تنظم غرفة تجارة وصناعة الشارقة في يوم 24 إبريل الملتقى الرابع عشر لتنمية التجارة البينية بين البلدان الإسلامية.


الشارقة: (المشاريع الصغيرة والمتوسطة: الفرص والتحديات في اقتصاديات الدول الإسلامية) هو الشعار الذي تنظّم على أساسه غرفة تجارة وصناعة الشارقة الملتقى الرابع عشر للقطاع الخاص لتنمية التجارة البينية والاستثمار في المشاريع المشتركة بين البلدان الإسلامية، خلال الفترة من 24-26 من إبريل الجاري، وذلك برعاية كريمة من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

ويتّضح من شعار الملتقى الذي سيعقد في مركز إكسبو للمعارض الأهمية التي تشكّلها المشاريع الصغيرة والمتوسطة على اقتصاد الدول الإسلامية المعنية بهذا الملتقى، وفي هذا الإطار يقول سعادة حسين المحمودي مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة:

quot;إنّ المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي من أنجح أشكال الاستثمار التي برزت في العقود الأخيرة، إذ إنّها استطاعت الصمود أمام أعتى العواصف والزلازل الاقتصادية، وقد منحت أصحابها فرصة الدخول إلى عالم الأعمال والاستثمار بأقلّ التكاليف وبربح مضمون، وهي تعدّ داعماً أساسياً للشركات والمؤسسات الكبرى من خلال منتجاتها، إضافة إلى أنها تسهم إلى درجة كبيرة في الحدّ من البطالة وتأمين فرص عمل للشباب، الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة على الحركة الاقتصادية الوطنية، وهذه المسألة يشهدها عدد كبير من الدول الإسلامية لأنّ جزءاً كبيراً من اقتصادها يعتمد على مشروعات صغيرة ومتوسطةquot;.

ويُجمع خبراء الاقتصاد على أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي مفتاح الطريق إلى تحقيق إصلاحات اقتصادية وتنموية، تدفع بالقدرة التنافسية على المستوى العالمي، ورغم ذلك فإن هذا القطاع يمتلك طاقة كبيرة لا تزال غير مستغلة.

ويواجه القطاع ثلاثة معوقات رئيسة تفسر ضعف أدائه، منها ارتفاع كلفة التمويل وصعوبة الحصول عليه، والكم الكبير من اللوائح المعقدة التي تكبله، إضافة إلى التفاوت الصارخ بين التكاليف المرتفعة التي تتحملها المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مقارنة بالتكاليف التي تتحملها المنشآت الكبيرة، ما يؤدي إلى شل روح المبادرة وتردي الإنتاجية، كما يواجه صعوبة العمليات التسويقية والتوزيعية لارتفاع كلفة هذه العمليات، وافتقارها إلى هيكل إداري، كونها تُدار غالباً من قبل شخص واحد مسؤول إدارياً ومالياً وفنياً.

بذور للمشروعات الكبيرة

تعدّ المشاريع الصغيرة والمتوسطة المصدر الرئيس لتوفير الوظائف في الاقتصاديات المتقدمة والنامية على حد سواء، فهي بذور أساسية للمشروعات الكبيرة، وتعدّ من المجالات الخصبة لتطوير الإبداعات والأفكار الجدية، وقد أضحت محلّ تركيز جهود معظم حكومات الدول، نظراً للدور الكبير الذي تلعبه في زيادة الإنتاج، ومساهمتها الفاعلة في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة الدخل القومي، ودعم الناتج القومي الإجمالي للكثير من الدول، فعلى مستوى العالم منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، ازداد عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة حتى باتت تشكل ما نسبته (90 %) من حجم المشروعات الاقتصادية، وتشغّل ما نسبته (50-60 %) من حجم قوى العمل العالمية، كما باتت تساهم بما لا يقلّ عن (45 %) من الدخل القومي للكثير من الدول، و(50 %) من إجمالي حجم الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول.
وتشير الدراسات التي أجرتها المراكز البحثية إلى أن المشاريع الصغيرة وضعت كأولى الحلول للتخلص من آثار الأزمة المالية العالمية.

