دبي: اشارت أحدث التوقعات العالمية للاستثمار حول الربع الثاني من العام 2011 التي نشرها فريق أبحاث بنك ساراسين، إلى أن الاقتصاد العالمي لايزال على مسار النمو القوي رغم الأزمات.

هذا وسيتم تعويض ارتفاع أسعار النفط بانتعاش أسواق العمل. كما أشار التقرير في إحدى فقراته إلى أنه يجب أن تقود التوقعات الايجابية حول الاقتصاد العالمي إلى ارتفاع أسعار الفائدة خلال الربع الثاني من العام 2011، بالتزامن مع ضغط أسعار سندات الشركات. كما إنه من المتوقع أن تستأنف أسواق الأسهم اتجاهها التصاعدي على خلفية الزخم الايجابي للنمو في البلدان الصناعية.

ويعتقد بنك ساراسين أن الأسهم الأوروبية تتمتع بإمكانيات كبيرة، مع استمرارية ارتفاع الطلب على السلع الأساسية بفضل النمو الإيجابي للاقتصاد العالمي. وبالرغم من ذلك فإنه من المتوقع أيضاً أن يضعف الفرنك السويسري قريباً. في المقابل سوف يثّبت الدولار الانتعاش المحتمل في أقرب وقت وفق إشارات المجلس الاحتياطي الفيدرالي حول وضع حد للسياسة النقدية المسترخية. وعلى الرغم من الشكوك العديدة تبقى شروط الأصول الخطرة إيجابية. في حين سيطرأ تباطؤ قليل على النمو في الأسواق الناشئة ويكتسب قوة دفع تدريجية في البلدان الصناعية.

بعد الفيضانات في أستراليا، والزلزال الذي ضرب نيوزيلندا والعواصف الثلجية في الولايات المتحدة، وسلسلة الكوارث الطبيعية التي بلغت ذروتها في زلزال اليابان الذي أطلق العنان لموجات المد وتسبب في إلحاق ضرر كبير في محطة الطاقة النووية في فوكوشيما، والذي أدى إلى انتشار النشاط الإشعاعي، وبالرغم من ذلك فقد كان لهذه الكوارث الطبيعية المدمرة الحد الأدنى من التأثير على الاقتصاد العالمي بسبب الانتعاش القوي في سوق العمل.

وقد ترجم ذلك بحدوث معدلات نمو قوية، لاسيما في البلدان الصناعية، وأيضاً عندما فتح مجلس الاحتياطي الأميركي بوابات التحفيزات المالية بدأ بتنفيذ السياسات النقدية الجديدة، مما أدى إلى تغير مزاج الصناعة. من ناحية أخرى فإن بلوغ نمو طفيف وتحقيق الاستقرار في أسعار السلع من دون أن يسبب ذلك هبوطًا حادًا في الاقتصاد الصيني تعدّ إحدى أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الصينية. أما في أوروبا فبالرغم من أن الرأي العام يركز أساساً على دول مثل البرتغال وإسبانيا واليونان، إلا أن أوروبا المركزية هي من يحدد قوة النمو. ومن جهة أخرى سيكون أداء الاقتصاد السويسري جيداً، مع استمرار قوة الفرنك السويسري الذي يرجع بشكل جزئي إلى استمرار النمو القوي في الاستهلاك وإزدهار قطاع البناء.

في ضوء تعليقه على التقرير، قال جان أمريت بوزر، رئيس قسم الأبحاث وكبير الاقتصاديين في بنك ساراسين إن quot;قوة هذا الانتعاش بعد ركود لم نشهد مثله منذ 80 عاماً، قد تجاوزت كل التوقعات. ومع ذلك، فقد بات من الواضح وبشكل متزايد أن الاقتصاد العالمي يحتاج أن يوضع على مسار نمو أكثر ثباتاً بعد عام من النمو المندفع. ومع ذلك لا تريد المصارف المركزية في البلدان الصناعية التعرض إلى مزيد من المخاطر لتنأى باقتصادياتها عن أية صدمات جديدةquot;.

من جانبه قال فليب بايراستشي، كبير الاستراتيجيين في بنك ساراسين: quot;اذا استمر التسارع الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا، فإنه من المرجح أن تدفع الحجج المؤيدة لاستثمارات الأسهم بعوامل الخطر الحالي إلى الخلف. ونتوقع إحتمالات إيجابية كبيرة لاسواق الأسهم خلال الأشهر المقبلة. وأي تصويبات من المحتمل أن تكون موجزة والاتجاه التصاعدي في أسواق الأسهم ينبغي أن يستمر، على الأقل حتى فصل الصيفquot;.

