أودعت محكمة القضاء الإداري دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار في مجلس الدولة برئاسة المستشار حمدي ياسين عكاشة نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة حيثيات حكمها ببطلان عقد بيع 90% من أسهم شركة عمر أفندي إلى شركة أنوال السعودية.


القاهرة: أودعت محكمة القضاء الإداري دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار في مجلس الدولة برئاسة المستشار حمدي ياسين عكاشة نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية كل من المستشارين حاتم محمد داود وتامر عبد الله محمد وحضور المستشار محمد المنصور حيثيات حكمها في عقد بطلان بيع 90% من شركة عمر أفندي إلى شركة أنوال السعودية، التي يرأس مجلس إداراتها المستثمر السعودي جميل القنبيط.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا تكييف الدعوى، وتحديد طلبات الخصوم فيها هو من تصرّف محكمة الموضوع تجريه وفقًا لما هو مقرر، بحيث إنّ القاضي الإداري يهيمن على الدعوى الإدارية، وله فيها دور إيجابي، يحقق من خلاله مبدأ المشروعية وسيادة القانون.

لذلك فإنه يستلخص تكييف الدعوى مما يطرح عليه من أوراق ومستندات ودفاع وطلبات الخصوم فيها، وما يستهدفونه من إقامة الدعوى من دون توقف على حرفية الألفاظ التي تستخدم في إبداء تلك الطلبات ومن دون تحريف فيها أو قضاء بما لم يطلبوا أو يهدفون الى تحقيقه، وأن العبرة دائمًا بالمقاصد والمعاني، وليست بالألفاظ والمباني.

وأضافت أن القرار الذي يصدر من جهة الإدارة بإبرام عقد من العقود يمثل إفصاح الإدارة عن إرادتها بقصد إحداث اثر قانوني وبتحليل العملية القانونية التي تنتهي بإبرام العقد الى الأجزاء المكونة له، ويتضح من القرارات السابقة واللاحقة على العقد كوضع الإدارة لشروط المناقصة أو المزايدة وقرارات لجنة فحص العطاءات وقرارات لجنة البت والقرار بإرساء المناقصة أو المزايدة هي بغير منازع قرارات إدارية منفصلة عن العقد، ومن ثم يجوز الطعن فيها بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة، ويمكن المطالبة بالتعويض عن الأضرار المترتبة عليها إن كان لهذا التعويض محل.

وقالت المحكمة إن تقويم الشركة بأسلوب التدفقات النقدية لم يعبّر عن القيمة الحقيقة للشركة لأسباب عديدة، أبرزها أن التقويم تمت الموافقة عليه بكل من تقرير اللجنة الاقتصادية ولجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب على أساس أنها منشأة مستمرة، بينما أتاحت لجنة التحقق في قرارها للمشتري حق البيع بإضافة قيمة غير حقيقية وغير مبررة قانونيًا أو فنيًا في حالة الرغبة في البيع، مشيرة إلى أنه كان من المتعين على اللجنة أن ترفض تقرير حق المشتري في بيع أي من الأصول، وأن تطلب تقويمًا بأسلوب القيمة السوقية في حالة الاستجابة لتحفظ أو رغبة المستثمر في بيع الأصول والأراضي، على الرغم من مخالفة ذلك كله لقرار اللجنة الوزارية للخصخصة.

وأوضحت أن التقويم بأسلوب التدفقات النقدية قد أظهر القيمة المتبقية بنحو 190 مليون جنيه من دون استبعاد معدل النمو السنوي من معدل الخصم المستخدم، الذي بلغ 10% سنويًا، إضافة إلى أن طريقة التدفقات النقدية لا تصلح لتقويم المنشأة التجارية، والتي تتعاظم فيها قيمة الأصول العقارية، سواء التاريخية أو الحالية، مقابل تضاؤل العائد المحقق منها، ومن تلك المنشأت شركة عمر أفندي، إضافة إلى مخالفة التقويم النهائي للشركة التقويم المعدّ بمعرفة لجنة إعداد التقويم المالي لشركة عمر أفندي.

أما المشكلة فهي في قرار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة، الذي قدر قيمة أصول الشركة بمليار ومائتين وتسعة وثمانين مليون ومائتين وواحد وعشرين الف جنيه، الذي تم تغييره لاحقًا بالتوقيع على تقرير بديل، فضلاً عن تسليم بعض الأصول ملك الشركة والتي كانت خارج نطاق تقويم الشركة المعتمد كأساس لعملية البيع، التي لم تتضمنها كراسة الشروط إلى المشتري من دون وجه حق quot;تبرعًا وهبة من الشركة القابضة الى المستثمر المشتريquot; حسبما جاء في نص الحيثيات، والتي من بينها عقاران في الإسكندرية ومصيف للعاملين ببلطيم.