وهناك حاجة ماسة إلى تغيير الأنظمة المصرفية لضمان إمداد المشاريع الصغيرة بالتمويل اللازم لتسيير عملها، إضافة إلى ضرورة تعاون القطاعين الخاص والعام للمساعدة في التغلب على التحديات التي تواجه تلك المشاريع.

وتكمن أهمية المشاريع الصغيرة في أنها تمثل الركائز الأولية لنشأة الصناعة لأي دولة، إضافة إلى تميزها بقلة استثماراتها الرأسمالية نسبياً، وارتفاع العائد التشغيلي للاستثمار واعتمادها على المواد الخام المحلية، وقدرتها على تنويع الإنتاج والتكيف مع الظروف والمتغيرات الاقتصادية والاستغلال الأمثل للموارد، لأنها تُدار عادة من قبل القطاع الخاص، ناهيك عن مساهمتها في محاربة الفقر والبطالة، من خلال تدريب وتشغيل الشباب وتوفير فرص عمل جديدة.

كما أنها تساهم بنصيب كبير من القيمة المضافة وتوفير السلع والخدمات بأسعار في متناول اليد لشريحة ضخمة من ذوي الدخل المحدود، وهي وسيلة جيدة لتوجيه المدخرات الصغيرة إلى الاستثمار، وتدعيم التجديد والابتكار، إضافة إلى دورها في تنمية الصادرات.

أمّا في العالم الإسلامي فتتفاوت النسبة من دولة لأخرى، حيث تشكل الصناعات الصغيرة والمتوسطة في الغالب العمود الفقري للقطاع الصناعي بنسبة تقدر بحوالي (85 %) من إجمالي المنشآت الصناعية الموجودة.

وبالرغم من الدور الكبير الذي تلعبه المشاريع الصغيرة في خدمة الاقتصاد، إلا أن هناك بعض المعيقات التي تقف كحجر عثرة أمام سير تقدمها، إضافة إلى تأثرها بالظروف الاقتصادية التي تؤثر عليها تأثيراً كبيراً، وبات من الضروري للكثير من الدول الاهتمام بواقع هذا القطاع وإعطائه الأولوية والدعم.

ومن أجل النهوض بهذا القطاع تضافرت الجهود الحكومية والدولية من أجل دعم هذا القطاع بمستوى مرضٍ نوعاً ما، لتوفير الدعم الكامل لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبرزت دولة الإمارات العربية المتحدة كأكثر دولة إسلامية استقطاباً للاستثمارات الأجنبية في مجالات المشاريع الصغيرة، إضافة إلى تضافر الجهود فيها من أجل الاهتمام بواقع هذا القطاع، من خلال توفير الدعم الحكومي الكامل مع إشراك البنوك في هذه العملية التصحيحية، عبر مشاركتها في تخصيص مبالغ من مخصصاتها من أجل تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

مبادرات دولية وتجارب محلية

تعاني هذه المشاريع الكثير من المصاعب في الحصول على الاستثمارات والخدمات المالية، ومن أجل معالجة هذه الاحتياجات، قدم quot;البنك الدوليquot; ارتباطات مالية أولية بقيمة 100 مليون دولار لبرنامج تسهيلات المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، إلا أن الأمر لا يتعلق بالمال فحسب؛ فالبنوك تحتاج إلى تحسين ممارساتها المتعلقة بإقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإدارة المخاطر، أضف إلى ذلك الحاجة للإصلاحات فيما يتعلق بالسياسات والتشريعات لتمهيد الطريق أمام هذه التعديلات، كما يشمل هذا البرنامج نافذة لتقديم الدعم الفني ممولة من موارد المنح بهدف معالجة تلك الصعوبات مستقبلاً.