الإضطرابات السياسية تحدد التوقعات بالنسبة إلى الخليج
من المفارقات الكبيرة أن تستفيد دول الخليج العربي من الاضطرابات السياسية في شمال أفريقيا. كما إن الارتفاع المستمر في أسعار النفط سيؤدي إلى توليد عائدات إضافية كبيرة لدول الخليج. من ناحية أخرى، فإن أداء قطاع الخدمات سوف يختلف كثيراً، ولا سيما القطاع المالي والسياحي، اللذين أصبحا الدعامة الاقتصادية الثانية لدول الخليج في السنوات الأخيرة. ومن المرجح أيضاً أن تظهر دبي كأنها المستفيد الإقليمي الأكثر من هذه الأزمة. حيث عانت دبي في فترة من الفترات في ظل سنواتالازدهار التجاوزات وانعدام الشفافية المالية في كثير من مشاريعها العقارية الضخمة. هذا فإن إرتفاع أسعار النفط سوف يزيد من الفرص الاقتصادية في دولة الإمارات العربية المتحدة على المدى المتوسط.

تبريد النمو الاقتصادي في جنوب شرق آسيا
من غير المرجح أن يستمر النمو القوي الذي سجل في العام 2010 لاقتصاديات جنوب شرق آسيا في الربعين المقبلين، بحسب تقرير ساراسين. ويتوقع التقرير استمرار ضعف النمو حتى خريف عام 2011 على غرار الصين. وقد زاد التضخم بشكل ملحوظ في العديد من اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية والنفط.

وهذا يفرض على البنوك المركزية في تلك المنطقة وقف سياسة خفض سعر الفائدة التي نفذت خلال العام 2009 و2010. وقد أثرت هذه السياسة سلباً على الاستثمارات التي ارتفعت نسبتها العام الماضي بفضل الانخفاض القياسي في أسعار الفائدة والوفرة العالية في الطلب المكبوت.

وأوضح بنك ساراسين أن الاستهلاك استفاد من الأداء القوي للاقتصاد في السنوات الأخيرة، ومع ذلك، فإن الإرتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وارتفاع أسعار الفائدة خفض القوة الشرائية للمستهلكين. أما عن الصادرات فمن المرجح أن يخفت ضعف الطلب من الصين واليابان جزئياً بالتزامن مع نمو أقوى من المتوقع في اقتصاديات الدول الصناعية الغربية.

احتمال رفع أسعار الفائدة
بصرف النظر عن النفور من المخاطر ورد فعل البنوك المركزية على الإضطرابات في العالم العربي وزلزال اليابان، فإنها سوف تلعب دوراً مهماً في أسواق السندات خلال الربع المقبل. وبناء على ذلك تتوقع المصارف المركزية استمرار ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية ضمن سيناريو متوسط الأجل. في البلدان الصناعية، سوف تركز البنوك المركزية على الارجح على مخاطر التضخم بدلاً من مخاطر النمو. وفي الولايات المتحدة، المخاوف من التضخم يلعب دورًا ثانويًا في الوقت الحالي وفي كل الاحتمالات سوف يستمر البنك الاحتياطي الفيدرالي في التركيز على سوق العمل، والامتناع عن رفع أسعار الفائدة حتى الآن.

ومن المتوقع أن ينتهج البنك المركزي الأوروبي سياسة نقدية أقل توسعية بسبب الصعوبات على الهامش الأوروبي، ومن المتوقع ارتفاع معدلات الفائدة الرئيسة تدريجياً أي بنسة ربع نقطة مئوية فقط في كل ربع سنة. وأيضاً حيث إن الاقتصاد السويسري قوي جداً فلا شيء كان سيقف في طريق البنك الوطني السويسري عندما قام برفع أسعار الفائدة في أول يونيو/حزيران من العام 2011.

تهدئة أسواق صرف العملات الأجنبية
انخفض الدولار الأميركي واليورو والجنيه الاسترليني إلى مستويات قياسية في الأسابيع الأخيرة. وإذا عدل الفيدرالي الأميركي من رسائله حول انتعاش الاقتصاد فإن ذلك سوف يؤدي إلى تعافي الدولار. وقد أثار انخفاض قيمة اليورو، في مارس/آذار، مستوى عاليًا من تجنب المخاطر العالمية، وليس من خلال أزمة الديون الأروبية.

وقد قرر السياسيون الأوروبيون الآن اتخاذ إجراءات ملموسة من أجل حل هذا الوضع، ونتيجة لذلك سيكون أي تصعيد جديد لأزمة الديون أقل بكثير من المحتمل. التطورات المحيطة بالعملة الصينية هي أيضاً مثيرة للاهتمام: فمنذ بداية آذار/مارس، أصبح يمكن لشركات التصدير الصينية تسوية الفاتورة أو التجارة عبر الحدود في العملة الصينية، اليوان. وبالتالي يبدو أن أهمية اليوان في التجارة الخارجية ستزيد في المستقبل، بحسب ساراسين.

وبصفة عامة يرجح التقرير أن تسوى تجاوزات العملة الأجنبية بعض الشيء خلال السنة. في وفي هذه البيئة، سيكون هناك انخفاض في الطلب على عملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري والين الياباني.