وأكدت الحيثيات أنه وفقًا للقانون فإنه في حالة إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فإذا كان هذا مستحيلاً، جاز الحكم بتعويض عادل، ذلك لأنه بطلت إجراءات البيع في ظل المخالفات المذكورة، فيصبح العقد المبرم بين الشركة القابضة للتجارة بصفتها مفوضة من وزير الاستثمار الممثل للدولة ومالكة الأموال محلّ البيع وبين جميل القنبيط بشخصه وبصفته الممثل القانوني لشركة أنوال هو الآخر والعدم سواء، ولا ينتج ثمة اثر قانوني عليه بما يستوجب إعادة المتعاقدين الي الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد وتسترد الدولة كل أصول وفروع الشركة وممتلكاتها المسلمة كافة إلى المشتري مطهرة من كل الرهون التي سبق وأن أجراها المشتري وإعادة العاملين الى أوضاعهم السابقة.

مع منحهم كامل مستحقاتهم وحقوقهم عن الفترة منذ إبرام العقد وحتى تاريخ تنفيذ الحكم بكامل أجزائه، على أن يتحمل المشتري وحده كامل الديون والالتزامات التي رتبها خلال فترة نفاذ العقد، وكذا كل الخسائر الناتجة من سوء إدارته وسداد كل المستحقات الضريبية شاملة الضرائب الناشئة خلال فترة نفاد العقد وسداد كل القروض التي حصل عليها من البنوك بضمان العقد، وبطلان بيع المستثمر لنسبة 5% من رأسمال الشركة الى مؤسسة التمويل وما يترتب على ذلك من اثار وبطلان كل ما عسى أن يكون قد أبرمه المستثمر مع الغير من عقود واتفاقات بشأن أي من الحقوق أو الالتزامات الناشئة عن العقد خلال فترة نفاذه شاملة أية اتفقات تتعلق ببيع أو بالوعد ببيع عمر أفندي أو جزء منها للغير في الحال أو المستقبل وتحمل المستثمر لكل أعباء وتكاليف فترة نفاد العقد وسداد قيمة حقوق الإيجار أو الانتفاع بالعقارات والأصول والفروع والمعدات وآلالات وغيرها التي سلمت له دون وجه حق، والتي لم ترد بكراسة الشروط وفي المقابل إجراء المقاصة بين ما أداه المستثمر للدولة من مقابل الصفقة وبين ما حصل عليه وما استحق عليه من أموال أو ديون وحصول كل من طرفي التعاقد على حقوقه الناتجة من المقاصة.

وعن أثر الحكم الماثل على تمنع المستثمر بالحقوق المقررة باتفاق التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني بين حكومتي جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقع في الرياض بتاريخ 13-3-1990 والصادر فيها قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 208 لسنة 1990 فإن ذلك الاتفاق لم يتضمن تحديدًا لأسلوب فضّ المنازعات بين المستثمر والدولة، ومن ثم يكون القضاء هو صاحب الولاية في الفصل في المنازعات الناشئة عن ذلك الاتفاق.

كما إن حكومة جمهورية مصر العربية قد التزمت بكل بنود الاتفاق المشار إليه من التعاون المشترك مع المستثمر الذي أخل بالتزامه في عرضه الفني والمالي، وفي تنفيذ التزاماته العقدية حيال استمراية النشاط وحيال تطويره وتحدثيه وحيال الحفاظ على حقوق العمالة ومزاياها، وما أسفر عنه ذلك الإخلال من خسائر فادحة لم تصب الشركة في محل البيع فحسب، وإنما أصابت الاقتصاد المصري في الصميم وحمل المنشأة بالديون والقروض وباع بغير حق وبغير سند من القانون جاب من حصص الشركة ثم رهن فروع الشركة للبنوك وغيرها، مما يخل بالزاماته، ليس بالعقد المشار إليه فحسب، وإنما باتفاق التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني المبرم بين الحكوميتين المصرية والسعودية، مؤكدة على سقوط الإدعاء بوجود أي سبيل للجوء للتحكيم الدولي، بحيث تظل أمور تصفية آثار عقد بيع شركة عمر أفندي واستحقاقات كل طرف من اختصاص القضاء المصري.

