توقع محللون اقتصاديون أن يحقق الاقتصاد الإماراتي هذا العام نمواً بنسبة 6%، مشيرين إلى أن البنوك في هذا البلد تتعافى، وتلجأ إلى الإقراض من جديد، ودعوا في الوقت عينه المستثمرين إلى عدم شراء أصول في أوروبا وأميركا.


السياحة في الإمارات تنتعش

دبي: توقع خبراء ومحللون اقتصاديون في الإمارات أن يحقق الاقتصاد الإماراتي نموًا كبيرًا في العام الجاري 2012، بنسبة تصل إلى 6%، بسبب ارتفاع أسعار النفط وعودة الانتعاش إلى القطاعات السياحية والعقارية والمصرفية.

موضحين أن البنوك الإماراتية بدأت تتعافى بشكل كبير من آثار الأزمة المالية العالمية، وتعود إلى سياسة الإقراض من جديد، ولكنهم دعوا دول مجلس التعاون الخليجي إلى عدم شراء أي أصول أو ديون، سواء كانت في منطقة اليورو أو في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك حتى لا تتأثر الاقتصادات الخليجية بمشاكل الديون الواقعة حاليًا في أوروبا أو أميركا.

وأكد الخبير والمحلل الاقتصادي حسين العويد لـquot;إيلافquot; أن الاقتصاد الإماراتي سيشهد تحسنًا ونموًا جيدًا في العام الجاري 2012، عمّا كان عليه في العام الماضي، متوقعًا أن ترتفع نسبة هذا النمو إلى 6%في العام الجاري.

وأوضح أن هذا التحسن في أداء الاقتصاد يرجع إلى ارتفاع أسعار النفط ونجاح الدولة في التعافي والخروج تدريجيًا من الأزمة الاقتصادية العالمية، التي عصفت بالعالم في عام 2008.

تحسن القطاع المصرفي

وأشار العويد إلى أن هناك مؤشرات عدةتؤكد نمو الاقتصاد الإماراتي في 2012، ومنها تحقيق البنوك المحلية لأرباح كبيرة، مثل بنك أبوظبي الوطني وبنك الخليج الأول، فضلاً عن تحسن الودائع البنكية وعودة البنوك إلى تقديم تسهيلات للمقترضين من جديد بشكل كبير، بعد سنوات من فرض قيود شديدة على سياسة الإقراض منذ وقوع الأزمة المالية العالمية.

ولفت العويد إلى أن هناك بعض البنوك مازالت تتخوف من إقراض العملاء نتيجة للإقراضات السابقة، التي قامت بها قبل وقوع الأزمة العالمية، وعدم تمكنها من تحصيل تلك النقود أو الفوائد المتربتة عليها، نتيجة عدم قدرة المقترضين، سواء أكانوا أفرادًا أم مؤسسات عقارية أو حتى مصانع على السداد، نتيجة حدوث موجة من الركود الكبير في معظم القطاعات، ومن ثم اضطرار تلك البنوك للدخول في ملاحقات قانونية مع هؤلاء المقترضين.

مضيفًا أن استمرار بعض البنوك في إتباع سياسة عدم الإقراض أدى إلى تكدس خزائنها بالودائع، وفي الوقت نفسه تقوم بدفع فوائد إلى أصحاب تلك الودائع، الأمر الذي يعني أن عدم قيام البنوك بالإقراض سيعود بالسلب عليها، وسيحمّلها خسائر كبيرة جراء تقديم فوائد إلى المودعين من دون توظيف تلك الأموال عبر الإقراض.

وأوضح أن معظم القروض البنكية هي قروض استهلاكية، مثل قروض السيارات والأثاث والسلع والمنازل، وأن البنوك تعتمد في 40% من نشاطها على هذه القروض.

السياحة والصناعة
وأضاف العويد أن من المؤشرات الجيدة الأخرى إلى نمو الاقتصاد الإماراتي، هي

شواطئ الإمارات تجذب السياح

عودة مصانع الدولة إلى العمل بكامل طاقتها الإنتاجية، خاصة مصانع الحديد والأسمنت، وأنه كلما كان هناك طلب كبير على الحديد والأسمنت والمنتجات المصنعة محليًا في الدولة، كلما كان ذلك مؤشرًا كبيرًا إلى قوة الاقتصاد المحلي، والعكس صحيح.

ونوه العويد بأن الوضع السياحي في دولة الإمارات ساعد على تنمية الاقتصاد بقوة، خاصة في إمارة دبي، مبيناً أن الوضع السياحي الإماراتي ممتاز، لأن الربيع العربي ساعد على توافد الكثير من السياح العرب والأجانب إلى الإمارات المستقرة أمنيًا وسياسيًا، والتي تتمتع بشواطئها الحارة والممتعة طوال العام.

ولفت إلى أن الإمارات دولة متنوعة، ويمكنها عبر إماراتها المختلفة تلبية احتياجات كل السياح، سواء أكانت شواطئ جميلة ونقية أم طبيعة خلابة أو حتى مراكز تسوق وألعاب ترفيهية عالمية.

