تناول الاصدار الثاني والأربعون من تقارير الشال الاقتصادية الأسبوعية مسألة ضرورة السيطرة على النفقات الجارية في الكويت، مشيدًا بموقف وزير المالية الذي أشار إلى ضرورة ترشيد مصروفات الدعم التي تشكل ربع مصروفات الموازنة العامة، مع التأكيد على استحالة استمرار الأوضاع المالية على ما هي عليه اليوم.


الكويت: أكد محللو وحدة البحوث في شركة الشال للاستشارات أن وزير المالية الكويتي، الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح، قال في مقابلة صحفية كلامًا صحيحًا حاولت وكالة الأنباء الكويتية نفيه، من دون شرحه.

فالوزير تحدث عن ضرورة السيطرة على النفقات الجارية، البالغة 85% من اعتمادات الموازنة العامة في دولة تعتمد بنسبة 93% على إيرادات النفط في تمويل ميزانيتها. فسبب استمرار اعتماد الموازنة العامة على النفط هو هيمنة النفقات الجارية على الإنفاق العام، فتعجز الكويت عن تنويع مصادر دخلها، وعن خلق وظائف في سوق العمل. السيطرة على النفقات الجارية توجه صحيح من حيث المبدأ، لأن إمكانات استمرارها مستحيلة، فمن سيدفع ثمن العجز عندما تعجز سوق النفط عن تمويلها؟ إنهم السواد الأعظم من أصحاب الدخول الثابتة.

وأكد التقرير أن ما ذكره الوزير، وهو البدء بترشيد مصروفات الدعم البالغة نحو 5 مليارات دينار، أو نحو ربع مصروفات الموازنة العامة، أيضًا صحيح. فلا معنى لتقديم الدعم لمن يستهلك كهرباء أو ماء بما يعادل 10 أضعاف المعدل العام. ولا بأس بتقديم مكافأة نقدية لمن يستهلك نصف المعدل العام. وما ينسحب على الكهرباء والماء ينسحب على المكونات الأخرى.

الوزير يعرف

المؤكد أن وزير المالية يعرف جيدًا أن الإصلاح الحقيقي يتطلب أكثر من ذلك، لكنه يحتاج إلى بداية. وبحسب التقرير، بدايته في ضبط النفقات الجارية صحيحة، quot;وعليه قريبـًا أن يواجـه بقيـة الحكومـة والنـاس بالإجابة القاطعة نفيًا على استحالة استمرار الأوضاع المالية على ما هي عليه حاليًا، من دون الانتهاء بكارثةquot;.

ويؤكد محللو الشال أنه لا بد من البدء سريعًا بخفض إغراءات الوظيفة الحكومية، بدءًا بأعلاها، حتى لو تطلب الأمر فرض ضريبة تصاعدية بعد مستوى محدد من الرواتب، بدءًا بقطاع النفط الذي خربت كوادره العشوائية مستويات ما عداه من رواتب، ولا بد من ربط المكافأة بالإنتاجية. وذلك ينسحب على الخدمات الأساسية، مثل الصحة، فقد انحازت الحكومات السابقة إلى توفير الوظيفة في القطاع، على حساب المحافظة على حياة الناس، فلم يعد القطاع قادرًا على تقديم الحد الأدنى من الخدمات اللائقة، ومثله التعليم.

ويقول محللو الشال: quot;لقد بدأ وزير المالية البداية الصحيحة، ولو نجح في عدالة توزيع الدعم لصالح مستحقيه والحد من فساده فسوف يجمع رصيدًا طيبًا لمواجهة المشكلات الأكبر. ومهما كان رد الفعل سلبيًا في البداية، لا بد من مواجهة ما لا بد من مواجهته، والتأخير لن يؤدي سوى إلى استحالة الإصلاح، ووقود الفشل هم الناس الأبرياءquot;.

تراجع اقتصادي

وكذلك تناول تقرير الشال، التقرير الدوري لصندوق النقد الدولي حول تقديرات أداء الاقتصاد العالمي، الذي صدر في تشرين الأول (أكتوبر) الحالي. وركز تقرير الشال على أكثر التغييرات أهمية في توقعات الصندوق لنمو الاقتصادات الكبرى في العالم، ثم توقعاته لنمو اقتصادات دول مجلس التعاون.

