يؤكد تقرير حديث أن الأحداث العالمية تؤثر على أداء السوق السعودي طيلة العام ورمضان ليس إستثناءً، مشيراً إلى أن الأداء الشامل للسوق يسير وفق النمط التاريخي.

الرياض: نحن على مشارف رمضان رأينا أن الوقت مناسب لتسليط الضوء على أداء سوق الأسهم السعودي خلال الشهر والأسابيع القليلة التي تسبقه والتي تليه. وكنا قد تطرقنا لهذا الموضوع بالتفصيل في تقرير أصدرناه قبل رمضان العام الماضي (استقراء أداء سوق الأسهم خلال رمضان، يوليو 2010)، حيث وجدنا أن أداء السوق الشامل وكل قطاع على حده خلال 2010 جاء بصفة عامة متوافقاً مع النمط التاريخي. ونتيجة للحركة المستمرة للعام الهجري مقابل العام الميلادي فإن النمط المعتاد للتداول خلال الفترة التي تسبق رمضان ربما يتأثر بنتائج الربع الثاني للشركات هذا العام، لكن نرجح تكرار نمط التداول المعتاد خلال رمضان وخلال الفترة التي تليه مباشرة.
يستعرض الجدول في الصفحة التالية حركة مؤشر تاسي خلال رمضان والأسابيع الخمسة التي تسبقه والخمسة التي تليه خلال فترة العشر سنوات بين الأعوام 2000 -2009. ويتضح من الجدول أن المؤشر يتسم بأنماط التداول التالية:
bull; انخفاض خلال الأسبوع السابق لرمضان: نعتقد أن هذا الانخفاض ناتج عن تضافر عاملين هما لجوء بعض المستثمرين لتسييل جزء من محافظهم لاستيفاء منصرفات شهر رمضان الكبيرة ولجوء البعض الآخر لجني الأرباح مستبقين انخفاض أسعار الأسهم خلال رمضان.
bull; تواصل الانخفاض خلال الأسابيع الثلاث الأولى من رمضان: هذا التراجع يعود على الأرجح إلى نفس العوامل التي تؤدي إلى الانخفاض في الفترة السابقة لرمضان وكذلك إلى انصراف المستثمرين عن السوق مع تقدم الشهر، ما يؤدي إلى تراجع حركة السوق وحجم النشاط الاستثماري.
bull; انتعاش السوق خلال الأسبوع الأخير من رمضان: يبدو أن هذا الارتفاع يعكس توقعات المستثمرين لارتداد السوق بعد عطلة العيد.
bull; ارتفاع متواصل في الأسابيع التي تعقب عيد الفطر: يعزى على الأرجح إلى التحسن في ثقة المستثمر نتيجة لعودة التداول وحركة النشاط الاقتصادي عموماً في أعقاب الهدوء خلال رمضان.
ويؤكد العمود الأخير في الجدول أن أداء السوق خلال رمضان 2010 جاء متوافقاً إلى حد كبير مع النمط التاريخي، فقد تراجع المؤشر خلال الأسابيع الثلاث الأولى من الشهر ثم انتعش في الأسبوع الأخير، وسجل ارتفاعاً ملحوظاً في أول أسبوع تداول بعد العيد، متمشياً مع النمط الموسمي، ثم اخذ يتراجع بصورة تدريجية بعد ذلك. لكن ظل المؤشر مستقراً خلال الأسبوع السابق لرمضان عوضاً عن التراجع النمطي المعتاد الذي تكرر في ست من السنوات العشر الماضية.
كذلك جاء أداء القطاعات متوافقاً مع النمط التاريخي. لكن لا تتوفر بيانات تاريخية كافية لتتبع مسار الأداء إلا لأربعة من قطاعات السوق الخمسة عشر، وذلك بسبب إعادة تصنيف قطاعات السوق في منتصف عام 2007. وقد جاء أداء كافة القطاعات الأربع تلك خلال رمضان عام 2010 منسجماً مع متوسط الأداء للسنوات العشر الماضية. وقد ارتفع قطاعا البنوك والاتصالات في رمضان بوتيرة أسرع من متوسط الأداء خلال بقية العام، حيث جاء ارتفاع قطاع البنوك على ما يبدو نتيجة لارتفاع الإنفاق الاستهلاكي الذي يتم تمويله غالباً بالائتمان، بينما يعزى ارتفاع قطاع الاتصالات إلى نشاط حركة المعتمرين الأجانب وبالتالي ارتفاع إيرادات التجوال لشركات الاتصالات. أما ضعف الأداء في قطاع الأسمنت فيعزى غالباً إلى تراجع المبيعات نتيجة الانخفاض الكبير في حركة البناء خلال الشهر بسبب قلة ساعات العمل وتناقص معدل أداء العمال نتيجة الصيام (مما ينعكس على قطاع التشييد والبناء). أما أسباب تراجع قطاع التأمين فليست واضحة.

البنوك والاتصالات ضمن ثلاث قطاعات فاق أداؤها المؤشر الذي ارتفع بواقع 0,7 بالمائة في رمضان الماضي، أما القطاع الثالث، الاستثمار الصناعي، فلم يتأثر أدؤاه كثيراً. من القطاعات الأخرى التي يعتبر تأثرها برمضان منطقياً قطاع الزراعة والأغذية الذي سجل ارتفاعاً من الطبيعي توقعه خلال فترات ذروة استهلاك المواد الغذائية. أداء قطاعي التجزئة والفنادق جاء دون تغيير يذكر رغم أن رمضان فترة يرتفع فيها الإنفاق الاستهلاكي وتبلغ معدلات إشغال غرف الفنادق ذروتها في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ولا نرى سبباً يحول دون تكرار أنماط الأداء الموسمية التي أشرنا إليها أعلاه خلال رمضان القادم الذي يتوقع أن يبدأ في 1 أغسطس. وبما أن التداول في السوق يسيطر عليه المستثمرون الأفراد فإن تغيير نمط الحياة خلال رمضان يؤثر على حركة أسعار الأسهم. ونتوقع أن يتأثر النمط الموسمي خلال السنوات القادمة بتوقيت العطلات المدرسية، ذلك أن توقيت رمضان الذي يتقدم حركة العام الميلادي بصورة مستمرة سيتيح للسعوديين قريباً بدء العطلة الصيفية عقب رمضان وقبل العام الدراسي الجديد ما قد يؤدي إلى التأثير في النشاط المعهود بعد عيد الفطر.
وبالطبع تؤثر الأحداث العالمية على أداء السوق طيلة العام ورمضان ليس استثناءً، كما حدث عندما انهار بنك ليمان برازارز الذي عمّق من الأزمة المالية العالمية عام 2008. هناك عامل مخاطرة يجب أخذه في الاعتبار بالنسبة لرمضان الحالي هو رد فعل الأسواق في حال فشل الحكومة الأمريكية في الوصول إلى اتفاق بشأن رفع سقف ديونها بحلول الثاني من أغسطس، حيث يعني ذلك تعثرها عن سداد ديونها. أما المخاوف بشأن أزمة الديون في منطقة اليورو التي تسببت في تراجع تاسي مؤخراً رغم نتائج الشركات المشجعة في الربع الثاني، فستخف حدتها في المدى القريب بعد الاتفاق على إعادة هيكلة جديدة لديون اليونان. وربما تطغى التحركات الكبيرة في الأسواق العالمية على النمط الموسمي للسوق السعودي خلال رمضان.