وذكر العويد أن شركة طيران الإمارات كان لها دور مهم ومؤثر في تزايد أعداد السائحين الوافدين إلى دولة الإمارات، عبر أسعارها الجيدة وبرامج الترويج السياحي التي تقوم بها الشركة لإمارة دبي.

ديون منطقة اليورو وأميركا
عن تأثير الأزمة المالية الأوروبية وأزمة الدين الأميركي على الاقتصاد الإماراتي، أكد العويد أنه لا يوجد هناك تأثير سلبي مباشر جراء هاتين الأزمتين على اقتصاد الإمارات بشكل عام، موضحًا أن الأجهزة الاستثمارية الإماراتية، التي تستثمر في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، هي وحدها التي تأثرت بتلك الأزمات.

وذكر على سبيل المثال أن جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يعدّ جهازًا سياديًا تابعًا لإمارة أبوظبي، وليس تابعًا لحكومة دولة الإمارات الاتحادية، قام باستثمار بعض أمواله في دول أوروبية وأميركية عدة،وقد عانى بعض الخسائر جراء ذلك. وقال quot;هذا ما يؤكد أن دول الخليج لم تتأثر بالأزمتين الأميركية والأوروبية بشكل مباشر، إنما التأثير طال فقط بعض الصناديق الاستثمارية فيهاquot;.

ودعا العويد الدول الخليجية إلى عدم شراء أي أصول أوروبية أو أميركية في الفترة الحالية،وأنه يجب الاستثمار فقط في مناطق ودول أخرى في آسيا وأميركا اللاتينية وبريطانيا.

وعن مدى تأثير توجيه ضربة عسكرية إلى إيران على الاقتصاد الإماراتي، قال العويد إنه في حال شنّالحرب على إيران، فإن دول مجلس التعاون الخليجي ستواجه صعوبة بالغة في تصدير النفط، الذي سيكون عليه طلب كبير من قبل أسواق أوروبا وأميركا وآسيا. وبالتالي فإن صعوبة نقل ذلك النفط الخليجي إلى أسواق العالم سيؤثر سلبًا على اقتصادات الدول الخليجية، ولكنه لن يؤدي إلى حدوث كساد كامل لتلك الاقتصادات.

خطط استثمارية وتنموية كبرى
من جهته، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد حسن لـquot;إيلافquot; إنه يتوقع أن ينمو اقتصاد الإماراتبنسبة تتراوح بين 4 و6% في العام الجاري 2012، مبينًا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارات يقدر بنحو 3.3% في عام 2011، وأن النمو المتوقع للعام الجاري يأتي نتيجة الخطط الاستثمارية الكبيرة، التي تقوم الحكومة الاتحادية بتنفيذها في مختلف إمارات الدولة، وتحديدًا في الفجيرة وأبوظبي ودبي ورأس الخيمة.

ولفت الدكتور حسن إلى أن الاضطرابات السياسية التي شهدتها وتشهدها دول منطقة الشرق الأوسط، في ما يعرف بالربيع العربي، عملت على ارتفاع أسعار النفط وإنعاش هذا القطاع في الإمارات، فضلاً عن تعزيز القطاعات الأخرى وإنعاشها في الدولة، خاصة حركة السياحة والطيران وما يترتب عليها من إنعاش القطاعين العقاري والفندقي والتجاري، الأمر الذي سيعمل على زيادة التوقعات لتحقيق الاقتصاد الإماراتي نموًا جيدًا في العام الجاري، ولبضع سنوات مقبلة، إذا استمرت الدولة في اتباع النهج الاستثماري الشامل نفسه،الذي تسير فيه حاليًا.

وأفاد حسن أن البنوك الإماراتية ستعود إلى فتح سياسة الإقراض من جديد أمام العملاء، لافتًا إلى أن بنوك الإمارات بدأت تتعافى من أزمة العقارات، التي أدت إلى ارتفاع أسعار مقايضة الائتمان، ودفعت المقرضين إلى التشدد في الإقراض.

وقال إن اقتصاد الإمارات يعدّ من أكثر الاقتصاديات تنوعًا في الشرق الأوسطمن حيث إنه اقتصاد غير معتمد بشكل كلي على قطاع النفط والمحروقات، إنما تتعدد قطاعاته وموارده.

وأضاف أن نجاح حكومة دبي في عملية إعادة هيكلة لبعض مشاريعها الاستثمارية يؤكد على متانة اقتصاد الإمارة والدولة بشكل عام وفاعلية إستراتيجيتها الاستثمارية التي ترمي إلى تحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.

وأشار حسن إلى أنه يجب على الإمارات وكل دول مجلس التعاون الخليجي أن يبتعدوا تمامًا في الفترة الراهنة عن شراء أي أصول أو ديون أوروبية أو أميركية، وأن يستثمروا أموالهم في الأسواق الأكثر أمانًا واستقرارًا، سواء كانت موجودة في آسيا أو أفريقيا أو أميركا الجنوبية.