الرباط: تواجه حكومة الاسلامي عبد الإله ابن كيران، التي جاءت الى السلطة في المغرب قبل ثمانية أشهر في سياق الربيع العربي، اضطرابات اجتماعية وتراجعا في المؤشرات الاقتصادية للبلاد، وجاءت الشائعات حول صراع داخل التحالف الحكومي ليزيد من مهمتها صعوبة. وفي هذا السياق قرر ابن نكيران، رئيس وزراء المغرب عن حزب العدالة والتنمية عقد اجتماعات عدة هذا الاسبوع مع كبرى النقابات في المملكة.


ومن جانب آخر عقد التحالف الحكومي الجمعة لقاء حول 'الدخول السياسي والاجتماعي'، ركز خلاله الأمناء العامون لأحزاب التحالف الأربعة -ومن بينهم حزبا العدالة والتنمية والاستقلال، على عجز الموازنة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية. ويجد الاسلاميون اليوم أنفسهم، وبعد اقل من عام على تحقيقهم نجاحا تاريخيا في انتخابات تشريعية جاءت بعد اعتماد دستور جديد، مجبرين على ادارة وضعية اقتصادية متدهورة تعاني منها البلاد.


واستطاع المغرب في السنوات الأخيرة تحقيق معدل نمو اجمالي تراوح بين 4' و5'، ما جعل رئيس الحكومة يعلن بنفسه منتصف كانون الثاني/يناير خلال تقديمه برنامج الحكومة للسنوات الخمس المقبلة عن توقع معدل نمو يصل الى 5.5'. لكن تحقيق هذه النسبة من النمو اليوم في المغرب صار مجرد ذكرى، فمنذ فصل الربيع الماضي خفضت المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة حكومية خاصة بالاحصاء والتوقعات) توقعات النمو الى اكثر من نصف المعلن عنه لتصل هذه النسبة الى 2.4'.


والنتيجة المباشرة لذلك، تعدد التخمينات حول نسبة العجز العام، فقد نفى نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية المغربي الجمعة، امكانية ارتفاع العجز الى نسبة 9'، مؤكدا التزام الحكومة بالحد منه ليصل الى 5' (فاق 6' سنة 2011). واعتمدت الحكومة اجراءات للحد من هذا العجز، منها اصدار رئيس الحكومة ابن كيران نهاية آب/اغسطس، منشورا توجيهيا لوزراء حكومته، يدعوهم فيه الى نهج سياسة التقشف والتحكم في النفقات وترشيد استعمالها والرفع من المداخيل والحرص على الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرو اقتصادية.


وقال ابن كيران حول هذه الاجراءات المعلنة لتحقيق أهداف القانون المالي لسنة 2013، ان 'التحضير لهذا القانون يأتي في ظرفية صعبة'، مع استحضاره لمشروع اصلاح نظام المعاشات وصندوق المقاصة، الذي تضمن مساعداته استقرار أسعار السلع الأساسية التي يحتاجها المغاربة. واعلن صندوق النقد الدولي بداية آب/اغسطس عن افتتاح خط ائتماني 'وقائي' بقيمة 6.2 مليار دولار لصالح المغرب لحمايته من 'الصدمات الخارجية'.


وركزت انجر اندرسون، وهي مسؤولة كبيرة في البنك الدولي، خلال تواجدها في الرباط، نهاية الأسبوع الماضي، على مسألة البطالة المتفشية بين الشباب المغربي، والتي تصل الى 30'، حيث قالت انه يجب أخذ هذه المشكلة 'على محمل الجد'.
وتظل مظاهرات الخريجين العاطلين عن العمل، طقسا شبه يومي في الرباط، حيث قارب عددهم ظهر الثلاثاء، نحو الألف جابوا شوارع العاصمة الرئيسية، حسبما أفاد صحافي فرانس برس.


وشهد المغرب خلال فترة الصيف عدة احتجاجات على غلاء المعيشة، وذلك أسابيع قليلة بعد اعلان الحكومة زيادة بنسبة 20' في اسعار المحروقات، ما جعل مؤشر ثقة العائلات المغربية، حسب استطلاع للمندوبية السامية للتخطيط، يتدهور خلال الربع الثاني من 2012 للمرة الثالثة على التوالي.


ويتعين على حكومة ابن كيران ادارة ملفات أخرى حساسة في ظل الأزمة ومن بينها السياحة والتعليم والجهوية الموسعة، لكن الحكومة تراهن على نجاح الحوار الاجتماعي مع النقابات، وعلى لقاءاتها مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب لتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص. ودعا الميلودي مخاريق، أمين عام الاتحاد المغربي للشغل، أحد أكبر نقابات المغرب، في تصريح للصحافة عقب لقاء جمعه بالحكومة الى 'فرض ضريبة على أقلية غنية من المغاربة (5') تنهب ثروات البلاد (79')'، معتبرا ان الأمر لا يتعلق بأزمة بل بسوء تدبير للثروات.


وأكدت مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في مقابلة مع صحيفة ليكونوميست المقربة من الأوساط الاقتصادية، على ان البلاد 'بحاجة الى سياسة اقتصادية واضحة ومتسقة واستباقية'.