات القليلة المقبلة ما يتطلّب استثمار مبلغ 30 مليار دولار في السنة لسدّ الحاجات.
وتوافقت المؤسسات المالية الدولية والحكومات في المنطقة العربية على حشد الدعم اللازم لتنمية البنى التحتية، في محاولة لدفع عجلة النمو الاقتصادي قدمًا وتلبية حاجات السكان الذين يتنامى عددهم وتطغى عليهم الفئات الشابة.وينضوي تحت لواء وسيلة تمويل البنى التحتية في المنطقة العربية كلّ من البنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية، والبنك الإسلامي للتنمية بصفتهم المستثمرين الأساسيين المحتملين في حزمة استثمار إقليمية تدعم الاستثمارات في البنى التحتية سواء كانت تقليدية أو مطابقة للشريعة، وتموّل طلبات المساعدة التقنية وتنسيق السياسات.
وقال بيراما سيديبي، نائب رئيس قسم العمليات في البنك الإسلامي للتنميةأن تركز وسيلة تمويل البنى التحتية في المنطقة العربية بصورة أساسية على بعض المشاريع النموذجية التي تكون بمثابة محرّك لاستثمارات مستقبلية، موضحا أن فالبلدان المهتمة بدعم وسيلة تمويل البنى التحتية في المنطقة العربية قد أطلقت حوارًا مع البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية بهدف تحديد المشاريع ذات الأولوية والعمل عليها. وفي الوقت عينه، نمضي قدمًا نحو استقطاب تمويل من القطاع الخاص لمشاريع إقليمية بينما بلغنا أشواطًا متقدمة في مجال تعيين مدير صندوق يتولى مهمة الإشراف على صندوق الاستثمار الذي نحن في صدد إنشائه.
وقد تمحور اليوم الأول من الاجتماع حول نقاشات بين ممثلي الحكومات والمؤسسات المالية الدولية بشأن التحدّيات التي يواجهها مجال تمويل البنى التحتية والدور الذي يمكن وسيلة تمويل البنى التحتية في المنطقة العربية الاضطلاع به لتذليلها. أما اليوم الثاني فقد تطرّق إلى مشاركة القطاع الخاص، وتوفير فرصة للحكومات لكي تعزز المشاريع والسياسات الأساسية في مجال البنى التحتية، وتشارك رؤيتها الاستراتيجية لدور القطاع الخاص في الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مشاريع البنى التحتية، إضافة إلى أخذ آراء ممثلي القطاع الخاص حول الاستثمار في البنى التحتية في المنطقة.
وشهد المؤتمر إطلاق وسيلة مساعدة تقنية لتنمية المشاريع؛ بينما دار نقاش في الوقت نفسه حول آليات التعامل مع القطاع العام التي تؤمن تمويلاً وتغطية للمخاطر السياسية في مشاريع البنى التحتية الاستراتيجية. وجرى الاتفاق خلال الاجتماع على الحاجة إلى إنشاء منتدى إقليمي حول السياسات يهدف إلى تنسيق سياسات البنى التحتية وتعزيز مقاربة للمشاكل المشتركة تحظى بالموافقة الإقليمية.
يشار إلى أن تمويل البنك الدولي لمشاريع البنى التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما فيها الكهرباء، والنقل، والمياه، قد تخطى عتبة المليار دولار سنوياً ويتوقع أن يرتفع أكثر بعد في السنوات المقبلة للمساعدة على سدّ الفجوة التي يعانيها هذا المجال.
وتعدّ وسيلة تمويل البنى التحتية في المنطقة العربية شراكة بين البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والبنك الإسلامي للتنمية. وتشكل مؤسسة متكاملة تهدف إلى تعزيز تنمية البنى التحتية وتشجيع الحوار الإقليمي بين البلدان العربية. وتركز الوسيلة في عملها على برامج البنى التحتية الإقليمية والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وتهدف الوسيلة إلى جمع ما يصل إلى مليار دولار أميركي للتمويلات الجديدة التي من شأنها تعزيز الاستثمارات في البنى التحتية في البلدان العربية ودفع عجلة التمويل لسدّ فجوة التمويل السنوية البالغة 40 مليار دولار. وتهدف وسيلة تمويل البنى التحتية في المنطقة العربية إلى تمويل مشاريع ذات بعد إقليمي، لترسي صلات وصل بين البلدان من جهة وبينها وبين باقي دول العالم من جهة أخرى بغية بناء مسارات التكامل الاقتصادي. إلى ذلك، ستدعم وسيلة تمويل البنى التحتية في المنطقة العربية المشاريع العابرة للحدود الهادفة إلى تحسين التواصل الإقليمي، على غرار شبكات الكهرباء، وسكك الحديد، والطرقات والشبكات البحرية.
وقد تخطى تمويل البنك الدولي لمشاريع البنى التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما فيها الكهرباء، والنقل، والمياه، عتبة المليار دولار سنويًا ويتوقع أن يرتفع أكثر في السنوات المقبلة للمساعدة على سدّ الفجوة التي يعانيها هذا المجال. وخلال السنوات الأربع الماضية، استثمرت مؤسسة التمويل الدولية ما يزيد على مليار دولار أميركي في مشاريع البنى التحتية في المنطقة.
التعليقات