قال محللو الشال إن توقعات صندوق النقد الدولي استمرت حول نمو الاقتصاد العالمي بالانخفاض في 2013 و2014 لنحو 2.9% و3.6% على التوالي، بعد أن كانت نحو 3.2% و3.8% في تموز (يوليو) الفائت. وسبب هذا الخفض، على غير عادة السنوات ما بعد أزمة 2008، هو خفض توقعات النمو للاقتصادات الناشئة والنامية لنحو 4.5% و5.1%، بعد أن كانت نحو 5% و5.5% في تموز (يوليو).

وكان أكبر هبوط في التوقعات مـن نصيب الاقتصاد الهندي، بخفض بنحو 1.8 نقطة مئوية للعام 2013، ليصبح النمو المتوقع 3.8% فقط. أما الاقتصاد الصيني، فانخفضت توقعات نموه في 2013 و2014 إلى نحو 7.6% و7.3%، بعد أن كانت نحو 7.8% و7.7% في تموز (يوليو)، لكنها جاءت قبل الإعلان عن نمو الاقتصاد الصيني بنحو 7.8%، في الربع الثالث من العام الحالي، ونحو 7.7% للأرباع الثلاثة من العام الجاري، وهو ما قد يرفع توقعات الصندوق مستقبلًا.

لم تتغيّر توقعات نمو الاقتصادات المتقدمة عن تموز (يوليو)، فظلت عند عتبتي 1.2% و2% في 2013 و2014، وهذه إشارة إلى استقرار نسبي متوقع في تلك الاقتصادات، مع التفاوت بين وضع الاقتصاد الأميركي الذي شهد خفضًا طفيفًا في توقعات نموه لتصبح نحو 1.6% و2.6% في 2013 و2014، بينما تحسنت توقعات النمو لمنطقة اليورو ككل، إلا أنها ستستمر في الانكماش في العام 2013 بنحو 0.4%، مقابل نمو بنحو 1% في العام 2014. وحظي الاقتصاد البريطاني بتحسن في التوقعات، من نحو 0.9% و1.5% في 2013 و2014، لنحو 1.4% و1.9%.

الكويتي أخيرًا

وبحسب الشال، بلغت توقعات الصندوق لنمو اقتصادات مجلس التعاون الخليجي في 2013 و2014 نحو 3.7% و4.1%، أي تراجعًا عن معدل 5.2% في 2012. المتوقع أن يأتي الاقتصاد القطري في الترتيب الأول في 2013 بنحو 5.1%، ثم العماني بنحو 5%، ثم البحريني بنحو 4.4%، ثم الإماراتي بنحو 4%، ثم السعودي بنحو 3.6%، فالكويتي، أخيرًا، وبفارق كبير بنحو 0.8%.

وذلك تقدير سلبي لأداء الاقتصاد الكويتي، رغم احتلاله المركز الثاني خليجيًا من حيث معدل النمو الاقتصادي في 2012، حين نما بنحو 6.2%، ما يعني أن أداءَه تخلف خليجيًا إلى المركز الأخير في عام واحد.

وكان الاقتصاد العماني الأكثر تقدمًا من حيث التصنيف، من المركز الرابع في 2012 إلى الثاني في 2013، رغم ارتفاع نموه السنوي لعام 2013 بنحو 0.1 نقطة مئوية فقط، وبالتالي فإن تقدمه يُعزى إلى تراجع نمو الاقتصادات الخليجية الأخـرى، التي كان أكثرها تراجعًا بعد الاقتصاد الكويتي هو الاقتصاد السعودي، الذي تراجع نموه من المركز الثالث خليجيًا بنحو 5.1% في 2012، إلى المركز قبل الأخير.

إلا أن التقرير يتوقع تحسن نمو الاقتصادين الكويتي والسعودي في 2014، ليبلغ نموهما نحو 2.6% و4.4%، إلا أن هذه التوقعات لن تتحقق بدقة بسبب اعتماد الاقتصادين على النفط، فسوق النفط متقلب الأداء.