مدريد: خلال سنوات الالفين تحولت اسبانيا بفضل انتعاش القطاع العقاري الى فردوس للمهاجرين لكنها اليوم بعد ان تأزم ذلك القطاع في 2008 والازمة الاقتصادية، انقلبت الاية فاصبح الاسبان هم الذين يسلكون طريق الهجرة.وقد كان المهاجرون ومعظمهم من البلدان التي كانت تحتلها اسبانيا سابقا في اميركا اللاتينية، اول من فقدوا عملهم وعادوا الى بلدانهم التي اصبحت اليوم تنعم بنمو كبير.

وتلاهم الاسبان من ذوي الكفاءات بسبب البطالة التي تطال عاملا من اصل اربعة وشابا تقل عمره عن 24 سنة من اصل اثنين، فتوجهوا الى البلدان الاوروبية وكذلك الى البرازيل وفنزويلا.ومن بين هؤلاء المهاجرين مرثيديس مارتين (29 سنة) التي سترحل في كانون الثاني/يناير الى البرازيل على امل تطوير شركتها للتسويق على الانترنت بدلا من البقاء في اسبانيا والبحث عن زبائن غير محتملين.وقالت مرثيديس التي سبق وقامت بزيارات استعداد لذلك البلد quot;انه امر صعب، لان الشركات هنا لا تستثمر. انها تخاف وتقتصد كثيرا في النفقات، وفي البرازيل اظن ان هناك فرصا اكثرquot;.
وفي اشارة الى الحاجات الناجمة عن تحضيرات ذلك البلد لاحتضان كاس العالم لكرة القدم في 2014 والالعاب الاولمبية في 2016، اضافت quot;هناك العديد من فرص العمل، هناك فرص للاشخاص المأهلينquot;.كذلك تستعد كاترين ارنانديث (37 سنة) المولودة في فنزويلا والتي تقيم منذ 12 سنة في جزر الكناري مع والديها المتحدرين من تلك الجزر الاسبانية، الى مغادرة عائلتها في لاس بالماس للعودة الى فنزويلا حيث يتوقع ان يبلغ النمو 5 بالمئة خلال 2012.
وقالت كاترين quot;انا عاطلة عن العملquot; في الكاناري حيث بلغت نسبة البطالة 33 بالمئة وquot;في فنزويلا هناك نمو والكثير من فرص العمل وهي متنوعةquot;.واضافت ان من سخرية القدر انه quot;خلال انتعاش القطاع العقاري في العقد الاخير كان الناس القادمين من اميركا اللاتينية يقابلون باستياء (...) كانوا يظنون ان الفقراء ياخذون عمل الاسبان والان اصبح الذين كانوا يشوهون سمعتهم، في الوضع نفسه وتعين عليهم الرحيلquot;.وتفيد الارقام الرسمية ان 117 الف اسباني غادروا البلاد خلال السنتين الاخيرتين، في معاودة الهجرة التي شهدتها البلاد خلال فترة دكتاتورية فرانكو (1939-1975).
وفي 2011 اصبح عدد المهاجرين الراحلين من اسبانيا اكبر من القادمين اليها.ومما يدل على ذلك مدارس اللغة التي باتت مكتظة مثل معهد غوته الثقافي الالماني في مدريد الذي ارتفع عدد طلابه بخمسين في المئة خلال سنتين.واكد مديره مانفريد ايفل ان quot;منذ شباط/فبراير 2011 سجلنا عددا كبيرا من الطلابquot;. واضاف quot;حوالى 25 بالمئة من طلابنا مهندسون واطباء ومعلوماتيون يبحثون عن عمل ومستقبل في المانياquot;.من جانبه رحل خايمي مورا فرنانديث (21 سنة) وهو رسام صناعي quot;اثر نزوة شخصيةquot; الى انكلترا بحثا عن حظه.وقال quot;اشتريت تذكرتي الثلاثاء ورحلت الاثنين التاليquot; الى ليفربول لان quot;فقط لان الاسم كان يعجبنيquot;.واوضح في اتصال هاتفي quot;خلال اسبوع كنت على ما يرام لكنني عندما وصلت الى هناك فوجدت نفسي وحدي وكان ذلك صعبquot;.لكنه بعد بضعة اسابيع وجد شقة ومدرسة توفر دروسا مجانة بالانكليزية وعملا بسيطا في غسل الاواني لتسديد اجرة مسكنه.وفي مدرسته تسعون بالمئة من الطلاب اسبان وبينهم العديد من حاملي الشهادات، واحد عالم نفساني واخر بيولوجي وثالث مهندس.وخلص الى القول ان quot;الاشق هو ان تترك من تحبه وراءك، العائلة والاصدقاء، لكنه درس في الحياة، انك بعيدا عن البيت وتصنع حياتك وذلك يساعدك كثيرا على النضجquot;.