وهناك العديد من التجارب الإسلامية في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، منها تجربة منظمة (KOSGEB) وهي وكالة تابعة لوزارة الصناعة والتجارة العامة، التركية، وقد تأسست في 20 أبريل 1990، لتمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة من التكيف مع الابتكارات التكنولوجية، وإعدادها للمنافسة العالمية، من خلال زيادة مساهماتها وفعالياتها.

كما توفّر المنظمة لهذه المشروعات، استشارات ودعم التدريب، تطوير التكنولوجيا ودعم الابتكار، بحوث السوق والتصدير ودعم التنمية، والدعم الدولي والتعاون الإنمائي، كذلك فقد أنشئت وحدات خدمية منتشرة في جميع أنحاء تركيا.

وأيضاً تجربة منظمة (SMEDA) وهي المنظمة الرئيسة في باكستان، التي تقدم الخدمات اللازمة لمساعدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التغلب على نقاط الضعف، وتعمل كهيئة مستقلة تحت مظلة وزارة الصناعة والإنتاج الباكستانية، وتسهم في نمو وتطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في باكستان من خلال: تهيئة وتمكين بيئة تنظيمية مواتية، والعمل على تطوير التجمعات الصناعية، وتوفير خدمات تنمية الأعمال التجارية إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة في جميع مجالات إدارة الأعمال.

كما تعالج المنظمة مشاكل واحتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعمل على تركيز المؤسسات المتجانسة إلى حد كبير داخل منطقة جغرافية معينة، وتتفاعل مع أصحاب المصلحة العاملة في تلك المجموعات على أساس منتظم، وتقوم بجمع معلومات مباشرة عن مشاكلهم واحتياجاتهم.

ومن أبرز المؤسسات العاملة في هذا المجال (مؤسسة عبد اللطيف جميل) التي تعمل على أن يكون التعليم والتدريب في شتى مجالاتهما العلمية والتأهيلية، هو عنوان وشعار عطائها الإنساني تجاه المجتمع السعودي، من أجل مساعدة الأجيال الشابة لتحقيق ما تطمح إليه.

وقامت المؤسسة بتوسيع مجالات الاهتمام بالشرائح التي تبدو مهمشة من قبل المجتمع مثل الأيتام والمساجين، فخصصت لكل منهما برنامجاً يتكفل بتقديم الدعم والمساندة المادية والمعنوية لهم، إلى جانب التعاون مع quot;صندوق الموارد البشريةquot; التابع للحكومة السعودية، لتوفير المزيد من الوظائف وزيادة الدعم أيضاً للمشاريع متناهية الصغر، ومن المتوقع دعم قرابة 20 ألف فرصة عمل في مجال الأسر المنتجة، ودعم حوالي 3500 مشروع صغير.

ويعدّ (بنك التنمية الأفريقي) واحداً من أهم مؤسسات التمويل الإقليمية وأقدرها على تمويل المشاريع الاستثمارية في أفريقيا، فهو يقوم بتمويل مشاريع البنى التحتية والمشاريع الإنتاجية والخدمية، ومنح المساعدات الفنية لإعداد وتنفيذ المشاريع والبرامج التنموية، وإعطاء الاهتمام للمشاريع والبرامج الوطنية والمتعددة الأطراف والتي تعمل علي ترقية التكامل الإقليمي.

ويهتم البنك بترقية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء بالقارة الأفريقية، وتم تأسيسه في عام 1964م وبدأ عمله الفعلي في عام 1966م، ومقر رئاسته في أبيدجان بساحل العاج، وأعضاؤه الـ53 دولة في أفريقيا إضافة لأربع وعشرين دولة في الولايات المتحدة وأوربا وآسيا، ويتم توزيع المساهمات في رأسمال البنك بنسبة: 2/3 لدول القارة الأعضاء و1/3 للدول الأعضاء من خارج القارة.