كانت الدعوى التي اقامها المحامي حمدي الفخراني تضامن معه متداخلون علي أنور عطية ومحمد أحمد لبيب وعلي البسيوني ضد رئيس الوزراء ووزير الاستثمار ورئيس مجلس إدارة الشركة القومية للتشيد التعمير ورئيس مجلس إدارة شركة أنوال المتحدة للتجارة بصفتهم، إضافة إلى كل من وزير الدولة لشؤون الآثار ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بصفته وجمال علي زهران وجميل عبد الرحمن محمد القنبيط كخصوم متداخلين لبطلان عقد بيع شركة عمر أفندي، قد حكمت المحكمة فيها يوم السبت الماضي ببطلان عقد البيع الذي نص على بيع 90% من أسهم الشركة الى شركة أنوال السعودية.

وقالت المحكمة في حيثياتها إن الدعوى التي أقامها المدعي في 21-12-2010 وطلب في ختامها بصفة مستعجلة، خصوصًا أن المشتري في صدد بيع هذه الصفقة لعدد آخر من الشركات الأجنبية، وطالب في دعواه أصليًا بوقف تنفيذ قرار إبرام العقد موضوع الدعوى مع شكرة أنوال المتحدة للتجارة وفي الموضوع بإلغاء قرار إرام البيع وبطلان العقد مع ما يترتب من ذلك من اثار واحتياطيًا بوقف تنفيذ قرار تسليم الفروع الزائدة غير الموجودة في كراسة الشروط ولا في محضر التسليم المذكور وفي الموضوع باستعادة هذه الفروع والشاليهات الى الشعب والتي تقدر بمئات الملايين من الجنيهات ومن باب الاحتياط الكلي بفسخ التعاقد موضوع هذه الدعوى مع ما يترتب على ذلك من اثار وذلك نتيجة للمخالفات التي ارتكبها المستثمر الأجنبي جميل القنبيط.

وقال المدعي في دعواه شارحًا إن الشركة القابضة للتشيد والتعمير ممثلة لوزارة الاستثمار باعت بتاريخ 2-11-2006 شركة عمر أفندي لشركة أنوال المتحدة للتجارة المملوكة لجميل بن عبد الرحمن بن محمد القنبيط مقابل مبلغ إجمالي مقداره 590 مليون جنيه، واشتمل البيع على كل فروع عمر أفندي، وعددها 82 فرعًا على مستوى الجمهورية، بما في ذلك فرع أحمد عبد العزيز الذي يقدر ثمنه بحوالي 700 مليون جنيه، وغيره من الفروع الأخرى للشركة الواقعة في أرقى الاماكن في مدن مصر المختلفة، والتي تقدر قيمة الأرض المقامة عليها فقط بما لا يقل عن 4 مليارات جنيه على الاقل.

مشيرًا الى أن عقد البيع خالف قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 ذلك لأنه لم يتقدم للمزايدة التي أعلن عنها لبيع الشركة سوى عطاء وحيد بمبلغ 504 مليون جنيه مقابل شراء كامل أصول الشركة، في حين أن الأصول المطروحة للبيع تمثل 90% من هذه الأصول فقط مع احتفاظ الحكومة المصرية بنسبة 10% منها، حيث جاء السعر المعروض للشراء اقل بكثير من القيمة التقديرية التي قدرتها لجنة التقييم الرسمية بمبلغ مليار وثلاثمائة مليون جنيه، وأقل من القيمة الفعلية للشركة التي لا تقدر بما لا يقل عن مليارين وخمسمئة مليون جنيه، ومن ثم فقد كان يتعين الغاء المزايدة واعادة طرح العملية مرة أخرى.

وطالب المدعي في دعواه من المحكمة فسخ العقد لمخالفة المشتري بنوده وقيامه بتسريح عدد من العاملين يفوق العدد الذي نص عليه العقد، والذي لا يجب أن يتجاوز ستمائة عامل خلال ثلاث سنوات، مع تعويض العامل بمبلغ يعادل مرتب اخر ثلاثة أشهر مضروبًا بعدد سنوات الخدمة، إضافة الى مخالفته الهدف من بيع الشركة، الذي يتمثل في تعظيم الاستفادة الشعبية من هذه الشركة وتنشيط فروعها وزيادة المعروض من السلع وزيادة مبيعاتها بما يؤدي الى زيادة حصيلة الدولة نتيجة لاحتفاظها بنسبة 10% من أصول الشركة، وهو الأمر الذي لم يتحقق مطلقًا بل على العكس من ذلك، فإن من قام بشراء الشركة يطالب الحكومة في الوقت الحالي بمبلغ 130 مليون جنيه يمثل نصيب الدولة في خسائر الشركة.