بقي الاقتصاد المصري الثالث عربيًا بعد السعودية والامارات، بالرغم من المشاكل الكبيرة التي يواجهها والتحديات التي تقف دون انتعاشه. إلا أن خبيرًا قال إن هذا لا يفرح كثيرًا لأنه دليل على تنوع مصادر الإقتصاد وعلى سوء إدارته أيضًا.


القاهرة: بالرغم من الأزمات السياسية والإقتصادية الطاحنة، يصنف معهد التمويل الدولي الإقتصاد المصري ثالث أكبر إقتصاد في العالم العربي، بعد الإقتصادين السعودي والإماراتي.

إلا أن خبيرًا إقتصاديًا يرى ذلك دليلًا على تنوع وكثرة الموارد الإقتصادية المصرية، وسوء إدراتها في الوقت ذاته، لاسيما أن مصر تراجعت في التصنيف الإئتماني إلى المستوى الثاني عشر عالميًا، ما يشير إلى تدهور الإقتصاد المصري. وقال إن الإقتصاد يديره مجموعة من الفاشلين.

السعودية والإمارات في الصدارة

قال التقرير السنوي لمعهد التمويل الدولي بواشنطن إن السعودية حافظت على المركز الأول كأكبر اقتصاد في العالم العربي للعام 2012، بناتج محلي بلغ 640 مليار دولار، بسبب ضخامة إنتاجها النفطي المقدر بنحو 9.8 ملايين برميل يوميًا، وهو من أعلى مستويات إنتاج المملكة منذ نحو 70 سنة.

وأضاف التقرير أن الإمارات حافظت على المركز الثاني، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي الإماراتي 375 مليار دولار، أي ما يعادل 1.37 تريليون درهم، مشيرًا إلى أن الناتج الإماراتي كان بلغ 352 مليار دولار في العام 2011 أي بزيادة 6.5 بالمئة.

وأرجع المعهد هذ النمو إلى ارتفاع أسعار النفط وتزايد الإنفاق الحكومي وتنوع الاقتصاد وارتفاع وتيرة استثمارات القطاع الخاص، متوقعًا أن يصل الناتج المحلي الإماراتي إلى 395 مليار دولار في العام 2013، وإلى 410 مليارات دولار خلال العام 2014.

فوائض نفطية

وقال المعهد، الذي يتخذ من واشنطن بالولايات المتحدة مقرًا له، إن الإقتصاد المصري يحتل المرتبة الثالثة للعام العاشر على التوالي، مشيرًا إلى أن إجمالي الناتج المصري بلغ 257 مليار دولار العام الماضي. وأرجع ذلك إلى تنوع مصادر الدخل المصري.

ولفت المعهد إلى أن الجزائر جاءت في المركز الرابع بنحو 197 مليار دولار. وحلت دولة قطر في المركز الخامس بقيمة 182 مليار دولار، وحلت الكويت في المركز السادس بإجمالي ناتج محلي 178 مليار دولار.

ولفت المعهد إلى أن زيادة معدلات النمو بدول الخليج في العام 2012 نتجت من زيادة انتاج النفط في معظم الدول المنتجة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باستثناء ايران نظرًا للعقوبات المفروضة عليها، مستبعدًا أن تتأثر تلك الدول بانخفاض اسعار النفط لبضع سنوات بالنظر إلى الفوائض المالية التي يمكن استخدامها لاستمرار الاتجاهات الحالية للإنفاق الحكومي.

إدارة فاشلة

وقال الدكتور عادل عامر،رئيس مركز المصريين للدراسات الإقتصادية والإجتماعية، إن تقرير معهد التمويل الدولي ليس دليلًا على قوة الإقتصاد المصري، quot;لكنه دليل على تنوع مصادره، وسوء إدارة الدولة لتلك المصادر الضخمة، وتأكيد على أن الإقتصاد المصري يديره مجموعة من الفاشلينquot;.

وأضاف عامر لـquot;إيلافquot;: quot;هناك تنوع كبير في مصادر الدخل القومي المصري، ومنها قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج والصادرات الزراعية والصناعية والإستثمارات المصرية بالخارجquot;.

ولفت إلى أن التخبط السياسي ونقص الخبرات يساهم في سوء إدارة تلك الموارد بالشكل الرشيد، وبما يساهم في تنشيطها وتضاعفها، مشيرا إلى أن إقتصادات الدول الخليجية والجزائر تعتمد بالأساس على تصدير النفط الخام، ولا تمتلك التنوع الإقتصادي المصري، ما يعطي مصر ميزة إضافية، لو أحسنت السلطة إستغلالها لحصدت تفوقًا على جميع الإقتصادات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

آمنة من الإفلاس

يرى عامر أن تقرير معهد التمويل الدولي بمثابة شهادة جديدة للإقتصاد المصري، تؤكد أنه ما زال في المناطق الآمنة من الإفلاس، منوهًا بأن ذلك لا يجب أن يترك السلطات للوقوع في التكاسل عن العمل من أجل تنميتها، لاسيما أن تقرير التصنيف الإئتماني جعلت مصر في مراكز متأخرة، ما يصعب عليها إستيراد المنتجات الضرورية.

وأوضح أن تراجع التصنيف الإئتماني للإقتصاد المصري يسبب للدولة مشاكل عديدة، كأزمة السولار مثلًا. وأضاف أن دولًا مثل الجزائر رفضت طلب مصر إستيراد السولار منها بسبب عدم قدرة مصر على السداد بالآجل، فطلبت الدفع مقدمًا.

ويستبعد عامر إفلاس مصر، وقال: quot;الإقتصاد المصري ما زال آمنًا، ومصر ما زالت قادرة على سداد أقساط القروض المستحقة عليها، وعلى سداد رواتب العاملين في الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة والشرطة والجهاز الإداري للدولةquot;، لكنه شدد على ضرورة إستغلال السلطة الحالية جميع الإمكانيات والبحث عن الخبرات من أجل توظيفها بشكل جيد لإدارة الموارد الضخمة للإقتصاد المصري.