رغم مضي أكثر من ثلاثة أعوام على بدء الأزمة المالية العالمية لم تستطع البنوك السعودية التخلص من سياساتها المتحفظة تجاه الإقراض ومخصصات الديون المشكوك في تحصيلها، إذ لا تزال البنوك تحتفظ بمخصصات تغطي أكثر من 100 % من حجم هذه الديون.


لا يزال ارتفاع مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها يضغط على أرباح المصارف السعودية، والتي تصل إلى ضعف حجم هذه الديون، إذ لم تخلُ تصريحات مسؤولي المصارف من الإشارة إلى نسبة هذه المخصصات ونسبة التغطية للديون، فيما تحفظ مسؤولو بعض البنوك تجاه هذه المخصصات وحجمها.

وتلجأ البنوك إلى تجنيب جزء من المخصصات للديون المشكوك في تحصيلها كخط وقائي أخير لتعثر بعض المقترضين لأسباب أو لأخرى، خصوصًا الشركات، التي تم إقراضها، نظرًا إلى ضخامة حجم التمويل، وعادة ما يتم تحويل نسبة من حجم الديون المشكوك في تحصيلها إلى بند الأرباح للربع الأخير من العام.

فقد أشار عبد المحسن الفارس الرئيس التنفيذي لمصرف الإنماء ndash; الذي يعدّ أحدث المصارف السعودية - إلى أن المصرف جنّب مخصصات تغطّي الديون المشكوك في تحصيلها بنسبة تزيد على 200%.

فيما قال الرئيس التنفيذي لبنك البلاد السعودي خالد الجاسر إن نسبة القروض المتعثرة تشكل أقل من 4% من إجمالي محفظة القروض في البنك، وإن مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها تغطّي بالفعل أكثر من 100% من إجمالي القروض المشكوك في تحصيلها، مشيراً إلى أن المخصصات نوعان: الأول مخصصات لتغطية القروض، والثاني احتياطي ومخصصات عامة تغطي إجمالي المحفظة ككل.

وفي البنك السعودي للاستثمار، توقع مدير عام البنك، مساعد المنيفي، تراجع المخصصات في عام 2013، عن النسب التي كانت عليها خلال العام الماضي 2012، والتي بلغت نسبة تغطية القروض المشكوك بتحصيلها حوالى 181%.

ويتضح من تصريحات مسؤولي المصارف أن مخصصات الديون في البنوك السعودية تبلغ أكثر من 100% من مبالغ الديون المشكوك في تحصيلها، في حين كانت قبل بدء الأزمة المالية وانكشاف البنوك على مجموعتي سعد والقصيبي تتراوح بين 50 و100% من مبالغ الديون المشكوك فيها، وتخالف هذه الأرقام توقعات المحللين ومسؤولي المصارف، التي تشير عاماً تلو الآخر إلى تراجعها، فيما لا تزال في مستويات مرتفعة جداً، رغم سياسة البنوك الإقراضية المتحفظة.

ويعود نمو مخصصات الديون المشكوك في تحصيلها إلى العام 2009 إبان ظهور الأزمة المالية العالمية، التي عصفت بالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، مما دفع مؤسسة النقد العربي السعودي إلى حثّ البنوك على تجنيب مخصصات كافية لتغطية الديون المشكوك في تحصيلها لانكشافها على مجموعتي سعد والقصيبي المتعثرتين، إضافة إلى مديونية بعض من كبار العملاء الآخرين، المتوقع أن يكونوا متعثرين مستقبلاً.