إمكانيات الأسهم الأوروبية
استجابت أسواق الأسهم أخيرًا لظهور عوامل الخطر النسبي برباطة جأش، وكانت في اتجاه تصاعدي منذ سبتمبر/أيلول 2010. وقد عكس سوق الأسهم، وبشكل غير متوقع، وله ما يبرره، التوقف الحاد للنمو العالمي (بسب إرتفاع أسعار النفط على سبيل المثال) إضافة إلى انخفاض المؤشرات الرئيسة.

من جهة أخرى فإن الآفاق طويلة الأجل لأسواق الأسهم الناشئة هي أساساً إيجابية للغاية. وعلى الرغم من التقويم غير المكلف، فإن ساراسين ينصح بتوخي الحذر على المدى القصير بسبب تشديد السياسة النقدية في الصين، وكذلك في الهند والبرازيل، الأمر الذي يمكن أن يكون له أثر سلبي على زخم النمو.

أما الاسهم الأوروبية التي يمكن أن تستفيد من هدوء الديون الأوروبية فإن لديها القدرة الأكبر. وفي هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية، من المرجح أن تبلغ الأسهم الدورية مرحلة انتعاش سريع، وتتفوق في السوق خلال الربع الثاني من العام 2011. ومن جهته فإن بنك ساراسين يؤيد قطاعات المواد والطاقة والمالية.

الأسواق الناشئة: ارتفاع أسعار النفط لمصلحة الخليج أكثر من الأسهم الهندية
في حين تراجعت ثقة المستثمرين في الأشهر الأخيرة بسبب الخوف من الاضطرابات السياسية في شمال أفريقيا فإن المستثمرين سوف يتوجهون الى الخليج العربي، لا سيما أن ارتفاع أسعار النفط سيوفر خلفية جيدة للاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي.

وبسبب الوضع السياسي المستقر في دولة الإمارات العربية المتحدة فمن المرجح أن تتجه أنظار المستثمرين نحو دبي. الأمر نفسه ينطبق على قطر والكويت، حيث إن التوترات السياسية لم تظهر بعد، ولذلك فإن ساراسين يعتقد بأن أية انتكاسة في الأسواق ستكون فرصة دخول جيدة للمستثمرين على المدى الطويل. من ناحية أخرى من المحتمل أن ترزح السوق الهندية تحت وطأة تهديد ارتفاع أسعار السلع الأساسية، إضافة إلى أن المخاوف من التضخم لا تزال مرتفعة، ويمكن للنهضة الأخيرة في الأسواق الهندية أن تكون قصيرة الأجل.

كما إنه لايمكن للبنك الاحتياطي الهندي تجنب المزيد من ارتفاع أسعار الفائدة في حال كانت للسيطرة على التضخم وتوقعات التضخم. وبشكل عام سيستمر التباطؤ في النمو الاقتصادي الهندي خلال فصل الصيف مع تشديد السياسة النقدية، وحتى ذلك الحين قد تواصل الأسواق الهندية أداءها دون المستوى المطلوب مقارنة مع غيرها من الأسواق الناشئة. ويوضح التقرير أن الصين وروسيا لا تزالان من الأسواق المحبذة بالنسبة إلى ساراسين خلال العام 2011، حيث إن تقويم الأسواق الروسية لا تزال رخيصة، ومن المرجح أن ترفع زيادة اسعار النفط تقديرات الأرباح بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة.

استمرار الطلب على السلع الأساسية
واصلت أسعار السلع الأساسية اتجاهاتها الإيجابية منذ نهاية العام الماضي ولغاية بداية شهر مارس/آذار، وحافظت على مستوى الطلب وذلك بفضل النمو الاقتصادي العالمي. وحيث من المتوقع أن تحقق الاستثمارات في هذا القطاع عائدات تصل إلى 15 % خلال الأشهر الـ 12 المقبلة على مؤشرات السلع ذات القاعدة العريضة.

كما من الممكن أن لا تصمد المعادن الأساسية أمام عمليات البيع بسبب ارتفاع مستوى العزوف عن المخاطر في الأسواق المالية. ومع ذلك، لاتزال المعادن الأساسية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على النمو الاقتصادي في الصين. وقد خلقت الشكوك العالقة ظروف إيجابية للذهب. مع ذلك فقد تدهورت توقعات المدى الطويل قليلاً بعد أن ألمح البنك المركز الأوروبي إلى رفع أسعار الفائدة.

ومن المتوقع ارتفاع أسعار السلع الزراعية على المدى الطويل. علاوة على ذلك، يمكن أن تستمر أسعار النفط في الارتفاع على خلفية الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط، واغلاق العديد من محطات الطاقة النووية في اليابان وإغلاق المفاعلات النووية في ألمانيا.